30‏/11‏/2011

الاستخبارات: "فرق الموت" و"القاعدة" وراء زيادة عمليات الإعدام في أفغانستان

 


أصبح مسؤولون أميركيون وأفغان يعتقدون أن الكثير من عمليات الاغتيال والإعدام التي تحدث في أفغانستان تقوم بها وحدات من فرق الموت التابعة إلى شبكة "حقاني" المتشددة و"تنظيم القاعدة". فيما يُعتقد أن مجموعة أخرى، اسمها غير معروف، ربما تكون مسؤولة عن قتل ما لا يقل عن 20 شخصًا في مقاطعة "خوست" خلال فصل الصيف وحده، بما في ذلك عملية قطع رؤوس جماعية ظهرت إلى النور، بعد أن تم العثور على شريط فيديو في حوزة أحد أسر المتمردين. ويُظهر شريط الفيديو 10 جثث مقطوعة الرأس متباعدة بشكل متساوٍ على طول الطرق المُعبدة، بينما وُضعت رؤوسهم في شكل نصف دائرة في مكان قريب، وكانت وجوههم واضحة إلى العيان.
وقد أصبح مسؤولون أميركيون وأفغان يعتقدون أن الكثير من عمليات الاغتيال والإعدام التي تحدث في أفغانستان تقوم بها وحدات من شبكة "حقاني" المتشددة و"تنظيم القاعدة"، متهمين هذه الوحدات بقتل المخبرين المشتبه بهم، وترويع السكان على الحدود المشتركة بين أفغانستان وباكستان، ما حدا بالسكان المحليين لإيثار الصمت حيال هذه الجرائم.
ويقول مسؤولو الاستخبارات العسكرية:" إن تلك الوحدات تعمل بطريقة فرق الموت. وأن مجموعة كبيرة تعرف باسم خراسان، تعمل أساسًا في المناطق القبلية في باكستان، كانت مسؤولة عمَا لا يقل عن 250 عملية من الاغتيالات والإعدامات العلنية".
ويُعتقد أن مجموعة أخرى، اسمها غير معروف، ويعمل معظم أفرادها في أفغانستان، ربما تكون مسؤولة عن قتل ما لا يقل عن 20 شخصًا في مقاطعة "خوست" خلال فصل الصيف وحده، بما في ذلك عملية قطع رؤوس جماعية ظهرت إلى النور، بعد أن تم العثور على شريط فيديو في حوزة أحد أسر المتمردين. ويُظهر شريط الفيديو 10 جثث مقطوعة الرأس متباعدة بشكل متساوٍ على طول الطرق المُعبدة، بينما وُضعت رؤوسهم في شكل نصف دائرة في مكان قريب، وكانت وجوههم واضحة إلى العيان.
وفي دليل آخر على أن الحقانيين، الفصيل الذي يتخذ معظم أتباعه من باكستان مقرًا لهم، يظل هو الفصيل الأكثر خطورة بين المتمردين هو قدرته على الاستفادة الكاملة من الحدود التي يسهل اختراقها، والتي غالبًا ما تكون غير واضحة المعالم، وهو ما يؤدي إلى حوادث، مثل تلك الهجمة التي نفذها حلف شمال الأطلسي وقتلت 24 جنديًا باكستانيًا في مطلع الأسبوع الماضي.
وعلى الرغم من أن " ظروف هذه الضربة لا تزال غامضة، وقللت من فرص تعزيز العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة، إلا أنها أثبتت مرة أخرى أن باكستان لا تزال تُشكل جزءًا هامًا من استراتيجية المسلحين". وقد واجه الأميركيون هجومًا داميًا من المتمردين بعد دخولهم أفغانستان مباشرة، لكن الموجة الجديدة من الاغتيالات تبين أنه، وعلى الرغم من تقليل حلف شمال الأطلسي من قوة الخلايا الحقانية، لازال لديها نفوذها، ليس فقط مع تصدر التفجيرات لعناوين الصحف، ولكن من خلال الترهيب وترويج صور سيطرتهم أيضًا.
وظهرت أحد تلك العمليات، التي تقشعر لها الأبدان، بعد أن ألقت القوات الأميركية على أحد زعماء تنظيم الحقانيين في أفغانستان، حاجي خان مالي، وقتلت نائبه في هذا الصيف، حيث ظهرت بعدها بأيام جثتي رجلين متهمين بمساعدة الأميركيين قرب القرية التي تم القبض فيها على خان مالي. وكانت أرجلهم مشقوقة بقضبان من الحديد، وأحدهم كانت أحشاؤه خارج جسده، فيما قُتل الاثنين رميًا بالرصاص في الرأس التي سُحقت بعدها بالصخور. وقدعمَ الخوف القرية من أن يتم إطلاق النار على كل سكانها.
وقال أحد الشهود، الذين كانوا ينظرون إلى الجثث: "بالكاد يمكن التعرف عليهم". وقد قفزت عمليات الاغتيال في مختلف أنحاء أفغانستان إلى 61%، لتصل الزيادة في حالات القتل المُبلغ عنها إلى 131حالة خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام مقارنة مع نفس الفترة من العام 2010، وفقا لإحصاءات منظمة حلف شمال الأطلسي.
ووفق أربعة مسؤولين مطَلعين على التحقيق مع القائد في تنظيم حقاني خان مالي فقد توقع أن تكون هناك أسلحة أخرى تُستخدم في المعركة من أجل زيادة التأثير". وقال خان لمستجوبيه:" إن حركة طالبان قد تقربت من الحكومة الأفغانية ومسؤولين عسكريين طوال فصل الصيف، وقاموا بإقناعهم بالتوقيع على وثيقة من خمس صفحات يتعهدون فيها سرًا بولائهم لقيادة طالبان". وتباهى خان، بأنه أقنع 20 مسؤولاً بنفسه بالتوقيع".
وأضاف: "إنهم يقولون للمسؤولين إن طالبان سوف تعود إلى السلطة في غضون 20 يومًا من مغادرة حلف شمال الأطلسي، لذلك إذا كانوا يريدون أن يعيشوا، فعليهم أن يوقعوا". وقال أحد المسؤولين الأميركيين، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لمناقشته الاستجوابات السرية:" يقول المسؤولون أنهم لم يعثروا على تأكيد لاعترافات خان".
ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إنهم لاحظوا أن " الزيادة الحادة بدأت عام 2010، مع 462 اغتيالاً، وفقًا لسجلاتها، وهو ضعف عدد الاغتيالات في العام 2009. وقد لا تشمل تلك الأرقام العديد من عمليات القتل في المناطق النائية، مثل عملية الذبح الجماعي، لأن القرويين يخشون عواقب إبلاغهم عن تلك الحوادث".
ويوضح مسؤولو الاستخبارات الأميركية أنه " يبدو أن الجماعات المقيمة في أفغانستان وخراسان تعمل بالطريقة نفسها تقريبًا. ويُعتقد أن جماعة خراسان تشكلت في أوائل العام 2009، في منطقة وزيرستان شمال باكستان، مقر الحقانيين، ردًا على تكثيف الهجمات بالطائرات بدون طيار من قبل الولايات المتحدة. ويُقال إن أعضاء الجماعة يرتدون الملابس السوداء مع شارات خضراء تحمل اسم الجماعة بالكامل، اتحاد " المجاهدين – خراسان"، ويعملون بشكل وثيق مع تنظيم القاعدة في المنطقة. وتتراوح تقديرات عدد أعضائها من 100 إلى 2000 عضو.
على أي حال، ففي أماكن مثل صباري، وهي منطقة ريفية في ولاية خوست، تقع على بعد أميال من الحدود مع باكستان، فإن "عمليات القتل المُستهدف تنتج أثرها المقصود، فبعد عملية إعدام ثلاثة رجال في وضح النهار في سوق في قرية ماكتاب، قبل نحو أربعة أشهر، عمت القرية صدمة شديدة حتى أن أصحاب المحلات لم يبلغوا السلطات بما حدث". ووفق مسؤولين وشهود عيان وأصدقاء وأقارب للضحايا، فإنه " في كثير من الأحيان، ربما كان الضحايا قد عقدوا لقاءات عابرة قليلة مع قوات التحالف، أو لم يقابلوهم من الأساس".
وعلم مسؤولون أميركيون وأفغان بعمليات القتل في وقت لاحق، عندما عثروا على شريط فيديو للحادثة مُسجلاً على الهاتف المحمول لأحد المسلحين المعتقلين. ومع ذلك فإن " المسؤولين الأميركيين، الذين أظهروا شريط الفيديو لمراسل صحيفة نيويورك تايمز، لم يحددوا بدقة موعد الحادثة، حيث وقعت عمليات القتل، ولكنهم يعتقدون أنها وقعت في أكتوبر".
وأظهر شريط الفيديو عددًا من المسلحين يقومون بإطلاق النار على رجلين حتى الموت، فيما سارع أصحاب المحلات بالاختباء. وأطلق المسلحين النار على رجل ثالث كان يجلس على كرسي ابيض من البلاستيك أمام متجره. وفيما سقط الرجل إلى الوراء أطلق عليه أحد المسلحين النار أكثر من 10 مرات في وجهه وصدره.
وووفق شاهد عيان: " بعد القتل، صاح أحمد الله، 25 عامًا، يمتلك متجرًا، كل من يحاول مساعدة الأميركيين والجواسيس سوف يواجه مصيرا مثل هذا".
وقال أحمدالله : "لم يجرؤ أحد على الإبلاغ عن الحادث، حتى أقارب القتلى الذين قاموا بنقل الجثث بعيدا. لم نستطع سوى أن نقف ونشاهد بصمت ما يحدث لهؤلاء الناس الفقراء". وأضاف: "كنت أعرف هؤلاء الرجال، أحدهم كان صاحب متجر فقط، والاثنان الآخران أبرياء".
وقال مسؤول عسكري أميركي من الذين شاهدوا شريط الفيديو إنه لم يفاجأ بأن " القرويين المحليين لم يبلغوا عن الحادث". وأضاف، وهو يتحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بالحديث علنا عن فرق الموت: "الناس في صباري يعيشون في رعب شديد 24 ساعة في اليوم، فعندما أجرينا عملية المداهمة على قائد تنظيم حقاني قام حوالي 15 شخصًا من فرق الموت بارتكاب مجزرة".
وفي الشهر الماضي، وبعد يومين من غارة ليلية قامت بها القوات الأفغانية والأميركية على قرية، قتل مسلحون رجلاً آخر في السوق. وهذه المرة كان الضحية تاجرًا يُدعى نسيب من مدينة خوست، وتم سحبه من سيارته، بينما كان ابنه البالغ من العمر 5 سنوات يشاهد من مقعده في السيارة جر الخاطفين لوالده إلى البازار الخاص به وقتله في وضح النهار.
وعند سؤالهم عن عمليات القتل، قال الحاكم وقائد الشرطة المحلية في صباري، إنهم لا يعرفون عنها شيئا. وقال دولت خان قيومي، حاكم المقاطعة:"أنا أنفي تمامًا هذه التقارير. أستطيع أن أقول لكم إنه في الأشهر الخمسة الماضية لم نر أي حوادث من هذا القبيل."
وتحيط الأسئلة أيضًا بعمليات قطع الرؤوس بالفيديو، حيث قال قائد وحدة خاصة من الشرطة السرية، التي تقوم بالتحقيق حول فرق الموت، محمد زرين:" إنه لم يُقتل سوى رجلين من خوست، قبل نحو ثلاثة اشهر في منطقة مانغال في إقليم موسى خيل الجبلي، حيث كان ينشط خان". ويعكس عدم عثور حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة، اللذان يتعقبان عمليات الاغتيال، لأي سجل على عمليات قطع الرؤوس المتعددة، السرية الشديدة التي يتعامل بها القرويين في تلك الحالات.
وبعد غارة فشلت في وقت سابق في القبض على خان في منطقة موسى خيل، وصل إلى قوات التحالف تقريرًا باختطاف ثلاثة من شيوخ القرية وذبح ثلاثة من المراهقين. وعن هذا الحادث يقول قائد فرقة المشاة الأولى في اللواء القتالي الثالث المتمركزة في خوست وباكتيا، الكولونيل كريستوفر أر تونر: "عندما ذهبنا للتحقيق لم نتمكن أبدًا من الحصول على أية جثث أو إثبات أي شيء". وأضاف " لكن كان هناك ما يكفي ليجعلني أظن أن الأمر كان صحيحا".
ويقول المسؤولون عن الصحة العامة إنهم يسمعون أيضا عن العشرات من عمليات القتل هذه، ولكن نادرًا ما يكونوا قادرين على التحقق منها. وأضاف الدكتور فضل محمد مانغال من مستشفى مقاطعة خوست: "الناس لا يأتون بالجثث إلى المستشفى خوفا من طالبان".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق