29‏/08‏/2012

1200 من منشقي الجيش السوري يقيمون في معسكر سري بالأردن

 
 
في منطقة معزولة من الصحراء الأردنية أقيم معسكر سري يخضع لحراسة مشددة يضم ما يقارب 1200 من كبار ضباط الشرطة والجيش المنشقين عن النظام السوري.
ويعيش هؤلاء الرجال في مقطورات مع مراوح بلا تكييف ولكنهم يمضون أيامهم في مشاهدة التلفاز ومتابعة الانترنت للتعرف على أخبار الحرب الأهلية الدائرة في سورية مشتاقين للمشاركة في الحرب لكنهم لا يستطيعون المغادرة، حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس".
وقالت الوكالة إن الوصول إلى المنشقين يعدّ مقيدا حرصا على حمايتهم، مشيرة إلى أن الجيش الأردني يدير المعسكر، القريب من موقع كان يستخدم سابقا من قبل الولايات المتحدة لتدريب بعض قواتها للحرب في العراق.
وأوضحت أن المنشقين يعيشون بمفردهم بعيدا عن عائلاتهم التي تعيش خارج المعسكر بالقرب من الحدود الشمالية في مدينة المفرق، لكنهم يستطيعون الحصول على تصريح من الشرطة لزيارتها.
وأكدت الوكالة أن المنشقين في المعسكر يستطيعون التواصل مع أعضاء الجيش السوري الحر داخل الأردن وخارجه سواء شخصيا أو عبر الهاتف أو الإنترنت، ولكن دون تبادل لأي معلومات استخباراتية قيمة، وذلك وفقا لمسؤولين أمنيين أردنيين رفضوا الكشف عن أسمائهم لأنه غير مسموح لهم الإدلاء بأي بيانات صحافية.
وتعد هذه التسهيلات دليلا على الدور المتنامي للأردن في دعم المعارضة السورية لكن في ذات الوقت تريد المملكة تفادي التوتر مع جارتها الشمالية الأكثر قوة خوفا من أن يبقى بشار الأسد في السلطة.
وقد رفض الأردن عشرات المطالبات من الحكومة السورية بتسليم المنشقين عنها، كما أنه يسمح لمئات المتمردين السوريين بالدخول والتحرك بحرية في أراضيه.
وليس من الواضح ما إذا كان رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب، الذي انشق مؤخرا عن النظام السوري بالتعاون والتنسيق بين الحكومة الأردنية والجيش السوري الحر، قد أقام في هذا المعسكر أو في مكان آخر.
وقد طلبت "أسوشيتد برس" زيارة المعسكر إلا أنها لم تحصل على إذن بذلك، لكنها تحدثت مع اثنين من المقيمين فيه وصفا لها الوضع هناك.
خلدون، البالغ من العمر 47 عاما، قائد لواء في الجيش السوري سابقا قال للوكالة إن "هناك العشرات من البيوت المقطورة التي يضم كل منها حوالي سبع رجال، كما أن جنود الجيش الأردني يحرسون المعسكر على مدار الساعة".
وأضاف "الرجال يمضون وقتهم في ممارسة الرياضة ولعب الدومينو والشطرنج والأردنيون يتيحون لنا استخدام الإنترنت والهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب ومشاهدة التلفاز".
وتابع "من الجيد أن تكون هنا بعيدا عن التوتر والحرب ولكن ذلك ما لم أتمناه، فأنا أريد أن أكون جزءا من الثوار في حربهم من أجل تحرير سورية، حيث من الصعب مشاهدة الحرب في سورية على التلفاز أو عبر الانترنت دون أن تكون جزءا منها".
وقد انشق خلدون، الذي لم يبح سوى باسمه الأول فقط حرصا على أمن أقربائه في سورية، إلى الأردن في شهر يناير/كانون الثاني الماضي في ذروة حملة نظام الأسد على مسقط رأسه مدينة حمص، والتي أصبحت مركزا للانتفاضة التي بدأت في مارس/آذار 2011.
وينتمي خلدون إلى عائلة سنية معروفة، وقد خدم في الفرقة المدرعة 7 لمدة 23 عاما حتى انشقاقه عن النظام السوري.
ويقع هذا المعسكر بالقرب من أكبر قاعدة جوية أردنية والتي كانت تستخدمها القوات الأميركية للتدريب في العقدين الأخيرين خلال وبعد الحرب في العراق.
وقد رفضت السلطات الأردنية التعليق على هذا المعسكر قائلة إنها "لا تمتلك سوى معلومات ضئيلة عن المنشقين".
وقد فر المنشقون في المعسكر على دفعات منذ بدء الانتفاضة، حيث تم تهريبهم عبر الحدود الشمالية من قبل الجيش السوري الحر ليتم التحقيق معهم من قبل المخابرات الأردنية للتأكد من شخصياتهم وصحة رواياتهم، حسبما ذكر مصدر أمني أردني.
وأضاف المصدر أن "أعمار المنشقين تتراوح بين 40 و60 عاما ويعاني بعضهم أمراضا مزمنة منها ضغط الدم والسكر وأوجاع في الظهر مما يحول دون وجودهم في الصفوف الأمامية أو الانضمام للثوار".
وأوضح أن "عددا آخر من المنشقين من كبار رجال الشرطة والجيش السوريين موجودون في مكان سري ما، من بينهم العقيد في سلاح الجو السوري حسن حمادة الذي فر بطائرته الميغ 21 إلى الأردن في 21 يونيو/حزيران الماضي".
وقال أحد المنشقين المقيمين في المعسكر، والذي عرف نفسه باسم العقيد رحال حرصا على سلامة أقربائه داخل سورية، لـ"أسوشيتد برس" إن "النظام السوري سيدمر هذا المعسكر وما حوله لو علم بوجود أي من الرتب العسكرية العليا فيه، وهذا ما جعلني أغادر سورية".
وأضاف "سجنت أنا و37 من المسؤولين لفترة قصيرة عقب انطلاق الثورة السورية وقد حصل عدد منا على العفو وتم إطلاق سراحنا في مايو/آيار الماضي".
وأوضح "أن النظام أعاده إلى العمل ولكنه كان ينقله من مكان إلى آخر"، وتابع "لم يكن عندي عمل حقيقي سوى مشاهدة التلفاز وشرب الشاي".
وأشار إلى أنه قد قرر الانشقاق حينما قررت القوات الأمنية تصعيد الحملة العسكرية لإنهاء الأزمة.
وتوقع رحال، البالغ من العمر 45 عاما، أن "يحصل الجيش السوري الحر على السلاح الذي يمكنه من القضاء على الأسد".
وقال إن "الجيش السوري الحر أشبه بالطيور على شجرة إذا ما حاول النظام السوري قتل أحدها ستهرب الطيور إلى شجرة أخرى وبالتالي لن يستطيع النظام الإمساك أو القضاء عليهم جميعا".
جدير بالذكر أن الأردن يستضيف 180 ألف لاجئ سوري إضافة إلى المنشقين، الأمر الذي يشكل ضغطا كبيرا على المملكة.
يذكر أن أعمال العنف التي صاحبت حركة الاحتجاج ضد نظام الأسد قبل أكثر من 17 شهرا، أسفرت عن سقوط أكثر من 23 ألف قتيل بحسب تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق