12‏/07‏/2012

عناصر "موساد" في ايران ليسوا ايرانيين بل اسرائيليين

صورة غلاف الكتاب الجديد عن عمليات "موساد" في ايران

نشرت قناة "سي بي اس" الاخبارية الاميركية تقريرا حول كتاب يشرح تفاصيل جديدة بشأن المناهج العملياتية التي يستخدمها جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (موساد) وذلك خلافا لما هو معهود لدى المؤسسات الاستخباراتية. ويتحدث التقرير عن كتاب "جواسيس ضد آرماغيدون: ما وراء الحروب السرية لإسرائيل" لمؤلفيه "دن راويو" مراسل شبكة "سي بي اس" الاميركية والصحافي الاسرائيلي "يوسي ملمان".

وجاء في التقرير: "ادعى العديد من الناس في تقارير مختلفة ان وكالة الاستخبارات الخارجية الاسرائيلية (موساد) توظف المعارضين الايرانيين للجمهورية الاسلامية من اجل القيام بعمليات تخريبية واغتيالات في داخل الاراضي الايرانية.

غير ان التدقيق في اكثر من خمسين عاما من اغتيالات "موساد" وكذلك احاديث العناصر السابقة والحالية لهذه المؤسسة في الدول الصديقة لإسرائيل يؤكد ان العناصر التنفيذية لمشاريع الاغتيالات في ايران هم من الجنسية الاسرائيلية.

توجد وحدة في منظمة "موساد" اسمها "كيدون" – وتعني بالعبرية "الرمح" – خططت خلال الاعوام الماضية لمناهج حصرية من اجل تنفيذ عمليات تسلل الى البلدان العدوة واغتيال اعداء اسرائيل من دون ان يبقى اي موطئ قدم لها.

ومعروف ان لدى "موساد" طاقات لغوية لا يمكن مقارنتها باي مؤسسة اخرى، اذ تعزو "موساد" قسما من هذا التفوق الى المواطنين الاسرائيليين الذين هاجرت عائلاتهم من الدول العربية اللسان او الفارسية اللسان الى اسرائيل. وقد تمكنت العناصر الاسرائيلية حتى الان من استخدام جوازات الدول الاخرى لزيارة ايران وهي جوازات اعدها المزورون المحترفون في "موساد" او بواسطة القليل من التغيير في صورة صاحب الجواز الاصلي.

قراءة هذا الكتاب والمصادر الاخرى تظهر ان وحدة "كيدون"، وحدة متخصصة الى حد ان مقرها، خلافا لاقسام "موساد" الاخرى لا تقع في المبنى الرئيسي لـ"موساد". ولم يتردد مقاتلو "كيدون" الذين اختاروا اسم "الفريق" لانفسهم على مبنى "موساد" الرئيسي الا نادراً. ويستخدم العاملون في وحدة "كيدون" الاسم الحركي اذا لزم الامر من اجل الاتصال بوحدات اخرى. كما انهم يستخدمون اسماء ثالثة واحيانا رابعة وخامسة خلال العمليات.

ويشمل تدريب عناصر "موساد" الخاصة كل الدورات الضرورية للقيام بعمليات استخبارية: المراقبة، والهروب من المراقبة، ومتابعة الموضوع وتخزين كل المعلومات في الحافظة. لهؤلاء مهارة فائقة في حفظ الرموز وايجاد ارتباط آمن دون اثارة اي شبهات.

بما ان منتسبي وحدة "كيدون" هم نور عين "موساد"، فان رئيس "موساد" هو الذي يختار عادة رجالها ونساءها من اجل القيام بمهمات خطيرة تشمل ايضا عمليات معقدة لتجميع المعلومات تتطلب خبرات ذات مستوى عال ومهارات مختلفة.

رغم النجاحات التكتيكية لـ"موساد" خلال الاعوام الاخيرة في ايران، يعلم "موساد" جيدا وعلى رأس هرمه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ان اغتيال العلماء النوويين والضباط العسكريين الايرانيين لن يوقف برنامج التسلح النووي في البلاد. غير ان اي تأخير في العمل النووي الايراني يعد انجازا لإسرائيل. فالتفكير الاستراتيجي لإسرائيل – والذي نفذته في مصر وسورية والعراق ومناطق اخرى – مبني على مبدأ يقول ان الاخلال الموقت في المشاريع الخطيرة للاعداء تستحق المخاطرة بتطبيق مثل هذه المهمات.

يقول مئير داغان الرئيس السابق لـ"موساد" خلال فترة 2002 – 2012 انه مرتاح جدا ازاء "نظافة" تنفيذ المهمات العملياتية في ايران: لا رأس خيط، ولا موطئ قدم، اذ لم يبق في المكان حتى دراجة نارية. وفي مثل هذه الحالة لم تتمكن السلطات الايرانية في خضم البحث عن القائم او القائمين بهذه الحملات التي تمت في وضح النهار وفي قلب العاصمة الايرانية، الا من الاكتفاء بالتخمين.

وقد كسر داغان، الذي تقاعد منذ فترة، الصمت اخيراً، وتحدث في آذار (مارس) الماضي مع برنامج "60 دقيقة" لقناة "سي بي اس"، معارضا اي هجوم عسكري اسرائيلي ضد ايران. ويرى الرئيس السابق لـ"موساد" ان العمليات الانتقامية المحتملة من ايران وعواملها في المنطقة يمكن ان تؤدي الى توقف المسار الطبيعي للحياة في اسرائيل.

مئير داغان يعتقد ايضا ان مثل هذه الحملة ستؤدي الى التفاف معظم الايرانيين حول النظام الحالي وتمنح العلماء والمهندسين الايرانيين دليلا اضافيا لتسريع العمليات السرية للعملية النووية في ايران. لب كلام الرئيس المتقاعد لـ"موساد" يكمن في نصيحته للسلطات الاسرائيلية بان هناك خيارات عديدة بديلة يمكن القيام من خلالها بتعطيل البرنامج النووي الايراني: عمليات التخريب، والاغتيالات وكذلك اسلحة جديدة اسمها "الاسلحة السبرانية". وتعد جرثومة "ستكسنت" التي عطلت حاسوبات المختبرات النووية الايرانية، صناعة مشتركة لوكالتي الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية.

وفيما ينظر رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الى العقوبات الاقتصادية الدولية بعين الريبة والشك، يعتقد داغان ومسؤولون اخرون في الاستخبارات الاسرائيلية، سابقون وحاليون، ان العقوبات كانت فاعلة وتُعد عاملا مهما في التأثير على تفكير رجال الدين الحاكمين في ايران.

وفرضت الدول الاوروبية قبل اسبوع حظراً على النفط الايراني. ومن المحتمل جدا ان تتصاعد التوترات في الشرق الاوسط، وفي الواقع من غير الممكن التكهن بزمان – او كيفية – حل الازمة الايرانية، لكن الامر المحتمل جدا هو هذا التصور الذي يفيد بان "موساد" ووحدته الفوق سرية، اي ال "كيدون"، ستلعب دورا ما في الوصول الى الحل النهائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق