احتفل الحرس الوطني الموريتاني اليوم باكتمال مائة عام على
تأسيسه في الثلاثين من مايو/ أيار 1912 على يد المستعمر الفرنسي الذي دخل البلاد
مطلع القرن التاسع عشر واستمر يحكمها حتى استقلت عنه عام 1960.
ويعتبر قطاع الحرس أقدم جهاز عسكري موريتاني، وظل لعقود من
الزمن يشكل القطاع العسكري الوحيد في البلد، كما يعتبر أول هيئة خدم فيها
الموريتانيون بعد احتلال البلاد من قبل فرنسا.
وتأتي احتفالات الحرس بمرور مائة عام على تأسيسه، في ظل ما
يصفه قادة القطاع بجملة من التحديات الأمنية تواجه البلاد بعد سيطرة مجموعات مسلحة
بعضها ذو خلفية سلفية على الأقاليم الشمالية من مالي وإعلانها قيام دولة إسلامية
على تلك الأقاليم بعد طرد الجيش المالي منها كليا.
كما يأتي في ظل جدل متواصل بشأن دور ومكانة المؤسسة
العسكرية -التي يعتبر قطاع الحرس أحد أهم مكوناتها- في ظل النظام الحالي.
ونظّم الحرس بعض الاستعراضات العسكرية شاركت فيها الوحدات
التابعة للقطاع ومن أبرزها ما يعرف بوحدة الجمالة التي أنشئت خلال فترة المستعمر
ويتركز نشاطها في الأرياف النائية، ويعتمد عناصرها على الجمال في تحركاتهم، وكانت
قبل توفر وسائل النقل المعاصرة وسيلة الربط الوحيدة بين الدولة وسكان أريافها
وبواديها النائية.
تحدياتمن جانبه قال قائد
الحرس اللواء فليكس نكري إنه يجري الآن إعداد وحدات الحرس لمواجهة التحديات الأمنية
التي تواجه البلاد في الوقت الحاضر، والتي تتميز وفق قوله بوجود "وسط متقلب وعولمة
متسارعة".
وطالب نكري منسوبي هيئته بمزيد من المهنية والتفاني في
العمل حتى يساهموا في رفع تلك التحديات الأمنية التي تواجه البلاد في الوقت
الحاضر.
وثمن وزير الداخلية الموريتاني محمد ولد ابيليل الدور الذي
يقوم به قطاع الحرس، وقال إن حكومته قدمت ما في وسعها لدعم قدرات القوات المسلحة
وقوات الأمن -ومن بينها الحرس- حتى تتمكن من رفع التحديات الأمنية التي تواجه
البلاد وفق قوله.
ويقول مسؤول الاتصال في الحرس الرائد أحمد سالم ولد لكبيد
-للجزيرة نت- إن تنامي ما يصفه بالإرهاب وأحداث الشمال المالي وما يجري في المنطقة
عموما يلقى على كاهل الحرس إلى جانب قوات الجيش مزيدا من الأعباء ومزيدا من
المسؤوليات حماية للوطن ووقوفا في وجه العدو.
وقال إن للحرس الوطني وحدات عسكرية منتشرة على الحدود
الشرقية للبلاد مع بقية وحدات الجيش الموريتاني ضمن ما يعرف بوحدات مكافحة الإرهاب
التي أنشأتها الحكومة الموريتانية في إطار حربها ضد ما تصفه بالإرهاب.
تطورومرّ
قطاع الحرس بمراحل عدة تغيرت معها أسماؤه ومهامه تبعا للتحولات السياسية والأمنية
التي مرت بها البلاد، فقد سمي لدى إنشائه عام 1912 من طرف الحاكم الفرنسي العام
لإفريقيا الغربية بحرس الدوائر وكان حينها مكلفا بمهام "الشرطة الإدارية"، وحفظ
النظام، كما كان يعمل في ذات الوقت جنبا إلى جنب مع المستعمر الفرنسي، ومع الإمارات
التقليدية.
وبعد حصول البلاد على استقلالها الذاتي الداخلي نهاية
خمسينيات القرن الماضي بات يعرف باسم الحرس الإقليمي، وهي التسمية التي ظلت تطلق
عليه حتى حصول البلاد على استقلالها عام 1960 حيث أصبح يطلق عليه اسم الحرس الوطني
وهو الاسم الذي ما زال يحتفظ به.
وإثر قيام الدولة وانفصال البلاد عن مستعمرها السابق،
تراجعت الأهمية العسكرية والأمنية لقطاع الحرس مع إنشاء عدة أجهزة عسكرية وأمنية
صارت تؤدي الأدوار والمهام ذاتها التي كان يؤديها القطاع في العقود الماضية.
وساهمت النظرة الخاصة لبعض رجال وأجيال الدولة الأولى
للاستقلال في ارتباط القطاع بالإدارة الاستعمارية، وبكونه ظل لعقود بمثابة اليد
التي يبطش بها المستعمر في تهميش القطاع وتراجع دوره ومكانته في سنوات ما بعد إعلان
الدولة.
وتحدث مسؤول الاتصال في الحرس الرائد أحمد سالم ولد لكبيد
عن الأدوار التي اضطلع بها أفراد الحرس في حرب الصحراء بين موريتانيا وجبهة
بوليساريو، وقبل ذلك في "إطفاء الفتنة" و"إخماد نارها" خلال ما يعرف بأحداث 1966
العرقية التي اندلعت بين مواطنين عرب وزنوج، وكان يمكن أن تتطور إلى فتنة خطيرة
تضرب استقرار البلاد والتعايش السلمي بين مواطنيها وفق قوله، كل ذلك أعاد للحرس
بعضا من مكانته وصحح جزءا معتبرا من الصورة التي كان البعض يحتفظ بها عن هذا القطاع
وفق قوله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق