16‏/08‏/2012

إيران تسعى لاختراق حزام الحصار بشركات وهمية

جانب من العاصمة الإيرانية طهران

رغم سلسلة القرارات الدولية بالحظر الاقتصادي على إيران والمتابعة المستمرة لمعظم الأجهزة الغربية بفرض الحصار إلا أن طهران برعت في التهرب من هذه الضغوط بأساليب مختلفة، فهي تحاول استخدام طرق ملتوية للتعامل المالي وقد تكون من خلال بنوك عالمية ظهر اسمها في نشرات الأخبار في الآونة الأخيرة.

وتتحرك أموال طهران عبر التحويلات المصرفية الملتوية وعبر كيانات مالية قد يصعب كشفها أحياناً للمراقبين، وحالياً قبلت طهران بيع النفط بعملات محلية لدول خارج قرار المقاطعة، ومن هذه الاموال بدأت إيران في جلب البضائع الاستهلاكية، بل إنها أغرقت أسواقها بالعديد من السلع الكورية والهندية وأخيراً الصينية، حيث تمثل بكين أحد المقاطع التجارية الرئيسية لدعم النظام الإيراني، دون أن ننسى أن الدعم الفني والتقني والنفطي يقوم به 4 ملايين صيني يعملون على الأراضي الايرانية، بحسب ما كشفه مصدر مطلع لـ"العربية.نت".
قسوة الرقابة جعلت طهران تحتمي بالواجهات التجارية في المنطقة، بل إنها عمدت لتأسيس شركات وهمية في المناطق الحرة، إلى تهريب بضائعها وإلى معظم قطع برنامجها النووي القائم.

ومن الصعب أن تحصي الشركات الوهمية الايرانية، ومن الصعب كذلك معرفة الاشخاص الذين يترددون على شراء البضائع، فغالباً ما تلجأ طهران الى تغيير هذه الشخصيات في كل عقد او صفقة.

وبحسب مصادر مطلعة فإن الايرانيين يجوبون العالم لعقد الصفقات النفطية بأرخص الأسعار، وأحياناً بالمقايضة وهؤلاء غالباً ما يتحركوا عبر جوازات دبلوماسية لتفادي تأشيرة الزيارة لهذه البلدان، وبالتالي يصبح الباب مفتوح أمامهم للقاء رجال الاعمال أو المكاتب التجارية، صحيح أن العقوبات خنقت عنق طهران تجارياً لكن الإيرانيين انفسهم، استطاعوا أيضاً الهروب من النافذه بدل الباب.

ووفقاً لتقرير نشرته جريدة "الوطن" السعودية سلّط الضوء على ممارسات إيران غير الشرعية في بيع إنتاجها من النفط، حيث تشير الى أن الباب بات مفتوحاً على مصراعيه أمام الدول الآسيوية للالتفاف على العقوبات الأمريكية والأوروبية، للحفاظ على وارداتهم من إيران، على الرغم من التزامهم في البداية بقرارات حظر شراء النفط الإيراني، إلا أن التنازلات الإيرانية التي وصفها خبراء نفطيون أنها لأغراض سياسية، شجعت تلك الدول على الإقبال في شراء النفط الإيراني، مؤكدين أن ذلك لن يؤثر على تسويق النفط الخليجي عالمياً.

واتفق خبيران نفطيان خليجيان تحدثا، على أن إيران بحكم تعاملها في السوق السوداء، تستخدم النفط لأغراض سياسية أكثر من استخدامه لأغراض اقتصادية، مؤكدين أن دول شرق آسيا هي المتضرر الأكبر من تعاملها مع إيران في النهج القائم على السوق السوداء.
الدكتور راشد أبانمي، خبير النفط السعودي، قال إن عملية مقاطعة النفط الإيراني أتت بطريقة تدريجية، إذ لابد أن تكون المقاطعة بالتدرج، مضيفاً أن الأسعار لن تتأثر لوجود عوامل كثيرة تجعل تأثير حظر النفط على المعروض معدوم. وأشار أبانمي إلى أن مستوردي النفط الإيراني لديهم فرص كثيرة، وقد أتيحت لهم الفرصة من دول أخرى للتعويض المناسب عن أي نقص على طلبهم من النفط، مثل السعودية ودول الخليج، التي أثبتت ذلك عندما انقطع النفط الليبي عن العالم.

وأضاف "إيران تصدر الآن 2.2 مليون برميل يومياً، وهو يعتبر لا شيء مقابل ما تنتجه السعودية ودول الخليج، والتدرج في عملية الحظر ليس مخططا لإيران فقط، بل لدول العالم كله، كي لا تتضرر، فقد أعطت أمريكا بعض الدول التي لا تستطيع أن تقاطع النفط الإيراني بشهر أو شهرين لأن المصافي معتمدة على النفط الإيراني، ويوجد عقود قديمة معهم تم بناء عليها إعطاؤهم استثناء، كي لا يتأثروا سلبياً من هذه المقاطعة، ويتم مراجعة هذه الاستثناءات كل 3 أشهر".

وقال أبانمي إن 50% من النفط الإيراني محظور على العالم حاليا، والـ50% الأخرى المتبقية تذهب للسوق السوداء، مضيفاً "فدخل إيران العالي من النفط لا شك أنه يؤهلها لصرف الأموال والعوائد لدول أو أنظمة وجماعات خارجة عن القانون، وبلا شك أن الإعلام الإيراني مرصود له ميزانية كبيرة. فعندما يتم الحظر، إيران ستتخلى عن الكثير من الأنظمة والجماعات، لأن أول المتأثرين من هذا الحظر هي إيران، فبتالي إيران ستركز على دعم ميزانيتها.

ومن جهته يرى حجاج بوخضور، خبير النفط الكويتي، أن الخطأ الذي وقعت به أسواق النفط في آسيا، يتمثل في اعتمادها في إحدى احتياجاتها النفطية على النفط الإيراني لفترة طويلة جداً، باعتبار أن إيران لا تلتزم بقرارات أوبك، مما شجع دول شرق آسيا بالتعامل مع إيران، لأنها تخرق هذه القواعد، إما بزيادة الإنتاج أو بإعطاء أسعار بخصومات وحسومات كبيرة.

وقال بوخضور إن التعامل بين الدول الآسيوية وإيران بشكل فيه من المخالفات المالية "القانونية" وشبهات وغيرها، لا يعطي استقراراً في السوق ولا يعطي ديمومة لتدفق النفط، وبالتالي دول شرق آسيا تأثرت الآن بسبب الحظر العالمي على إيران بسبب ممارساتها وما إلى ذلك.

ودعا بوخضور الدولَ الآسيوية إلى التوجه لدول لديها مصداقية في التعامل، ويُعتمد عليها وهذه هي فرصة دول شرق آسيا للتعامل مع دول منتجة للنفط كدول الخليج بشكل أساسي، لا أن تعتمد على إيران، وتأثير بيع النفط الإيراني في السوق السوداء لا يؤثر على دول الخليج، ودول الخليج لا تجد مشكلة في تسويق النفط، بالعكس هناك طلب وهناك مخزون متوقف من النفط.

وأضاف أن المشكلة التي وقعت بها دول شرق آسيا وتحديداً الصين، بحكم تعاملها مع النفط الإيراني في السوق السوداء، مشيراً إلى أن إيران دائماً تستخدم النفط لأغراض سياسية أكثر من أن تستخدمه في أغراض اقتصادية، وهذا لا يجعل استقرارا في الاقتصاد ولا في السياسة، لذلك فإن دول شرق آسيا هي المتضررة من تعاملها مع إيران في النهج الذي تعمل به والقائم على السوق السوداء.

وبالعودة إلى إلى أبانمي، أكد أن لا تأثير لحظر النفط الإيراني على أسعار النفط، مشيراً إلى أن إيران تبحث حاليا عمن يشـتري نفطها في السـوق السوداء، والدول الأخرى لا تريد أن تكون عرضة للعقوبات الأميركية الأوروبية، لكن إذا أغرتـهم إيران بأسعار منخفضة جدا سيغامرون ويشترون، مما يعني أن ذلك يضغط على الأسعار للانخفاض، لافتا إلى عاملين مهمين: العامل الأول يتمثل في الدول المنتجة للنفط مثل الخليج، التي هي مستعدة لرفع الإنتاج بما يعوض أي نقص في السوق بسبب إيران أو غيرها، والعامل الثاني يتمثل في المقاطعة، التي أُخذت بعناية كافية وبتعاون دولي.

وزاد أبانمي أن الأسعار تعتمد على العرض والطلب، وإذا كان العرض زائدا على الطلب، لا شك أن ذلك ينعكس على الأسعار، أو يقل العرض على الطلب الفعلي، مضيفا "لا شك أن ذلك يحدث نـوعا مـن الضـغط على الأسعار، لكن العرض الآن مكافئ للطلب ولا يوجد نقص، وكان هناك توقعات أن يوجد نوع من النقص، مبنية على بيانات ليست واضحة، من ناحية الاقتصاد الدولي أزمة اليورو، والأزمة العالمية كل ذلك ينعكس على الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق