02‏/12‏/2011

صواريخ جنوب لبنان في خدمة إيران


جاء الإعلان عن توجيه صواريخ من جنوب لبنان إلى الكيان الصهيوني بعد سنوات طويلة من الصمت ليثير العديد من التساؤلات خصوصا حول التوقيت, حيث أن ما يسمى بـ "المقاومة" التي يتزعمها حزب الله في الجنوب انصاعت تماما لوقف إطلاق النار مع "إسرائيل" ولم تطلق رصاصة واحدة تجاهها حتى في أحلك الظروف التي مر بها الفلسطينيون عندما تعرضوا لحرب إبادة في غزة ووقف نصرالله ومسلحوه يشاهدون المجزرة شأنهم شأن بقية الانظمة العربية التي يدينونها ويتهمونها بـ "العمالة" ثم تذكر حزب الله فجأة وجود الكيان الصهيوني المحتل عندما تعرضت و"لية نعمته" إيران للضغط وأوشكت أن تفقد أكبر حلفائها في المنطقة وهو النظام السوري..
تزايد الضغط الدولي على إيران بشدة بعد العقوبات الأخيرة والتي فرضت حصارا ماليا على طهران وهو ما استفز النظام الإيراني وجعله يطرد السفير البريطاني ويحرض على اقتحام السفارة البريطانية وبعثرة ملفاتها, في نفس الوقت أوحت إلى عملائها في لبنان لإشعال الاوضاع وفتح جبهة للحرب مع الكيان الصهيوني لصرف الاهتمام عنها أما التضحية بالبقية الباقية من البنى التحتية للبنان وقتل مئات اللبنانيين وهدم عشرات المباني وخسارة عدة مليارت فأمر هين وكله فداء "الأم الحنون" إيران وملاليها الذين يتباهى نصرالله كل يوم بولائه لهم وربط مصير لبنان بمصيرهم في تبجح منقطع النظير..
لبنان تعيش أوضاعا صعبة بسبب رفض حزب الله للمحاكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري والذي تم توجيه اتهامات لعدد من عناصر الحزب بالوقوف ورائها إلا أنه رفض تسليمهم وأكد تحديه للمحكمة ورفض تنفيذ تعهد سابق للحكومة اللبنانية بتمويلها وهو ما ينذر بسقوط الحكومة الحالية والرجوع مرة أخرى لحالة الفراغ السياسي التي شهدتها البلاد عقب استقالة حكومة سعد الحريري التي كان حزب الله يعارضها بشدة..
في ظل هذه الاوضاع المتوترة تأتي صواريخ الجنوب لتصب المزيد من الزيت على النار المشتعلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في بلد لم تهدأ فيها الاضطرابات منذ منتصف السبيعينيات من القرن الميلادي الماضي وظل يدفع طوال السنوات الماضية ضريبة عدم امتلاك قراره الذي كان يدور دوما ما بين سوريا التي تعاني بشدة من اضطرابات قد تؤدي لانهيار نظامها الحاكم وبين إيران التي تريد أن تلعب دورا يتجاوز حجمها في المنطقة على حساب دول الجوار واستقرارها..
لعبة حزب الله مكشوفة بشدة هذه المرة فلقد توقعت أنا وغيري أن يتم عمل مثل هذا لصرف الانتباه عن سوريا وإيران أما أن تخرج ما تسمى بكتيبة "عبدالله عزام" لتعلن مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ فهي حيلة بادية السذاجة لأن الجنوب تحت سيطرة كاملة لحزب الله وإذا حدث وتمكنت تنظيمات ما من العمل المسلح فلن يتأتى ذلك إلا من خلال موافقة حزب الله وإلا لماذا لم تقم هذه التنظيمات بأي أعمال مسلحة ضد الكيان الصهيوني طوال الفترة الماضية؟ ما هو الجديد على الساحة اللبنانية أو الفلسطينية استدعى ذلك في هذا التوقيت؟
إن ضربة صهيونية الآن للبنان ستؤدي إلى رجوع حزب الله إلى الواجهة في صورة "المقاوم" وعندها تختفي ولو مؤقتا المطالبة بنزع سلاحه كما أن توجيه ضربة محتملة ضد سوريا أو إيران ستكون أكثر استبعادا وسيمنح ذلك النظام الإيراني والسوري فرصة لترتيب أوراقهما ومحاولة فرض الامر الواقع على المجتمع الدولي...ليست هذه المرة الاولى التي يورط فيها حزب الله لبنان في حرب لخدمة مصالح غيره ولكن هذه المرة قد لا تمر كما مرت المرات السابقة فالاوضاع في المنطقة تشهد تغيرات حادة كما أن المعارضين لحزب الله في لبنان يزدادون قوة وغضبا وإذا كان النظام السوري قد عمل على كبح جماحهم من قبل فسوريا الآن تحتاج لمن يقف بجانبها هو ما يمكن قراءته في تصريحاتهم المستعرة ضد نظام بشار الأسد وضد حزب الله؛ فهل يغامر حزب الله بحرب أهلية من أجل عيون سوريا وإيران؟ وهل سيقف الغرب موقف المتفرج حينها؟ وهل من الممكن أن تجتاح "إسرائيل" لبنان كما حدث من قبل بحجة وقف إطلاق الصواريخ؟ كل هذه أسئلة تحتاج إلى أن توضع في الاعتبار عند النظر في قضية الصواريخ المنطلقة من جنوب لبنان تجاه الكيان الصهيوني في هذا التوقيت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق