16‏/08‏/2012

مذكرة اسرائيل المسربة: حرب دعاية أم خطة لمهاجمة ايران ؟



جوناثان ماركوس
المحرر الدبلوماسي لبي بي سي

يبدو ريتشارد سيلفرستين، المدون الأمريكي، الذي حصل على نص مذكرة لمخطط اسرائيلي لضرب منشآت ايران النووية، واضحا في رأيه بهذا النص.
يقول سيلفرستين إن مسؤولاً اسرائيلياً بارزاً هو مصدر هذا النص الذي وصفه بأنه مجرد "خدعة للتسويق".
ويرى المدون أن كلا من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك روجا لهذا المذكرة في سبيل الحصول على مزيد من الأصوات "المتشككة" داخل مجلس الوزراء الأمني الذي يعاني من الانقسام بشأن توجيه ضربة لإيران.
ولم تحصل بي بي سي سوى على نص المذكرة المسربة أي أنه لا يوجد ما يثبت إذا ما كان هذا المستند قد خرج بالفعل من مجلس الوزراء الاسرائيلي أم أنها مجرد ورقة "لتحقيق هدف واضح" بحسب المدون الأمريكي .
فسيلفرستين يعتقد إن المستند وصل للسياسي الإسرائيلي، الذي شغل منصب وزير في وقت سابق، عن طريق ضابط بالخدمة وأنه بدوره قام بتسريبها لإعطاء إشارة للعالم حول حجم وقدرة الجيش الاسرائيلي في توجيه ضربة لايران وبالتالي التقليل من احتمال حدوث ذلك.
ويدور كثير من الجدل غير المسبوق في اسرائيل حول إذا كان من الحكمة حدوث مواجهة مع ايران وفيما بعد أصبحت هذه المذكرة، أيا كان مصدرها، جزءا لا يتجزأ من هذا الجدل الدائر.

"شل النظام"

ويكمن عنصر الإدهاش في هذه المذكرة في النص المتعلق بحجم الجيش الاسرائيلي ونطاق عملياته.
فالمستند الذي أشار إلى توظيف امكانيات تكنولوجية حديثة لم يلق الضوء فقط على التطور الذي وصل له الجيش الاسرائيلي بل وأيضا على مدى "الجهوزية لخوض المعركة" في أي وقت.
وبحسب النص المسرب، فإن إسرائيل سوف تستهل عملياتها ضد ايران بهجوم الكتروني مدمر يستهدف منشآت البنية الأساسية بهدف "شل" قدرة النظام على معرفة الخطوة القادمة داخل حدود البلاد.
ويعقب ذلك استهداف مواقع نووية بواسطة صواريخ بالستية ثم تقوم الغواصات الاسرائيلية بإطلاق صواريخ كروز من الخليج.
كما أشارت المذكرة إلى أن الضربات الاسرائيلية لن تستهدف المنشآت النووية فقط بل سيتسع نطاق هجماتها ليشمل أنظمة التحكم ومراكز الأبحاث إضافة إلى استهداف مقرات مسؤولين بارزين ومراكز تطوير الصواريخ.

خطة خيالية

واسترسلت المذكرة في ما بعد الموجة الأولى من الهجمات قائلة إن الجيش سيجري عملية تقييم سريعة لحجم الدمار الذي لحق بالأهداف بواسطة الأقمار الصناعية ومن ثم تقوم طائرات مأهولة بتوجيه ضربات لأهداف محددة بدقة أكثر.
وفي الوقت الذي تشير كل كلمة في هذا النص إلى الطفرة التكنولوجية التي حلت بمعدات الجيش الاسرائيلي إلا أن بعض النقاط بها بدت خيالية وأشبه بما يحدث في روايات الخيال العلمي.
فعلى سبيل المثال، ذكرت أحد أجزاء الخطة المسربة إن اسرائيل ستهاجم ايران في مرحلة ما باستخدام "طائرات غير مرئية" وهي التكنولوجيا التي لا تتوفر حتى لدى حليفتها الولايات المتحدة الامريكية.
كما لم يتضمن النص أي إشارة لرد ايراني محتمل على هذه الهجمات.
وتطرح المذكرة كثيرا من التساؤلات على المستوى الدولي بشكل عام وبين أوساط قادة الجيش الاسرائيلي وأجهزة المخابرات بشكل خاص حول مدى التشعب الذي قد تصل إليه هذه المواجهة في ظل الأوضاع "المحمومة" التي تمر بها المنطقة.
بيد أن اللاعبين الرئيسين، باراك ونتنياهو، أصرا أنهما لن يترددا في تنفيذ هذه الخطة إذا توجب اتخاذ هذا القرار المصيري.
وعند هذه النقطة فإن مجلس الوزراء الأمني في اسرائيل انقسم إلى نصفين بين مؤيد ومعارض لهذه الضربات.
قد يكون هذا النص بالفعل خطة اسرائيلية للهجوم على ايران أو قد تكون مجرد وسيلة لقياس الرأي العام بالداخل والخارج. لكن المعلومات المسربة حول الهجمات المحتملة والانقسام الاسرائيلي بشأنها ترسل رسائل قوية لطهران وواشنطن والعالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق