19‏/07‏/2012

ارتباك في ايران بعد تفجيرات دمشق

صورة من وكالة شام برس المعارضة تظهر حشودا من الناس حي بلدة داعل بمحافظة درعا حاملين نعوش قتلاهم الاربعاء

كان قيام الثورة الايرانية في العام 1979 نقطة انعطاف في العلاقات الايرانية – السورية، اذ شهدت هذه العلاقات تحولا بعد ان كانت علاقات فاترة بين نظامي حافظ الاسد والشاه السابق. وعشية الثورة الايرانية، وطد نظام حافظ الاسد علاقاته مع زعماء الثورة في ايران وساندها في حربها مع العراق والتي استمرت لمدة 8 سنوات (1980 – 1988).

وكانت سورية البلد العربي الوحيد الذي دعم ايران في حربها مع العراق، وقد تعززت العلاقات بين البلدين في عهد بشار الاسد اكثر فاكثر، وباتت سورية ساحة اساسية للاستثمارات الايرانية بعد ان كانت مقصدا للسياحة ورابطا بين ايران وحزب الله اللبناني.

وبعد اندلاع المظاهرات والاحتجاجات المناوئة لحكم بشار الاسد في آذار (مارس) 2011، وقف النظام الايراني الى جانب النظام السوري ودعمه بكل ما لديه من امكانات اقتصادية وعسكرية وسياسية. وهذا ما اعترف به قادة الحرس الثوري اخيراً.

لا يعتقد المسؤولون في ايران بامكانية تزعزع نظام الاسد وقد شدد علي اكبر ولايتي المستشار السياسي للمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية قبل فترة على عدم احتمال سقوط هذا النظام رغم كل ما يجري في سورية.

الان وبعد تقدم قوات المعارضة، اصبح الوضع مربكا للجمهورية الاسلامية التي اقترحت في الآونة الاخيرة عقد مؤتمر للمعارضة في طهران، الامر الذي رفضته معظم الفصائل التي تناضل ضد حكم بشار الاسد.

ردود فعل ايران

ادى انفجار الاربعاء (18 تموز/يوليو) في اجتماع مجلس الامن القومي الى مقتل 4 اشخاص حسب ما ورد في الاعلام العربي وهم: وزير الدفاع داوود راجحة، ونائب رئيس اركان الجيش آصف شوكت، صهر بشار الاسد، ووزير الداخلية محمد الشعار، وحسن التركماني رئيس خلية الازمة السورية.

اول تصريح بعد هذا الانفجار جاء على لسان وزير الدفاع الايراني احمد وحيدي معربا عن امله بانتصار الجيش السوري. وقال الجنرال وحيدي: "انني واثق من ان جيش الجمهورية العربية السورية الذي صمد باقتدار كامل امام تجاوزات الكيان الصهيوني سينتصر ايضا في مواجهته مع هذا الكيان ونظام الهيمنة الحاكم على العالم".

كما ندد مسؤولون ايرانيون اخرون ووسائل الاعلام في ايران بتفجيرات دمشق واصفين اياها بالارهابية ومتهمين الاجانب والدول الخارجية بالضلوع فيها.

كانت هناك ردود فعل متباينة على الصعيد الدولي والاقليمي. وفيما طالبت القوى العالمية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتنحية بشار الاسد عن السلطة لانهاء العنف في سورية، دعت روسيا وايران، الحليفان الرئيسيان لبشار الاسد، الى مواجهة حاسمة ضد منفذي للانفجار.

واصدرت وزارة الخارجية الايرانية بيانا بعد حادث الانفجار الذي وقع في اجتماع مجلس الامن القومي السوري نددت فيه بالحادث.

وذكر البيان ان الجمهورية الاسلامية "تعتقد بان الطريق الوحيد لتجاوز الازمة الراهنة في سورية هو الحوار من اجل الوصول الى طرق سياسية للخروج من المشاكل الحالية".

واكد البيان ان "اي نوع من عدم الاستقرار في سورية يمكن ان يؤدي الى التوتر ويثير الازمات في المنطقة ويفضي الى العنف والبلبلة".

كما جاء في بيان وزارة الخارجية الايرانية ان "التدخل الاجنبي وارسال السلاح والذخيرة الى داخل البلاد ومساندة بعض الاطراف الاقليمية والدولية للعمليات الارهابية التي تستهدف استقرار وامن سورية لن تؤدي الى شيء".

وفي رد فعل اخر، بعث وزير الدفاع واسناد القوات المسلحة الايراني الجنرال احمد وحيدي رسالة الى نظيره السوري الجديد العماد فهد جاسم الفريج، قدم فيها تعازيه بمناسبة رحيل وزير الدفاع الراحل داود راجحة، معربا عن امله بان ينجح في "مسؤوليته الخطيرة في وزارة الدفاع، خاصة في استتباب الامن والاستقرار وتعزيز السيادة الوطنية للجمهورية العربية السورية".

كما هاتف وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي نظيره السوري وليد المعلم قائلا: "لا يمكن للعمليات الارهابية والاجرامية التي تتم بدعم من الاجانب ان تكون معيارا لكسب الامتيازات والاقتدار السياسي للحكم على الشعب السوري".

وحاول العديد من الوكالات والمواقع التابعة للجمهورية الاسلامية الايرانية خلال الساعات التي تلت الانفجار في دمشق التقليل من اهمية الحدث، واصفة انعكاس ذلك في الاعلام العالمي بانه "تلفيق الاخبار في وسائل الاعلام من اجل تلقين وجود اضطرابات في دمشق".

ووصف موقع "رجا نيوز" القريب من الاوساط الامنية الايرانية، اغتيال وزير الدفاع السوري ومساعده بـ"الشهادة"، منتقدا وسائل الاعلام الاجنبية التي تبث بالفارسية ك "بي بي سي" البريطانية و"دويتشه فله" الالمانية، بسبب ما وصفته بـ "تغطية الحدث لحظة بلحظة".

كما حاولت وكالة انباء "فارس" التابعة للحرس الثوري الايراني ومنذ الساعات الاولى بعد الانفجار ان تظهر الوضع في دمشق بانه هادئ وذلك استنادا الى مواقف وسائل الاعلام الرسمية في سورية.

ورغم معارضة الرئيس السابق محمد خاتمي ورئيس مجلس مصلحة النظام في ايران هاشمي رفسنجاني للسياسات الرسمية المتبعة تجاه الثورة السورية، فان المرشد الاعلى اية الله علي خامنئي لا يزال يدافع عن نظام بشار الاسد ويعتقد – كما النظام السوري – بوجود مؤامرة لقلب الحكم المقاوم في سورية. غير ان المراقبين يعتقدون ان معارضة خامنئي للثورة السورية تنم عن خشيته من فقدان سورية كركيزة للتوسع الايراني في المنطقة العربية وكذلك صعود قوى تعارض التحالف الطائفي بين النظامين الايراني والسوري.

وتعد المبادرة التي طرحتها وزارة الخارجية الايرانية حول اجتماع للمعارضة السورية في ايران نوعاً من خيبة امل بعض الاوساط الحاكمة في طهران من امكانية استمرار الحكم السوري الحالي وضرورة ايجاد علاقات مع المعارضة السورية، غير ان معظم فصائل هذه المعارضة رفضت المبادرة الايرانية بسبب دور النظام الايراني المنحاز الى جانب النظام السوري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق