لا تمر صفقة تسلح اليوم في الخليج إلّا وتعيد إبراز الحساسيات والخلافات بين دول الخليج وإيران. الصفقة السعودية الألمانية الأخيرة تؤكد هذا الواقع، وتعيد طرح الأسئلة عن حجم التسلح وأهدافه
جاءت الصفقة التي أجرتها السعودية أخيراً مع ألمانيا، بتكتم شديد، لشراء 200 دبابة قتالية متطورة من نوع «ليوبارد» الجديدة، لتلقي الضوء على سباق التسلح الذي يجري في منطقة الخليج ومحيطها. وفيما لا تمثّل هذه الصفقة إحدى أكبر صفقات التسلح السعودية، لكنها أثارت جدلاً في ألمانيا قبل منطقة الخليج،حيث رأت المعارضة وبعض أعضاء الحزب المحافظ أنها تمثّل مخالفة للسياسة المألوفة للبلاد التي لا تبيع أسلحة ثقيلة إلى دول ذات أنظمة ديكتاتورية، وخصوصاً إلى هذه المنطقة غير المستقرة من الخليج. أما إيران، فشنّت هجوماً عنيفاً، ورأت أن «تجهيز السعودية بأحدث العتاد والآلات الحربية يأتي في إطار مطامع الغرب لنهب ثروات الخليج»، وفقاً لما قاله المساعد الإعلامي لرئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، العميد مسعود جزائري.
ورأى جزائري، في حديثه عن قرار الحكومة الألمانية، أن الدول الغربية «سعت عبر تنفيذ مشروع التخويف من إيران، خلال الأعوام الأخيرة، إلى تقديم نفسها، بصورة مخادعة، إلى الدول العربية في المنطقة على أنها المنقذ لهذه الدول، وبذلك تدفعهم بخوف وذعر إلى شراء تجهيزاتها وأسلحتها العسكرية للاستعداد لما يصفونه بالخطر الإيراني»، مشيراً إلى أن السيناريو المخبّأ خلف صفقة الدبابات «يعزز التحليل القائل إن الغرب بصدد الاستفادة من هذه الدبابات في حرب محتملة ضد إيران». ورأى جزائري أن السلطات في المملكة اشترت هذه الدبابات «لاستخدامها في قمع التظاهرات الشعبية المطالبة بالحرية والديموقراطية وحق تقرير المصير»، معتبراً أن «التطورات الثورية في المنطقة تنبئ بأن التجهيزات العسكرية المتطورة سيرثها الثوار في المستقبل القريب وسينتفعون بها».
في هذا السياق من الأحداث، فإنه ليس غريباً على السعودية إنفاقها الضخم على التجهيز العسكري. ففي عام 2009، مثلاً، أنفقت الولايات المتحدة 661 مليار دولار، بينما أنفقت السعودية 41 ملياراً. حكماً الفرق واضح، لكن المدهش هو عند معرفة أنّ الإنفاق الأميركي على التسلح لا يتعدى الـ5% من الدخل الوطني، بينما يرتفع في السعودية إلى 11%، وهي النسبة الأعلى في العالم. إنفاقان يمثّلان إطاراً واضحاً لإلقاء نظرة على ضخامة هذه السياسة السعودية.
وفي العام الماضي، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عقد أكبر صفقة لبيع الأسلحة، وكانت وجهتها السعودية. تضمن هذا الاتفاق بيع 84 مقاتلة أف ـــ 15 إضافة إلى تجديد سبعين مقاتلة أخرى. وشمل الاتفاق أيضاً بيع 178 مروحية عسكرية (70 أباتشي و72 بلاك هوك و36 إيه أتش ـــ 6 اي)، إضافة إلى 12 مروحية خفيفة للتدريب من نوع ام دي أف ـــ 530. قُدِّرت قيمة الاتفاق بحوالى 60 مليار دولار، وجرى أيضاً الحديث في الآونة الأخيرة عن أنّ السعودية ترغب في زيادة قيمته إلى 90 مليار دولار.
يبقى أنّ العبرة ليست في قيمة هذه الاتفاقات التي هناك العديد غيرها، بل في وجهة استعمالها. وهنا فهم المراقبون مغزى الكلام الإيراني. ويمكن تحديد ثلاثة أهداف واضحة لاستعمال هذه الأسلحة. أولاً، تأمين الحدود السعودية، وقد اختبر ذلك مثلاً خلال المعارك في اليمن بين السلطة والحوثيين، وكذلك تأمين الأمن في الداخل السعودي من «الهجمات الإرهابية». ثانياً، انّ السعودية عضو في مجلس التعاون الخليجي الذي ينص ميثاقه «على عزم الدول الأعضاء على تعزيز التعاون العسكري في ما بينها، ورفع قدراتها الذاتية والجماعية لتحقيق أفضل مستوى من التنسيق لمفهوم الدفاع المشترك. وتشير في هذا الصدد إلى استمرار تطوير قوة درع الجزيرة»، والتي يجب أن تكون «بحجم وعلى مستوى من الكفاءة (...) يؤهلها للاضطلاع بمهمة إسناد قوات دول المجلس بما يحفظ أمنها واستقرارها ويسهم في حماية مكتسباتها ومقدراتها».
ثالثاً، يرى العديد من المحللين أنّ سياسة التسلح في الخليج، أكان من السعودية أم من غيرها، كالإمارات وقطر، هي للدفاع عن الخليج في وجه التهديدات، وتحديداً الإيرانية. وفي هذا الصدد، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، أنور عشقي، أن «السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تمر في مرحلة بالغة الحساسية، لأن الولايات المتحدة في صدد الانسحاب من العراق حالياً، وفي ضوء هذا التطور، يجب أن تعتمد دول المجلس على قواها الذاتية للدفاع عن نفسها».
هذا الاستعداد السعودي لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى التعاون مع الولايات المتحدة من أجل إجراء محادثات نووية سلمية. وفي هذا الإطار، كشف متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أول من أمس، أن محادثات ستجري بين البلدين في هذا الخصوص، وهي «جزء من اتصالات منتظمة تجريها الولايات المتحدة مع دول صديقة بشأن الاستعمال السلمي للنشاطات النووية»، رافضاً تقديم تفاصيل أكثر، أو الحديث عن أي صلة للموضوع بأسلحة إيران النووية.
ورأى جزائري، في حديثه عن قرار الحكومة الألمانية، أن الدول الغربية «سعت عبر تنفيذ مشروع التخويف من إيران، خلال الأعوام الأخيرة، إلى تقديم نفسها، بصورة مخادعة، إلى الدول العربية في المنطقة على أنها المنقذ لهذه الدول، وبذلك تدفعهم بخوف وذعر إلى شراء تجهيزاتها وأسلحتها العسكرية للاستعداد لما يصفونه بالخطر الإيراني»، مشيراً إلى أن السيناريو المخبّأ خلف صفقة الدبابات «يعزز التحليل القائل إن الغرب بصدد الاستفادة من هذه الدبابات في حرب محتملة ضد إيران». ورأى جزائري أن السلطات في المملكة اشترت هذه الدبابات «لاستخدامها في قمع التظاهرات الشعبية المطالبة بالحرية والديموقراطية وحق تقرير المصير»، معتبراً أن «التطورات الثورية في المنطقة تنبئ بأن التجهيزات العسكرية المتطورة سيرثها الثوار في المستقبل القريب وسينتفعون بها».
في هذا السياق من الأحداث، فإنه ليس غريباً على السعودية إنفاقها الضخم على التجهيز العسكري. ففي عام 2009، مثلاً، أنفقت الولايات المتحدة 661 مليار دولار، بينما أنفقت السعودية 41 ملياراً. حكماً الفرق واضح، لكن المدهش هو عند معرفة أنّ الإنفاق الأميركي على التسلح لا يتعدى الـ5% من الدخل الوطني، بينما يرتفع في السعودية إلى 11%، وهي النسبة الأعلى في العالم. إنفاقان يمثّلان إطاراً واضحاً لإلقاء نظرة على ضخامة هذه السياسة السعودية.
وفي العام الماضي، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عقد أكبر صفقة لبيع الأسلحة، وكانت وجهتها السعودية. تضمن هذا الاتفاق بيع 84 مقاتلة أف ـــ 15 إضافة إلى تجديد سبعين مقاتلة أخرى. وشمل الاتفاق أيضاً بيع 178 مروحية عسكرية (70 أباتشي و72 بلاك هوك و36 إيه أتش ـــ 6 اي)، إضافة إلى 12 مروحية خفيفة للتدريب من نوع ام دي أف ـــ 530. قُدِّرت قيمة الاتفاق بحوالى 60 مليار دولار، وجرى أيضاً الحديث في الآونة الأخيرة عن أنّ السعودية ترغب في زيادة قيمته إلى 90 مليار دولار.
يبقى أنّ العبرة ليست في قيمة هذه الاتفاقات التي هناك العديد غيرها، بل في وجهة استعمالها. وهنا فهم المراقبون مغزى الكلام الإيراني. ويمكن تحديد ثلاثة أهداف واضحة لاستعمال هذه الأسلحة. أولاً، تأمين الحدود السعودية، وقد اختبر ذلك مثلاً خلال المعارك في اليمن بين السلطة والحوثيين، وكذلك تأمين الأمن في الداخل السعودي من «الهجمات الإرهابية». ثانياً، انّ السعودية عضو في مجلس التعاون الخليجي الذي ينص ميثاقه «على عزم الدول الأعضاء على تعزيز التعاون العسكري في ما بينها، ورفع قدراتها الذاتية والجماعية لتحقيق أفضل مستوى من التنسيق لمفهوم الدفاع المشترك. وتشير في هذا الصدد إلى استمرار تطوير قوة درع الجزيرة»، والتي يجب أن تكون «بحجم وعلى مستوى من الكفاءة (...) يؤهلها للاضطلاع بمهمة إسناد قوات دول المجلس بما يحفظ أمنها واستقرارها ويسهم في حماية مكتسباتها ومقدراتها».
ثالثاً، يرى العديد من المحللين أنّ سياسة التسلح في الخليج، أكان من السعودية أم من غيرها، كالإمارات وقطر، هي للدفاع عن الخليج في وجه التهديدات، وتحديداً الإيرانية. وفي هذا الصدد، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، أنور عشقي، أن «السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تمر في مرحلة بالغة الحساسية، لأن الولايات المتحدة في صدد الانسحاب من العراق حالياً، وفي ضوء هذا التطور، يجب أن تعتمد دول المجلس على قواها الذاتية للدفاع عن نفسها».
هذا الاستعداد السعودي لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى التعاون مع الولايات المتحدة من أجل إجراء محادثات نووية سلمية. وفي هذا الإطار، كشف متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أول من أمس، أن محادثات ستجري بين البلدين في هذا الخصوص، وهي «جزء من اتصالات منتظمة تجريها الولايات المتحدة مع دول صديقة بشأن الاستعمال السلمي للنشاطات النووية»، رافضاً تقديم تفاصيل أكثر، أو الحديث عن أي صلة للموضوع بأسلحة إيران النووية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق