10‏/08‏/2012

الجيش السوري الحر يعلن نقص العتاد وقوات النظام تواجه مشاكل لوجستية


مع استمرار المعارك وتحول الصراع إلى عمليات كرّ وفرّ، بات الجيش السوري الحر يعاني نقص العتاد كما أن القوات النظامية أيضاً أصبحت تواجه مشاكل لوجستية.
يُقال في العلوم العسكرية الحديثة إن الهواة يتحدثون عن التكتيكات والمحترفين يتحدثون عن اللوجستيات. ويلاحظ محللون أن صحة هذا القول تأكدت الشهر الماضي في القتال الذي شهدته دمشق عندما انكفأ هجوم المعارضة بسبب نقص العتاد.
ويبدو أن المشكلة نفسها تتكرر في حلب. إذ أعلن الجيش السوري الحرّ يوم الخميس انسحاب مقاتليه من حي صلاح الدين تحت قصف عنيف تعرضت له مواقعهم من قوات النظام. وعزا المقاتلون انسحابهم إلى نقص الذخيرة وخاصة قاذفات آر بي جي التي قال قادة ميدانيون انهم كانوا يستخدمونها بمعدل 60 قذيفة في اليوم. كما أصبح البنزين مشكلة أخرى يتعيّن علاجها.
ولكن المعارضة ليست وحدها التي تواجه مشاكل لوجستية. ونقلت صحيفة الغارديان عن مصادر وصفتها بالموثوقة أن قوات الجيش النظامي أيضًا تلاقي صعوبات وخاصة في صيانة المروحيات الهجومية التي اخذت تعتمد عليها بصورة متزايدة.
 
وفي نزاع تبدو قوات الرئيس بشار الأسد عاجزة عن هزم معارضة يشتد بأسها باستمرار أصبحت التكتيكات واللوجستيات على السواء عاملاً حاسمًا.
والواقع أن المعارضة ما زالت تخوض معركة غير متكافئة عسكريا، ولكنها استطاعت أن توظف انعدام التكافؤ لصالحها، على المدى القريب على الأقل، في حين يلاقي النظام صعوبة متزايدة في استغلال تفوّقه بالقوة النارية بعد انتقال القتال الى المدن الكبيرة.
وحين بدأ النزاع كان لدى نظام الأسد أكثر من 300 الف جندي وبمقدوره استدعاء أكثر من 100 الف رجل للانخراط في ميليشياته وتشكيلاته القتالية الأخرى. وفي حين أن الانشقاقات والخسائر انتقصت من هذه الأرقام الاجمالية فإن خبراء يرون أن قوات النظام ما زالت تربو مرتين أو ثلاث مرات على حجم الجيش السوري الحر الذي يقول إن لديه 70 ألف رجل يقاتلون في صفوفه.

كما يسيطر النظام سيطرة مطلقة في الجو حيث لا تتوفر لدى الجيش السوري الحر كميات يُعتد بها من الصواريخ المضادة للطائرات أو التدريب اللازم لاستخدامها رغم أن الجيش السوري الحر يقول خلاف ذلك.
ومن حيث الدروع تبقى قوات الجيش النظامي متفوقة تفوقًا ساحقًا رغم امتلاك الجيش السوري الحر بضع دبابات وعددًا من العربات المصفحة في مواجهة نحو 5000 آلية مدرعة كانت لدى النظام يوم اندلاع الانتفاضة.
ورغم كل هذه المعطيات فان خبراء يؤكدون أن الوضع تغير لغير صالح النظام. وقال الضابط السابق في الاستخبارات الاميركية جيفري وايت الذي يعمل الآن محللاً مختصًا بالشؤون السورية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "إن ميزان القوى العسكرية يتغير". واضاف وايت أن البحث يتركز دائمًا على انتظار "نقطة الانعطاف في سوريا، ولم تأت لحظة حاسمة، ولكنّ تغيرًا حدث" في ميزان القوى.
وتابع وايت أن احد العوامل الحاسمة في هذا التغير هو تطور قدرات الجيش السوري الحر في استخدام ما لديه من اسلحة غنمها من الجيش النظامي أو اشتراها من مستودعاته، وتطور مستوى القيادة رغم الخسائر التي تكبّدها بين قياداته الميدانية.
ونقلت صحيفة الغارديان عن ضابط الاستخبارات الأميركي السابق قوله "إن ما يمتلكه مقاتلو الجيش السوري الحر من اسلحة خفيفة وقاذفات آر بي جي يستخدمونه بفاعلية أشد بكثير وهم يستخدمون منظومات مضادة للطائرات استولوا عليها مثل زد يو ـ 23 ومدافع دوشكا استخداما افضل بكثير".
 
والنتيجة، كما يرى وايت، ان قوات النظام تتكبد خسائر أكبر مشيرا إلى مقتل 150 ـ 160 جنديا كل يوم خلال الشهرين الماضيين.
واللافت انه رغم كل الحديث عن شحنات اسلحة تصل الى الجيش السوري الحرّ بتمويل من دول خليجية والمعلومات التي توفرها الاستخبارات الأميركية والتركية والتنسيق معها، ليس هناك دليل ملموس حتى الآن على وصول السلاح بكميات كبيرة من الخارج. وتشير الأدلة المتاحة على مثل هذه الشحنات إلى أنها في الغالب أسلحة خفيفة.

وحاول الصحافي البلجيكي ديمين سبليترز ان يحدد مصدر الأسلحة الخفيفة التي جاءت من مصدر غير الجيش النظامي نفسه، بما في ذلك اسلحة بلجيكية ونمساوية الصنع شوهدت بأيدي مقاتلي المعارضة.
واشارت تقارير الى تهريب هذه الأسلحة من ليبيا عن طريق العراق الى شمال سوريا. ولكن الصور واشرطة الفيديو المتوفرة والتقارير الواردة من الداخل تبين أن غالبية الأسلحة التي حصلت عليها المعارضة ذات منشأ سوري، من امدادات سوفيتية قديمة.
وروى مقاتل لوكالة رويترز في اواخر تموز/يوليو كيف حصلت وحدته التي تعمل في محافظة ادلب على أسلحتها الثقيلة. وقال المقاتل رضوان الساعور، وهو عامل سابق من اللاذقية: "اخذنا مدافعهم المضادة للطائرات غنيمة، وتركنا 12 من رجالهم قتلى".
وتحدث المقاتل خلدون العمر في الوقت نفسه قائلاً "لم تكن لدينا خبرة في تصنيع المتفجرات أو أي قيادة متماسكة... ولكن هذا يتغير الآن وتبدو المعارك اقرب إلى الحرب بين جيشين، رغم تفوقهم الكبير علينا بالقوة النارية".

وتقف وراء تطور قدرات الجيش السوري الحر جملة عوامل من المرجح أن تزداد اهميتها حتى إذا خسر المقاتلون معركة حلب.
وبعد أن فقد نظام الأسد السيطرة على مزيد من أرياف سوريا بات من الأسهل على المعارضة أن تحرك مقاتليها وأسلحتها مع حرمان النظام من هذه القدرة في الريف. ورغم ذلك يرى مراقبون أن النظام ما زال يحتفظ بقوة عسكرية كبيرة على مستوى الأفراد والمعدات وأن قادة الجيش النظامي، تحسبا لوقوع مواجهة حول هضبة الجولان، رفدوا ترساناتهم بما يتيح خوض نزاع تقليدي أمده عامان مع اسرائيل، إذا دعت الحاجة. ولكن خبراء آخرين يقولون إن من السمات البارزة للمرحلة التي دخلها القتال حدوث تغير في تكتيكات النظام.
ويلفت هؤلاء الخبراء إلى أن النظام يعتمد الآن اعتمادًا متزايدًا على استخدام القوة الجوية في القتال حول مدينة حلب، بما في ذلك استخدام مقاتلات ايل ـ 39 لضرب مواقع الثوار والقاء قنابل زنتها 550 رطلا من مروحيات حربية مع الامتناع عن زج القوات الأرضية والدروع حتى الأيام الأخيرة.
وفي حين ان مراقبين عزوا ذلك الى نقص في المدافع المنتشرة حول المدينة فان آخرين قالوا انه يشير الى إحجام النظام عن المغامرة بتكبد مزيد من الخسائر بين القوات الموالية عن طريق الإصابات أو الانشقاقات.
وقال الكولونيل البريطاني ريتشارد كيمب وهو قائد عسكري سابق شارك في إعداد دراسة حديثة عن الأزمة السورية نشرها المعهد الملكي للخدمات الموحدة، انه سمع "همسا" عن حصول الجيش السوري الحر على صواريخ مضادة للطائرات من الخارج "ولكن لا شيء ملموس".
ويرى الكولونيل كيمب ان غالبية المساعدات الاميركية والخليجية كانت معدات اتصالات وتدريبات ومعلومات استخباراتية. كما اشار الى تلقي النظام مساعدات مماثلة من ايران وروسيا.
ونقلت صحيفة الغارديان عن الكولونيل كيمب قوله "ان المسألة في كل الأحوال تتعلق بمدى فائدة هذه الأسلحة المتطورة لقوة مثل الجيش السوري الحر" مرجحا ان تبدي تركيا والولايات المتحدة حذرا في تقديم اسلحة مضادة للطائرات قد تقع بالأيدي الخطأ.

وقال الكولونيل كيمب ان الجهات ذات العلاقة ستتذكر ما حدث في افغانستان حيث تعين اعداد برنامج لاعادة شراء صواريخ ستينغر التي قُدمت الى المقاتلين الافغان في وقت سابق.
ورصد كيمب، مثله مثل محللين آخرين، حدوث تغير في تكتيكات النظام خلال معركة حلب حيث ابدى الجيش السوري الحر ثقة أكبر عسكريا، وقال ان من الجائز ان يكون سبب التغيير "ادراك النظام نفسه بأنه كلما تصاعد القتال زاد خطر التدخل الخارجي".
اعداد عبد الاله مجيد 

المصدر         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق