18‏/08‏/2012

أكذوبة يوم القدس الإيراني .. متاجرة وألاعيب خدمة لأجندات طهران


د. أيمن الهاشمي
لقد ثبت بالملموس أنه لا يوجد نظام عربي أو إسلامي، تلاعب بالقضية الفلسطينية خطابياً، وتاجرَ بها، لخدمة أجنداته الداخلية والخارجية، كما فعل النظام الإيراني منذ توليه السلطة في عام 1979 زمن مؤسسه الخميني، الذي بدأ هذا الاستغلال التجاري المصلحي للقضية الفلسطينية في 7 أغسطس من عام 1979 أي بعد ستة شهور من تسلمه السلطة، عندما أعلن الخميني في خطبة آخر جمعة من رمضان ذلك العام: " أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوماً للقدس، وأن يُعلنوا من خلال مراسيم الاتحاد العالمي للمسلمين دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم). وبعد عام من ذلك، في نفس الأسبوع من عام 1980 أعلن الخميني نفسه: (نسأل الله أن يوفقنا يوماً للذهاب إلى القدس والصلاة فيها إن شاء الله. وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس يوماً كبيراً، وأن يُقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية) نصرة للشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه في محنته ضد الاحتلال الصهيوني. وحينها استبشر بذلك بعض العرب المخدوعين بشعارات الثورة الخمينية، ومنهم الفلسطينيون، وظنوا أن نظام ملالي طهران يسعى فعلا إلى تحرير فلسطين..
ولكن، لم تكد تمر أشهر قليلة حتى نشبت الحرب الإيرانية العراقية (سبتمبر 1980) واستمرت ثمانية اعوام، بسبب تعنت الخميني شخصياً في قبول قرارات المجتمع الدولي بوقف إطلاق النار بين الجانبين. وكان أن خسر العالم الإسلامي في تلك الحرب التدميرية، ما يفوق على المليون مسلم قتيلاً وأضعافُ هذا العدد من الجرحى والمُعاقين، وتأخرت عملية التنمية في البلدين وتركزت المصاريف على المجهود الحربي. فكانت اختباراً جديّاً وحقيقيّاً لشعارات (يوم القدس الإيراني) التي أطلقها الخميني. وبنفس الاتجاه أطلق الخميني شعاراً جديداً غريباً وهو "إنَّ الطريق إلى القدس تمرّ ببغداد!!"، وهذا معناه أنه لا يمكن تحرير القدس إلا بإسقاط نظام الحكم القائم في العراق وتدمير مدينة بغداد كرمز عروبي اسلامي يُغيض بماضيه وتاريخه كوامن الحاقدين على العروبة والاسلام العربي.
لقد أكَّدَ شعار "أن الطريق إلى القدس تمر ببغداد" أن ملالي طهران يتاجرون بقضية العرب والمسلمين الأولى، قضية فلسطين، فلم يعمل الخميني واتباعه من بعده على مدى 32 عاماً شيئاً من اجل تحرير القدس، وتبين أن دعوتهم لتضامن المسلمين أن تكون بالمظاهرات فقط، وارباك الامن الداخلي في البلدان الآمنة، أي بالشعارات والخطب البلاغية التي تدغدغ عواطف الجماهير الغفيرة.
لقد كان شعار الخميني الجديد "الطريق إلى القدس تمر ببغداد" شاهدا على أن الثوار الإسلاميين في إيران انما يستخدمون اسم القدس كورقة سياسية ودعاية فجة, ومحاولة لاستمالة المخدوعين العرب وغير العرب الذين صدقوا عزم الثورة الإسلامية الخمينية على تحرير القدس. وإذا كانت بغداد ونظامها يشكلان عقبة أمام الجمهورية الاسلامية من أجل انجاز وعدها بـ (تحرير القدس), فها هي بغداد ونظامها سقطا في غزو اميركا للعراق عام 2003 وهو الغزو الذي لم يكن ليتم ولم يكن لأميركا ان تحتل العراق وتسقط النظام, لولا الدور الإيراني في ذلك وهذا ما اكده اكثر من مسؤول ايراني منهم "رفسنجاني" ومنهم "محمد علي ابطحي" النائب السابق لرئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية للشؤون القانونية في كلمته امام مؤتمر "الخليج والتحديات" الذي عقد في ابوظبي يناير 2004 حين قال بالحرف الواحد أمام المؤتمر: "لولا الدور الايراني المتعاون لما تمكنت اميركا من اسقاط كابول وبغداد!!!..
فإذا كانت العقبة امام جهود الثورة الاسلامية لتحرير القدس هي بغداد ونظامها فإنهما سقطا فما العذر لدى ايران في عدم اتمام مشروعها لتحرير القدس بعد ان تحررت بغداد وصارت ولاية من ولايات ايران?
لو كان ملالي طهران عازمون حقا على تحرير القدس لكان لهم دور في صد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة, ولكان لهم دور في كسر الحصار الاسرائيلي المفروض على غزة منذ عامين, ولكنهم اكتفوا هم ووكيلهم "حزب الله" بكل ترسانته من الصواريخ الايرانية موقف المتفرج في حين ان تصريحاته العنترية الطنانة كانت تتوعد اليهود بسيل من الصواريخ ان هم اعتدوا على غزة!
لقد وعت الأمة العربية وبخاصة الاحرار من العرب, والمتنورين, والذين أدركوا المرامي الخداعة لملالي طهران من رفع شعار يوم القدس, للمتاجرة بالقضية الفلسطينية, لقد بات معلوما للقاصي والداني ان الملالي لا تهمهم فلسطين ولا تهمهم القدس ولا تعنيهم في شيء, سوى استخدامهما كورقة دعائية وخديعة للمخدوعين من العرب والمسلمين الذين صدقوا أو يصدقون ان إيران الملالي عازمة على تحرير القدس, لكنها استبدلت شعار "الطريق الى القدس يمر عبر بغداد" بشعار "الطريق الى فلسطين يمر عبر نشر التشيع الصفوي في العالمين العربي والاسلامي, فإلى متى يظل المخدوعين على انخداعهم بهذه الشعارات الإيرانية الجوفاء التي بان كذبها وافتضحت مراميها?
تلك هي ساحة الجهاد والنضال في فلسطين فلتتحرك جحافل الجيش الاسلامي الإيراني لتحريرها إن كان ملالي طهران صادقين هم وامامهم الراحل الخميني حقا بالشعارات الجوفاء التي يخدعوننا بها.. ولكن هيهات, فقد افتضحت العلاقات السرية الوثيقة بين إيران وإسرائيل, وهذه الساحة العراقية بعد غزو العراق تشهد على تنسيق كامل بين الملالي وبين الشيطان الأكبر (أي الولايات المتحدة الأميركية), لإدارة الشأن العراقي, وأميركا هي التي سمحت لإيران بالتمدد في العراق.. فكفى خداعا وجدلا.
وفي الذكرى 32 ليوم القدس الخميني نوجه الاسئلة التالية للدلالة على اكذوبة هذا اليوم الذي يريدونه يوما لنصرة عقيدتهم المنحرفة وتمجيد رموزهم ولرفع الاعلام الايرانية وشعاراتهم الجوفاء، ولتغيير المفاهيم ومسخ العقول وطمس الدين الصحيح:
1. ماذا قدمت سلطات الثورة الاسلامية الايرانية للقضية الفلسطينية وقضية تحرير القدس من دعم سوى الخطب الجوفاء والشعارات الفارغة على مدى 32 عاماً؟
2. هل أسهمت حكومة ملالي طهران بتوحيد الصف الفلسطيني أم أنها زادته تفرقاً وانشقاقاً من خلال تدخلها السافر في الشأن الفلسطيني ليس بهدف الاصلاح والقريب بل بهدف توسيع الخلاف والشقاق والتناحر؟
3. هل أن دعم إيران للاحتلال الأمريكي للعراق هو واجب شرعي وهل يخدم قضية تحرير فلسطين والقدس؟ ألا يلتقي ذلك مع خدمة المصالح الصهيونية؟
4. ماذا فعلت سلطات الملالي من أجل إنقاذ فلسطينيي العراق الذين تعرضوا للقتل والتصفيات والتهجير واغتصاب ممتلكاتهم على يد عصابات الميليشيات الطائفية التابعة لإيران؟ كما تم اعتقال الآلاف من الشباب الفلسطيني وتوجيه التهم لهم بالإرهاب؟ كما تم تهجير حوالي ثلثي الفلسطينيين المقيميين في العراق إلى دول أجنبية بعد أن تم اسكانهم في الصحراء على الحدود العراقية لعدة سنوات! فهل يأتلف هذا مع شعارات تحرير فلسطين ويوم القدس؟
5. هل أن وقوف ملالي طهران مع النظام السوري لوأد ثورة الشعب السوري يُمثل نصرة لفلسطين.
6. ألم يجري ذبح وتشريد الفلسطينيين في لبنان على يد ميليشيات حزب الله بإسناد ودعم إيراني؟
7. ماذا قدمت إيران من دعم لأهالي غزة أيام الحصار الإسرائيلي وكانت غزة تحترق بالصواريخ والقذائف الصهيونية ونظام الملالي وتابعه حزب الله يتفرجان؟
8. هل إن تحرير القدس يتم من خلال الحث على كراهية العرب، او من خلال احتجاز عشرين ألف أسير عراقي عربي مسلم في زنازين إيران لشفاء الغليل الصفوي والانتقام ممن جرعوكم كأس السم كما قال واعترف كبيركم الخميني؟ وهل تحرير فلسطين يتم من خلال زرع خلايا الفتنة والتخريب في الدول العربية وبخاصة في الخليج العربي؟
9. هل يأتلف يوم القدس مع احتلالكم للجزر العربية الإماراتية التي اغتصبتموها ظلما وعدواناً، وما الفرق بينكم وبين من يغتصب القدس وأي أرض عربية فلسطينية أخرى؟
القدس عربية ولن يحررها غير العرب والفلسطينيين وأهلا بكل جهد اسلامي نقي السريرة خال من أي غرض طائفي، وإن كان ملالي طهران صادقين في ادعاءاتهم تحرير القدس فتلك هي ساحة الجهاد في فلسطين فلتتحرك جحافل (الجيش الإسلامي الإيراني!!) لتحريرها إن كنتم صادقين غير متاجرين!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق