24‏/05‏/2012

موجة توترات أمنية وشائعات تجتاح لبنان وتثير قلقًا


يعيش لبنان على وقع توترات امنية متنقلة يغذيها النزاع لدى الجار السوري والشائعات وتثير قلقا بين المواطنين الذين يتساءلون حول توقيت هذه الحوادث ويخشون الاسوأ.
الليلة الماضية، سمع صوت اطلاق نار في احد احياء غرب بيروت، فسارعت القوى الامنية الى المنطقة واشتبكت على مدى ساعات مع شخص اختبأ في شقة وراح يطلق قنابل ورصاصا، الى ان قتلته واقتحمت الشقة وعثرت فيها على رجل آخر مقتولا لم تعرف ظروف مقتله.
واكدت المصادر الامنية ان اساس الحادث "خلاف شخصي". ولولا التوتر القائم منذ اكثر من اسبوعين لجاء الخبر عاديا كسواه من المطاردات الامنية، الا ان كون المتورطون فيه سوريين فقد فتح الباب لسيناريوهات وتحليلات عدة من "استهداف الجيش" الى "تهريب السلاح" وغيرها.
وبدا واضحا منذ ايام ان لبنان تحول "رهينة" للنزاع السوري الذي ينقسم حوله اللبنانيون، والذي تحاول القيادات السياسية منذ اندلاعه قبل 14 شهرا، ابقاء انعكاساته بعيدة عن البلد الصغير ذي التركيبة السياسية والطائفية والامنية الهشة.
 
وتقول ميريلا قزي (40 عاما) المقيمة في جونيه شمال بيروت "انتظر عودة زوجي من السفر بعد ايام واخشى ان تكون الطرق مقطوعة. اولادي الاربعة قلقون وانا قلقة".
وتتابع غاضبة "اللبنانيون على اختلاف طوائفهم لا يريدون الحرب. لكن هناك من له مصلحة في تفجير بلدنا واحداث فتنة".
وبدأ مسلسل التوتر في 12 ايار/مايو عندما اوقفت القوى الامنية اسلاميا ناشطا في مساعدة اللاجئين السوريين في لبنان بتهمة "الانتماء الى تنظيم ارهابي"، فقامت الاحتجاجات في مدينة طرابلس في الشمال، واطلقت النار على الجيش اللبناني فقتل ضابط.
ثم وقعت اشتباكات عنيفة في المدينة بين سنة مؤيدين للانتفاضة السورية وعلويين مؤيدين للنظام في سوريا اوقعت تسعة قتلى.
الاحد الماضي، قتل رجل دين سني مع رفيقه برصاص الجيش على حاجز للجيش في الشمال، وتوتر الوضع مجددا. ووقعت اشتباكات مسلحة في احد احياء العاصمة بين مجموعتين احداهما مؤيدة للمعارضة المناهضة لدمشق واخرى للاكثرية المؤيدة للنظام السوري اوقعت قتيلين.
وقبل ان تنتهي ترددات مقتل الشيخ عبد الواحد الذي اثار انتقادات على لسان بعض قيادات المعارضة حول وجود "عناصر مندسة" في صفوف الجيش لديها "اجندة سياسية سورية"، جاء خطف عدد من اللبنانيين الشيعة في منطقة حلب في شمال سوريا، ليشعل التوتر مجددا، واتهمت عائلات الموقوفين "الجيش السوري الحر" بعملية الخطف.
وسجل ايضا الاربعاء اطلاق نار قرب مركز حزبي في الحمرا في غرب بيروت واشكال بين طلاب من حزبين متخاصمين داخل جامعة القديس يوسف في بيروت وقطع طرق. وبدت حركة السير خفيفة جدا في العاصمة صباح اليوم.
ويقول خالد سعد (48 عاما) من بيروت انه الغى رحلة عمل الى بلد خليجي بسبب الوضع. "انا متعهد بناء، ولدي شريك خليجي. ماذا اقوله له: ارسل المال لنبدأ البناء، فيما حكومته تطلب منه عدم زيارة لبنان؟+.
وطلبت اربع دول خليجية من رعاياها مغادرة لبنان وعدم التوجه اليه في المرحلة الحالية، بينما دعت السفارة الاميركية في بيروت رعاياها الى الحذر في تنقلاتهم. وتقول ميريلا بحزن "كأنه لا تكفينا اعداد الشباب المهاجرين، يريدون اخراج من تبقى من البلد".
على مقربة من المكان الذي كان يدور فيه الاشتباك الليلة الماضية في كراكاس قال حسام (25 عاما) "هذا هو لبنان الحقيقي. حياة الليل والازدهار الظاهر، كلها اوهام. طالما نعيش في بلد فيه انقسامات، لن نعيش بسلام".
وكان حسام الذي يعمل في مصرف ينتظر انتهاء الاشتباك ليعود الى منزله القريب. واضاف "قد اغادر البلد، لا اعرف كيف يمكن بناء مستقبل هنا". ورأى يوسف الملا، المتطوع في الدفاع المدني من جهته، ان "انتشار السلاح هو السبب، حادث فردي مثل هذا لا يجب ان ينفجر على هذا الشكل".
وتترافق اجواء القلق و"الفلتان الامني المتجول" كما وصفته صحيفة "النهار" الخميس، مع موجة من الشائعات تغذي المخاوف. فقد تلقت وكالة فرانس برس خلال اليومين الماضيين سلسلة اتصالات هاتفية حول قطع طريق هنا وهناك، فسارع المراسلون والمصورون الى المكان، ليجدوا ان لا اساس له من الصحة.
وفي مطار رفيق الحريري الدولي الاربعاء، قال موظف انه تم الاشتباه بوجود عبوة، وتم اخلاء قسم من المكاتب، ليتبين ان الانذار خاطىء. ورغم دعوات القيادات السياسية الى التهدئة وضبط النفس، كلما شعرت مجموعة بانها مستهدفة، ينزل انصارها الى الشارع احيانا بالسلاح، ويقطعون الطرق بالاطارات المشتعلة.
وبات اي حادث يشكل ذريعة جيدة لقطع الطريق. فقد حصلت تجمعات شعبية داعمة للجيش ورافضة للانتقادات الموجهة اليه تسببت بقطع الطرق في جونيه (20 كلم من بيروت) والاشرفية والدورة شرق بيروت.
ليلا، قطع محتجون الطريق في سن الفيل، احدى ضواحي شرق بيروت، بالاطارات المشتعلة احتجاجا على جريمة قتل وقعت نهارا اثر خلاف بين مجموعة اشخاص على دفع فاتورة.
وتحدثت صحيفة "النهار" عن "عجز رسمي فاضح"، بينما عنونت صحيفة "السفير" على صفحتها الاولى "لعنة الامن المفقود تطارد اللبنانيين". وركز مجلس الوزراء الذي انعقد الاربعاء على الموضوع الامني واصدر بيانا اكد فيه دعم الجيش و"تامين كل الامكانات له لحفظ الامن".
ووسط حالة القلق والخوف من المجهول، يجد اللبنانيون مكانا للسخرية والتندر من الوضع القائم على صفحات "فيسبوك" وعبر رسائل الهواتف النقالة. والنكتة الاكثر رواجا منذ ايام هي "بعد الاقبال الشديد على حرق الدواليب (اطارات): بالدور يا شباب، كل طائفة كريمة لها يوم.. هناك دواليب للجميع".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق