كشفت صحيفة "الجمهورية" عن مذكّرة سرّية صادرة عن السفارة الأميركيّة في بيروت في 16 أيّار 2008 نشرها موقع "ويكيليكس"، وفيها قراءة المسؤولين في السفارة للأحداث المسلّحة التي قادها حزب الله نتيجة معارضته بعض قرارت الحكومة في 7 أيار، لتشير إلى أنّ البعثة الدبلوماسية الأميركيّة رأت أنّ كلّا من الحكومة اللبنانية وحزب الله قد مُني بالخسارة بعد أسبوع من المواجهات، ولكن الحكومة خسرت أكثر من الحزب الذي بات في إمكانه دخول المفاوضات من منطلق الرابح الأكبر.
وأوضحت أنّ الحكومة التي شهدت على قدرات حزب الله، ستخطو على الأرجح بحَذر في قراراتها المستقبلية، وكذلك الجيش اللبناني الذي تمّ ترهيبه في شكل كبير، مشيرة الى أنّه لن يقدم على مواجهة الحزب في المستقبل المنظور. ومع ذلك، أفادت المذكّرة أنّ حزب الله لعب ورقته الوحيدة، لافتة الى أنه، عبر احتلال وسط بيروت ومناطق من الشوف وإقدامه على إثارة العنف الذي أدّى إلى مقتل عشرات المواطنين، تجاوز حدوده في لعب هذه الورقة. وقالت إنّ الغضب الشعبي سيقع على كاهل الحزب متى اختار معاودة الكرّة. أضف إلى ذلك أنّ الحوار الوطني هو فرصة للطرفين كي يتراجعا ويُمعنا النظر في أيّ خطوات مستقبليّة.
وتجدر الإشارة الى أنّ حزب الله حقّق أهدافه المباشرة خلال المواجهات، والتي تمثّلت في إرغام الحكومة على إبطال مفعول القرارات المتخذّة في 5 أيّار والمتمثلة في نقل رئيس جهاز أمن المطار وملفّ شبكة الألياف البصرية الخاصة بالحزب، نتيجة اكتشاف كاميرا مراقبة تابعة له في مطار بيروت الدولي. غير أنّ هذا الانتصار جاء على حساب فضح نوايا حزب الله الحقيقية، أي "السيطرة السياسية على البلاد"، وأدّت في الوقت نفسه الى تقويض مصداقية مزاعمه القائلة إنه يقتني السلاح فقط لضرورات "المقاومة" ضدّ إسرائيل.
وبحسب المذكرة، فبعدما أدرك الحزب مدى تماديه في آخر مواجهات، فمن المرجّح أن تتمثّل خطوته التالية في حفظ ماء الوجه عبر الظهور كمن يلعب الدور البنّاء في الدوحة، على أن يترك، كالمعتاد، دور "المفسد" لحليف قوى 8 آذار، رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون.
وأضافت أنّ عون يفرح بلعب هذا الدور من أجل الإبقاء على توقّعاته الخاصة في منصب رئاسة الجمهورية حيّة ، أمّا خياراته الكثيرة في هذا الخصوص، والتي استخدمها في شكل مكثّف في الماضي لعرقلة كلّ الجهود الرامية الى إيجاد توافق وحلول فتتمثّل كالآتي:
1-الإصرار على التوصّل الى اتفاق مسبق في شأن المناصب الوزارية.
2-الإصرار على أقلّية معطّلة.
3-الإصرار على قانون انتخاب يخدم مصلحة فريقه.
وباستخدامه القطريين كواجهة، من المرجّح أن يضغط حزب الله من أجل حكومة 10-10-10 كنقطة بداية للمحادثات وهو يعلم جيّدا أنّ سعد الحريري وميشال عون لن يقبلا هذه المعادلة.
وأبعد من ذلك، بينما يلعب حزب الله دور المحاور البنّاء، فإنّ جدول أعماله الخاص يتمثّل في المحافظة على مصالحه الخاصة:
1-عدم وضع مسألة السلاح ضمن جدول محادثات الدوحة، وعوضا عن ذلك حصر النقاش في تشكيل الحكومة وقانون الانتخاب.
2-ضمان الحصول على الأقلّية المعطلة للتأكّد من أنّ الحكومة اللبنانية ستكون عاجزة عن اتّخاذ قرارات قد تعرّض سلاح حزب الله أو أجهزة أمنه للخطر.
3-إبقاء التركيز الدولي على مجريات محادثات الدوحة، من أجل كبح أيّ قرار قد يصدر عن الأمم المتحدة بحق سلاح الحزب.
وفي ظلّ كلّ ذلك، من المؤكّد أنّ حزب الله سيتقرّب من قائد الجيش العماد ميشال سليمان للتأكّد من أنّه عند انتخابه، لن يهاجم سلاح الحزب. وإذا شعر حزب الله في أيّ لحظة بأنّ سلاحه معرّض للخطر، فمن غير المفاجىء أن نشهد نوعا من الاستفزاز تجاه إسرائيل، سواء كان ذلك منسوبا إلى حزب الله أم لا، من أجل إثارة ردّ فعل إسرائيلي كفيل في إبقاء حزب الله في منزلة "المقاومة" وفضح عجز الجيش اللبناني.
وأشارت المذكّرة الى أنّ إيران تدير أهداف حزب الله الاستراتيجية الطويلة الأمد أكثر من سوريا، والرامية في نهاية المطاف الى تأمين هيمنة سياسية كاملة على لبنان. وتنطوي هذه الاستراتيجية على تعطيل الحوار الوطني إذا ما بدا أنه يجبر الحزب على التنازل، أو استغلاله كتقنية مماطلة من أجل تمرير الوقت الى حين تحوّل التيارات المحلية والإقليمية والدولية في مصلحة حزب الله. كما أنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية تؤدّي دورا كبيرا في هذه الاستراتيجية، بما أنّ إيران وسوريا وحزب الله يعتمدون على فكّ ارتباط الولايات المتحدة مع لبنان خلال فترة التحضير للانتخابات، وأنّ رهانهم هو أنّ، بغض النظر عن اسم الرئيس الجديد، فمن المرجّح أن يظهر وجه أكثر ودّا في البيت الأبيض، بينما تتابع إيران تعزيز برنامجها النووي ممّا يزيد من مكانتها بين دول المنطقة.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، يحتاج حزب الله الى حشد التأييد المحلّي وإعادة التأسيس لشرعيّته كـ"مقاومة". وإذا لزم الأمر، قد يلجأ حزب الله الى استفزاز إسرائيل كما فعل في العام 2006 مستفيدا من الوضع في قطاع غزّة لإطلاق هجومه الخاص. ولا شك أنّ حزب الله يطمح الى إعادة ما جرى العام 2006، فالدعم الشعبي الشيعي له انخفض في شكل دراماتيكي بعد انتهاء الحرب، إلّا أنه عاد وانتعش ما إن تلاشت ذاكرة الشعب حيال الجهة التي بدأت الصراع.
وفي السياق ذاته، سيستكمل حزب الله بناء مقوّمات "الدولة داخل الدولة"، وتعزيز ترسانته العسكرية وتوسيع شبكة الاتّصالات وشبكة المؤسّسات الاجتماعية. وبينما يتمّ وصف السلاح وشبكة الاتصالات بالعناصر الجوهرية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، فإنّ الخدمات الملموسة على أرض الواقع التي قُدمت إلى المجتمع الشيعي اللبناني والتي أبرزتها حملة معقّدة من العلاقات العامّة، تهدف الى توسيع الدائرة الانتخابية الشعبية.
أمّا الجانب الآخر من هذه الاستراتيجية، فهو جهد متواصل في إضعاف مؤسّسات الدولة التي تهدّد سيطرة حزب الله: الحكومة والجيش الوطني. كما أنّ حزب الله سيعمل جاهدا من أجل تشويه سمعة الجيش، سواء عبر إبراز عدم فعاليّته في الدفاع عن لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، أم الاستفادة من العنف الذي حصل خلال الأسبوع الفائت وتسليط الضوء على عجز الجيش عن كبح الاشتباكات الطائفيّة. أضف الى ذلك جهود حزب الله المتواصلة لتقويض مكانة حكومة السنيورة عبر تأمين خدمات الرعاية الاجتماعية، حيث فشلت الحكومة، وكذلك عبر زعزعة الاقتصاد الوطني. فالمواجهات الأخيرة كانت لها عواقب اقتصادية عدّة إضافة الى العواقب السياسية، ولكن لبنان أثبت كالمعتاد عن مرونة عجيبة خلال أوقات الأزمات، وقسم كبير من هذه القدرة المميزة يعود الى جهود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يرجّح أن يكون أحد الأهداف التي سيحاول حزب الله مغازلتها والتقرّب منها أكثر.
وفي القسم الأخير من الأهداف الاستراتيجية، سيتابع حزب الله العمل من أجل التخلّص من أعدائه داخل المجتمع الشيعي. فعمليّة الإطاحة التي قام بها الحزب ضدّ مفتي صور هي مثال واضح على الجهود الشاملة "لتنظيف المنزل" وتعيين قادة دينيين شيعة من اختياره في أقوى مناصب الدولة. كما جاء في المذكّرة تخوّف من سعي حزب الله الى التفرقة بين الأطراف المسيحيين، بما يفسح في المجال أمام عون للحفاظ على موقع القائد المسيحي الأبرز
وأوضحت أنّ الحكومة التي شهدت على قدرات حزب الله، ستخطو على الأرجح بحَذر في قراراتها المستقبلية، وكذلك الجيش اللبناني الذي تمّ ترهيبه في شكل كبير، مشيرة الى أنّه لن يقدم على مواجهة الحزب في المستقبل المنظور. ومع ذلك، أفادت المذكّرة أنّ حزب الله لعب ورقته الوحيدة، لافتة الى أنه، عبر احتلال وسط بيروت ومناطق من الشوف وإقدامه على إثارة العنف الذي أدّى إلى مقتل عشرات المواطنين، تجاوز حدوده في لعب هذه الورقة. وقالت إنّ الغضب الشعبي سيقع على كاهل الحزب متى اختار معاودة الكرّة. أضف إلى ذلك أنّ الحوار الوطني هو فرصة للطرفين كي يتراجعا ويُمعنا النظر في أيّ خطوات مستقبليّة.
وتجدر الإشارة الى أنّ حزب الله حقّق أهدافه المباشرة خلال المواجهات، والتي تمثّلت في إرغام الحكومة على إبطال مفعول القرارات المتخذّة في 5 أيّار والمتمثلة في نقل رئيس جهاز أمن المطار وملفّ شبكة الألياف البصرية الخاصة بالحزب، نتيجة اكتشاف كاميرا مراقبة تابعة له في مطار بيروت الدولي. غير أنّ هذا الانتصار جاء على حساب فضح نوايا حزب الله الحقيقية، أي "السيطرة السياسية على البلاد"، وأدّت في الوقت نفسه الى تقويض مصداقية مزاعمه القائلة إنه يقتني السلاح فقط لضرورات "المقاومة" ضدّ إسرائيل.
وبحسب المذكرة، فبعدما أدرك الحزب مدى تماديه في آخر مواجهات، فمن المرجّح أن تتمثّل خطوته التالية في حفظ ماء الوجه عبر الظهور كمن يلعب الدور البنّاء في الدوحة، على أن يترك، كالمعتاد، دور "المفسد" لحليف قوى 8 آذار، رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون.
وأضافت أنّ عون يفرح بلعب هذا الدور من أجل الإبقاء على توقّعاته الخاصة في منصب رئاسة الجمهورية حيّة ، أمّا خياراته الكثيرة في هذا الخصوص، والتي استخدمها في شكل مكثّف في الماضي لعرقلة كلّ الجهود الرامية الى إيجاد توافق وحلول فتتمثّل كالآتي:
1-الإصرار على التوصّل الى اتفاق مسبق في شأن المناصب الوزارية.
2-الإصرار على أقلّية معطّلة.
3-الإصرار على قانون انتخاب يخدم مصلحة فريقه.
وباستخدامه القطريين كواجهة، من المرجّح أن يضغط حزب الله من أجل حكومة 10-10-10 كنقطة بداية للمحادثات وهو يعلم جيّدا أنّ سعد الحريري وميشال عون لن يقبلا هذه المعادلة.
وأبعد من ذلك، بينما يلعب حزب الله دور المحاور البنّاء، فإنّ جدول أعماله الخاص يتمثّل في المحافظة على مصالحه الخاصة:
1-عدم وضع مسألة السلاح ضمن جدول محادثات الدوحة، وعوضا عن ذلك حصر النقاش في تشكيل الحكومة وقانون الانتخاب.
2-ضمان الحصول على الأقلّية المعطلة للتأكّد من أنّ الحكومة اللبنانية ستكون عاجزة عن اتّخاذ قرارات قد تعرّض سلاح حزب الله أو أجهزة أمنه للخطر.
3-إبقاء التركيز الدولي على مجريات محادثات الدوحة، من أجل كبح أيّ قرار قد يصدر عن الأمم المتحدة بحق سلاح الحزب.
وفي ظلّ كلّ ذلك، من المؤكّد أنّ حزب الله سيتقرّب من قائد الجيش العماد ميشال سليمان للتأكّد من أنّه عند انتخابه، لن يهاجم سلاح الحزب. وإذا شعر حزب الله في أيّ لحظة بأنّ سلاحه معرّض للخطر، فمن غير المفاجىء أن نشهد نوعا من الاستفزاز تجاه إسرائيل، سواء كان ذلك منسوبا إلى حزب الله أم لا، من أجل إثارة ردّ فعل إسرائيلي كفيل في إبقاء حزب الله في منزلة "المقاومة" وفضح عجز الجيش اللبناني.
وأشارت المذكّرة الى أنّ إيران تدير أهداف حزب الله الاستراتيجية الطويلة الأمد أكثر من سوريا، والرامية في نهاية المطاف الى تأمين هيمنة سياسية كاملة على لبنان. وتنطوي هذه الاستراتيجية على تعطيل الحوار الوطني إذا ما بدا أنه يجبر الحزب على التنازل، أو استغلاله كتقنية مماطلة من أجل تمرير الوقت الى حين تحوّل التيارات المحلية والإقليمية والدولية في مصلحة حزب الله. كما أنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية تؤدّي دورا كبيرا في هذه الاستراتيجية، بما أنّ إيران وسوريا وحزب الله يعتمدون على فكّ ارتباط الولايات المتحدة مع لبنان خلال فترة التحضير للانتخابات، وأنّ رهانهم هو أنّ، بغض النظر عن اسم الرئيس الجديد، فمن المرجّح أن يظهر وجه أكثر ودّا في البيت الأبيض، بينما تتابع إيران تعزيز برنامجها النووي ممّا يزيد من مكانتها بين دول المنطقة.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، يحتاج حزب الله الى حشد التأييد المحلّي وإعادة التأسيس لشرعيّته كـ"مقاومة". وإذا لزم الأمر، قد يلجأ حزب الله الى استفزاز إسرائيل كما فعل في العام 2006 مستفيدا من الوضع في قطاع غزّة لإطلاق هجومه الخاص. ولا شك أنّ حزب الله يطمح الى إعادة ما جرى العام 2006، فالدعم الشعبي الشيعي له انخفض في شكل دراماتيكي بعد انتهاء الحرب، إلّا أنه عاد وانتعش ما إن تلاشت ذاكرة الشعب حيال الجهة التي بدأت الصراع.
وفي السياق ذاته، سيستكمل حزب الله بناء مقوّمات "الدولة داخل الدولة"، وتعزيز ترسانته العسكرية وتوسيع شبكة الاتّصالات وشبكة المؤسّسات الاجتماعية. وبينما يتمّ وصف السلاح وشبكة الاتصالات بالعناصر الجوهرية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، فإنّ الخدمات الملموسة على أرض الواقع التي قُدمت إلى المجتمع الشيعي اللبناني والتي أبرزتها حملة معقّدة من العلاقات العامّة، تهدف الى توسيع الدائرة الانتخابية الشعبية.
أمّا الجانب الآخر من هذه الاستراتيجية، فهو جهد متواصل في إضعاف مؤسّسات الدولة التي تهدّد سيطرة حزب الله: الحكومة والجيش الوطني. كما أنّ حزب الله سيعمل جاهدا من أجل تشويه سمعة الجيش، سواء عبر إبراز عدم فعاليّته في الدفاع عن لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، أم الاستفادة من العنف الذي حصل خلال الأسبوع الفائت وتسليط الضوء على عجز الجيش عن كبح الاشتباكات الطائفيّة. أضف الى ذلك جهود حزب الله المتواصلة لتقويض مكانة حكومة السنيورة عبر تأمين خدمات الرعاية الاجتماعية، حيث فشلت الحكومة، وكذلك عبر زعزعة الاقتصاد الوطني. فالمواجهات الأخيرة كانت لها عواقب اقتصادية عدّة إضافة الى العواقب السياسية، ولكن لبنان أثبت كالمعتاد عن مرونة عجيبة خلال أوقات الأزمات، وقسم كبير من هذه القدرة المميزة يعود الى جهود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يرجّح أن يكون أحد الأهداف التي سيحاول حزب الله مغازلتها والتقرّب منها أكثر.
وفي القسم الأخير من الأهداف الاستراتيجية، سيتابع حزب الله العمل من أجل التخلّص من أعدائه داخل المجتمع الشيعي. فعمليّة الإطاحة التي قام بها الحزب ضدّ مفتي صور هي مثال واضح على الجهود الشاملة "لتنظيف المنزل" وتعيين قادة دينيين شيعة من اختياره في أقوى مناصب الدولة. كما جاء في المذكّرة تخوّف من سعي حزب الله الى التفرقة بين الأطراف المسيحيين، بما يفسح في المجال أمام عون للحفاظ على موقع القائد المسيحي الأبرز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق