أظهرت مجموعة من الوثائق والمقابلات أن سوريا قامت بتوسيع نطاق ترسانة أسلحتها الكيميائية خلال السنوات الأخيرة، بمساعدة من جانب إيران، وباستخدام منظمات تعمل في الواجهة لشراء معدات متطورة زعمت أنها ستخصص لبرامج مدنية.
وقد حدث ذلك على الرغم من المحاولات التي قامت بها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية لمنع بيع المواد الكيميائية وما يطلق عليها التكنولوجيا ثنائية الاستخدام إلى دمشق، وفقاً لما ورد في تلك الوثائق التي تناولتها صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
وأوضحت تلك الوثائق كذلك أن الاتحاد الأوروبي قدم في وقت قريب، خلال العام 2010، معدات ومساعدات تقنية بقيمة 14.6 مليون دولار، في صفقة مع وزارة الصناعة السورية. وتحدث دبلوماسيون وخبراء أسلحة عن أن الوزارة عملت كواجهة لبرنامج البلاد الخاص بالأسلحة الكيميائية. ولإدراكه إمكانية قيام سوريا بتحويل المعدات لبرنامج الأسلحة، قرر الاتحاد الأوروبي أنه سيُسمَح له بتفقد أماكن تخزين تلك المعدات لمعرفة طريقة استخدامها. لكن عمليات الفحص توقفت في أيار/ مايو عام 2011، حين فرض الاتحاد عقوبات على سوريا بعد قمعها جماعات المعارضة.
وكانت المخاوف قد تجددت بشكل كبير بخصوص ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية قبل بضعة أيام، حين حذر مسؤول سوري كبير من أن نظام الرئيس بشار الأسد سوف يستخدمها في حالة تعرض البلاد لاعتداء خارجي. وعبر مسؤولون أميركيون عن مخاوفهم بخصوص ما إن كان سيجيز الأسد استخدام الأسلحة ضد شعبه كمحاولة أخيرة من جانبه للبقاء في السلطة. وقال المسؤولون في الوقت ذاته إنهم قلقون بشأن الناحية الأمنية لتلك الترسانة في حالة سقوط نظام الأسد في نهاية المطاف.
هذا وقد تم الكشف عن الجهود التي تبذلها سوريا لتطوير برنامج أسلحة كيميائية كبير من خلال وثائق تخص الاتحاد الأوروبي وحفنة من برقيات الخارجية الأميركية التي لم تكن لها أهمية وكشف عنها ويكيليكس وكذلك مقابلات أجريت مع خبراء خارجيين.
ومضت الصحيفة تنقل عن خبراء أسلحة قولهم إن سوريا تبنت استراتيجية مكونة من شقين لتطوير وإنماء مخزونها من الأسلحة الكيميائية، وذلك من خلال مساعدة علنية وجلب للسلائف الكيميائية والخبرات من إيران بالإضافة إلى امتلاك معدات ومواد كيميائية من شركات غير معتمدة على ما يبدو في بلدان أخرى، في كثير من الحالات عن طريق شبكة من المنظمات التي تعمل في الواجهة. وكانت المواد في كثير من الأحيان مزدوجة الاستخدام، بأغراض في محطات مدنية وفي منشآت خاصة بالأسلحة.
هذا وقد وصفت برقية تعود للعام 2006 عرضاً سرياً من جانب مسؤولين ألمان أمام المجموعة الاسترالية، وهي منتدى غير رسمي لـ 40 دولة إلى جانب المفوضية الأوروبية التي تتصدى لانتشار الأسلحة الكيميائية. وكشفت البرقية عن وجود تعاون بين سوريا وإيران بخصوص تطوير دمشق أسلحة كيميائية جديدة، وقيامها كذلك بتطوير ما يصل إلى خمسة مواقع جديدة تنتج السلائف للأسلحة الكيميائية.
وورد في تلك البرقية التي أعدها دبلوماسي أميركي "ستقوم إيران بتوفير المعدات وتصاميم البناء لإنتاج كمية سنوية تتراوح ما بين عشرات إلى مئات الأطنان من السلائف لغاز الأعصاب وغاز السارين وغاز الخردل. وكان يقوم مهندسون من منظمة الصناعات الدفاعية التابعة لإيران بزيارة سوريا ويمسحون الأماكن للمحطات، ووضعت خطط وبرامج لأعمال البناء والتشييد بدءًا من نهاية 2005-2006".
بينما لخصت برقية أخرى خاصة بالخارجية الأميركية، يعود تاريخها للعام 2008، عرضاً قدمه مسؤولون استراليون لفريق الرصد الذي خلص إلى أن سوريا أضحت متطورة على صعيد جهود نقل المعدات والموارد من البرامج المدنية إلى تطوير الأسلحة.
ورغم هذه التحذيرات، إلا أن محللين أوضحوا أنه قد تبين أنه من الصعب على الولايات المتحدة وبلدان غربية أخرى أن تمنع سوريا من امتلاك المواد والمعدات، بالنظر إلى تعدد استخداماتهم المدنية. ومضت الصحيفة تنقل عن جيمس كوينليفان، محلل بحوث العمليات البارز لدى مؤسسة راند، قوله إن مثل معدات الاختبار هذه قد تكون مكوناً مهماً لبرامج الأسلحة الكيميائية، خاصة في ما يتعلق بالاستبقاء وطول العمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق