رافاييل دو سوبركاز*
انخرطت فرنسا بإجراء مراجعة لبرنامج امتلاك طائرات دون طيار من نوع هيرون تي بي(Heron TP) في حين يبدو أنّ واشنطن تبدو مصمّمة على تسهيل عملية تصدير النسخة المسلّحة من الطائرة دون طيار بريداتور بي/ أم كيو9 ريبر (Predator B/MQ9 Reaper) من إنتاج شركة جنرال أَتوميكس (General Atomics).
انخرطت فرنسا بإجراء مراجعة لبرنامج امتلاك طائرات دون طيار من نوع هيرون تي بي(Heron TP) في حين يبدو أنّ واشنطن تبدو مصمّمة على تسهيل عملية تصدير النسخة المسلّحة من الطائرة دون طيار بريداتور بي/ أم كيو9 ريبر (Predator B/MQ9 Reaper) من إنتاج شركة جنرال أَتوميكس (General Atomics).
فقد أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان في 30
أيار/مايو أنّه ينوي "بدون انزعاج وبكل واقعية" تصحيح عملية امتلاك الطائرات دون
طيار المستقبلية من نوع MALE التي تحلق على ارتفاع متوسط وتصمد طويلاً في الجو، كما
أعلن عن قرار يصدر في هذا الشان "قبل 14 تموز/يوليو."
ومن شأن هذا القرار أن يعيد بجدية طرح مسألة العملية
التي التزم بها سلفه، الذي أوكل إلى شركة داسو للطيران (Dassault Aviation) عملية
"فَرنَسة" الطائرة دون طيار هيرون تي بي التي تقوم بتصنيعها شركة صناعة الجوفضاء
الإسرائيلية (IAI). مع العلم أنّه كان من المتوقع ان تدخل هذه الطائرة الخدمة في
العام 2014، وستحل في النهاية محل الطائرات الأربع بدون طيار هارفانغ (Harfang)،
المطورة هي الأخرى من الطائرة دون طيار هيرون من شركة IAI، والموضوعة في الخدمة منذ
العام 2008 من قبل أسطول بلفور 1/33 في مركزه في القاعدة الجوية 709 في كونياك.
ففي تموز/يوليو 2011، وقع خيار وزير الدفاع الفرنسي
السابق، جيرار لونغي، على الطائرة دون طيار هيرون تي بي، التي عرضها فريق داسو و
IAI. لكن هذا الخيار طالما شكّل موضوع انتقادات موجّهة من المسؤولين والعسكريين
الفرنسيين على السواء. فالعديد من المسؤولين في هيئة أركان سلاح الجو الفرنسي قد
أعربوا عن الرغبة باقتناء الطائرة دون طيار MQ-9 Reaper التي تعتبر ملائمة بشكل
أكبر للاستخدام، وأدنى كلفة ومبرهنة قتالياً.
وفي وقت قصير قبل صدور القرار الوزاري، أعربت هيئة
الأركان في سلاح الجو الفرنسي مجدداً عن رغبتها بأن تكون الطائرة المستقبلية هذه
مجهّزة بالأسلحة، وهذا الأمر لا يبدو محتملاً بالنسبة لطائرة هيرون تي بي على المدى
القريب.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2011، شكّل تمويل
البرنامج موضوع نقاش حاد في البرلمان الفرنسي. فقد ردّ أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي
قرار تمويل طائرات هيرون تي بي ولم يصوّتوا سوى على دفع الأموال اللازمة لشراء
طائرة بريداتور ب (Predator B) نظراً لأنّ وزارة الدفاع اعتبرت أنّ عملية شراء
هيرون تي بي "غير مشجّعة على مستوى الكلفة، ومشكوك فيها على المستوى العسكري،
ومجازف بها على المستوى الصناعي".
هذا وقد أشار النواب الفرنسيون أيضاً إلى أنّه وعلى
قاعدة عرض مطابق (7 نظم طائرات دون طيار ومحطتَين أرضيّتَين) فإنّ عرض طائرة MQ-9
Reaper يبلغ قيمة 209 مليون يورو مقابل 318 مليون يورو لعرض طائرات هيرون تي بي
(وتصل هذه التكلفة إلى 370 مليون يورو مع "فَرنَسة" أجهزة الاستقبال وروابط الأقمار
الاصطناعية). ومع تقدير كلفة التعديلات التي تجريها شركة EADS في حال امتلاك طائرات
Reaper بـ 88 مليون يورو، ما مجموعه 297 مليون يورو.
واعترف جيرار لونغي أمام النواب أنّ خيار طائرة هيرون
تي بي الأعلى كلفة بنسبة 30 بالمئة وأقل فعالية بنسبة 20 بالمئة من طائرة MQ-9 يعود
إلى قضايا "السيادة الوطنية" وخلق قطاع صناعي وطني في هذا المجال. لكن هذه الحجة
رفضها المعارضون لطائرة هيرون تي بي، وأشاروا إلى أنّ فرنسا قد تلقّت في مناسبتَين
نظامَي طائرات دون طيار من الشركة الإسرائيلية IAI وهما هانتر Hunter)) في العام
1997 ثم هيرون/هارفنغ في العام 2001 التي قامت شركة EADS "بفرنَستها" بدون تطوير أي
قطاع وطني.
تغذّت هذه الممانعات بسرعة بسبب خيبات الأمل التي
سببها تطوير طائرة هيرون تي بي، حيث أن البرنامج قد واجه عوائق كبيرة متعلّقة
بصعوبات في مجال تطوير رابط القمر الصناعي الخاص بالطائرة، وكلفة تكييف نظام هيرون
تي بي للاستخدام العسكري الفرنسي التي ارتفعت كثيراً بحسب مصدر قريب إلى الملف.
من جهة ثانية يقدر العديد من نقاد برنامج هيرون تي بي
أنّ هذا الأخير لا يلبي حاجات سلاح الجو الفرنسي. فالطائرة دون طيّار هذه تُعدّ
"بطيئة وضعيفة تجاه الأحوال الجوية المتدهورة"، ولم يتم حتى الساعة تطويرها
لتحويلها إلى طائرة مسلحة، ولن تتمكّن أبداً من حمل سلاح متعدّد الوظائف بسبب
تصميمها، حسبما تذكره مصادر متعددة.
بالإضافة إلى ذلك فقد أشار متخصصون فرنسيّون عند
اختيار المركبة إلى أنّه لم يتمّ تصنيع سوى عشر طائرات هيرون تي بي، ويبدو أنها
ليست "ناضجة" على المستوى التقني، مّما قد يكلّف مبالغ إضافية لتطويرها. كما تجدر
الإشارة إلى أنه تم الكشف منذ بضعة أشهر ن مخاوف تتعلّق باعتمادية هذه الطائرة، ففي
الواقع ما زال أسطول طائرات هيرون تي بي الإسرائيلية جاثماً على الأرض منذ تحطّم
إحدى هذه الطائرات خلال جولة تجريبية في كانون الثاني/يناير.
في هذا الإطار تقدّر بعض المصادر الفرنسية أنّه من
الممكن أن يقرّر وزير الدفاع الجديد أن يكون القرار لصالح طائرة MQ-9 Reaper التي
سبق واعتمدتها القوات الجوية البريطانية والإيطالية، الأمر الذي يشكّل حلاً أقل
كلفة، يلبي رغبات الجيش الفرنسي ويسمح بالتعاونٍ والارتباط مع القوات المسلحة
الأوروبية الأخرى. ومن الممكن أن يكون هذا الحل متوافراً في غضون فترات زمنية تسمح
بتفادي "ثغرات على مستوى قدرات" القوات المسلحة الفرنسية، أي مع نهاية العام
2013.
هذا الحلّ يعتبر ملائماً لدرجة أنّه خلال الأيام
السابقة فتحت واشنطن باب تصدير النسخة المسلحة من طائرة MQ-9 Reaper، والتي لم يتم
حتى اليوم بيعها سوى لسلاح الجو الملكي البريطاني. ومنذ بضعة أسابيع تمّ تقديم طلب
تصريح للكونغرس الأميركي يتعلّق بعملية بيع نظم تسمح بمنح قدرات تسليح جو-أرض
لطائرات Reaper الستة التابعة لسلاح الجو الإيطالي. ويعتبر نقل القدرات لبلد أوروبي
بمثابة دعوة لباريس التي تستطيع أن تستفيد أيضاً من المرونة الأميركية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق