يواجه القادة العسكريون والسياسيون في تركيا معركة لاستعادة النظام في ثاني اكبر جيش في حلف شمال الاطلسي يوم الاثنين في اجتماع للمجلس العسكري الذي يخيم عليه استقالة اربعة من اكبر قادته احتجاجا على حبس مئات الضباط.
وانفجرت الازمة المستمرة منذ فترة بين الجيش والحكومة يوم الجمعة باستقالة رئيس أركان القوات المسلحة التركية الجنرال اسيك كوسانير مع قادة القوات البرية والبحرية والجوية مما سبب حالة من الارتباك بالقوات المسلحة.
وسارع رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الذي سيترأس اجتماع المجلس العسكري الاعلى الذي يستمر اربعة ايام باختيار خليفة لكوسانير مع حرصه الشديد على تخفيف حدة الخلاف الذي ستتابعه الاسواق المالية عن كثب.
ونفى الرئيس التركي عبد الله جول وجود أزمة وركز خطاب جول للامة يوم السبت على خطط لدستور جديد في الدولة الساعية للحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي والتي توصف بانها نموذج للديمقراطية في اقليم مضطرب.
وستمكن الاستقالات اردوغان من تعزيز سيطرته على الجيش الذي كان يملك يوما ما السلطة والنفوذ وقام بسلسلة من الانقلابات منذ عام 1960 ولكن نفوذه تراجع بفعل اصلاحات يدعمها الاتحاد الاوروبي منذ اطاحته بحكومة يقودها الاسلاميون من السلطة عام 1997.
لكن الاستقالات القت بظلالها على بداية ولاية اردوغان الثالثة في المنصب بعد الانتخابات التي فاز بها حزبه العدالة والتنمية بحصوله على 50 بالمئة من الاصوات. وقد ترسخ ايضا من الاستقطاب العميق بين انصار الحكومة ومعارضيها.
ويواجه المجلس العسكري الاعلى الذي يجتمع مرتين في السنة لاقرار الترقيات الرئيسية تحديا لشغل المناصب العسكرية الكبرى في الوقت الذي تعارض فيه الحكومة بعض المرشحين الرئيسيين بينما يمثل اخرون أمام المحكمة بتهمة السعي للاطاحة بالحكومة.
واختير قائد قوات الامن السابق الجنرال نجدت اوزال لتولي قيادة القوات البرية ومنصب القائم باعمال رئيس هيئة الاركان بعد استقالة كوسانير لكن فكرت بيلا الكاتب الصحفي في جريدة ميليت وهو وثيق الصلة بالجيش قال ان اوزال لن يتولى قيادة القوات المسلحة الا بعد اجتماع المجلس العسكري الاعلى.
واضاف بيلا ان المناصب القيادية الثلاثة الاخرى ستظل شاغرة حتى انتهاء الاجتماع. ومع وجود جنرال كبير اخر في السجن فان خمسة مناصب من بين اعلى 14 منصبا يتولاهم الجنرالات ستكون شاغرة خلال الاجتماع.
وقال "القضية الاكثر ترقبا هي من سيعين لقيادة القوات البرية" مشيرا الى ان الحكومة تبدو معارضة لبعض الاسماء في التسلسل القيادي الخاص بالمنصب.
ومن المرجح استبعاد المرشح المحتمل الجنرال سالديراي بيرك نظرا لانه متهم في محاكمة تتعلق بمؤامرة انقلاب مزعومة عرفت باسم "أرجنيكون".
وقال بيلا "اذا لم تحترم الاقدمية فقد تقدم المزيد من طلبات التقاعد."
والجنرال بلجين بالانلي قائد الاكاديميات العسكرية التركية والذي كان في السابق ضمن الترتيب التسلسلي لتولي القوات الجوية مسجون ضمن 200 ضابط متهمين بالتورط في محاولة انقلاب أخرى مزعومة عرفت باسم مؤامرة "المطرقة".
ويتركز الانقلاب المزعوم -والذي يشمل خططا لتفجير مساجد تاريخية في اسطنبول واشعال حرب مع اليونان- حول منتدى عسكري عقد في 2003. وقال الضباط انه كان مجرد تدريب عسكري وان الادلة المقدمة ضدهم ملفقة.
وربما لا يشارك قائد جيش بحر ايجة في الاجتماع اذ انه من بين 22 شخصا يواجهون الاعتقال بشأن مزاعم تتعلق بانشاء الجيش مواقع على الانترنت مناهضة للحكومة وهي القضية الاحدث التي يعتقد أنها ساهمت في قرار الجنرالات الكبار بالاستقالة.
وفي رسالة وداع يوم الجمعة قال كوسانير ان حبس 250 من ضباط الجيش في قضايا مخططات انقلابية امر غير مقبول قانونا وان المساعي المتكررة لحل القضية فشلت.
وقال انه "برغم عدم وجود حكم قضائي ضدهم فان 14 من كبار القادة العسكريين ... عوقبوا مسبقا وفقدوا حقهم في الخضوع للتقييم في اجتماع المجلس العسكري الاعلى هذا العام."
ويتزامن اجتماع هذا العام مع بداية شهر رمضان ومن المتوقع ان يعقد الرئيس جول حفل افطار لاعضاء المجلس العسكري الاعلى في القصر الرئاسي في انقرة يوم الاربعاء.
وستقدم قرارات المجلس العسكري الاعلى لجول للتصديق عليها يوم الخميس. ولا يتوقع صدور بيانات مهمة حتى هذا الموعد.
وسيراقب المستثمرون عن كثب أي تراجع في الاسواق المالية صباح الاثنين بعدما تراجعت الليرة التركية في بادئ الامر بعد اذاعة أنباء الاستقالات يوم الجمعة.
لكن انتباه الاسواق يركز بشكل اكبر في الارجح على مشاكل الديون في الولايات المتحدة واوربا اذ ينظر المستثمرون الى ما هو ابعد من الفوضى الحالية وهو الاصلاحات الطويلة المدى للجيش.
وقال التوج داج وهو متعامل في شركة اي.اف.جي اسطنبول للاوراق المالية "لا اعتقد ان الاستقالات سيكون لها تأثير كبير على الاسواق... ارى ذلك امرا ايجابيا على المدى المتوسط والطويل لان الحكومة تعيد بناء الجيش كما تريد وهذا يقلل من امكانية اندلاع نزاعات مستقبلية محتملة."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق