07‏/09‏/2012

فيلق القدس الايراني: تدخل ونشاط من العراق الى سورية

من قوات فيلق القدس



شغل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني بال العديد من الدول القريبة والبعيدة بسبب تدخلاته واعماله التي تجاوزت منطقة الشرق الاوسط لتصل الى الدول الافريقية واميركا اللاتينية. فقد نشر موقع "زمانه" الفارسي تحليلا حول اعمال هذا الفيلق، جاء فيه: "فيلق القدس هو الفرع الخارجي لقوات الحرس الثوري الايراني وقد تشكل ابان الحرب العراقية – الايرانية (80 – 1988) وتطورت نشاطاته تدريجا، خاصة بعد الهجوم الاميركي على افغانستان والعراق.

احد المواضيع المفصلية في فهم السياسة الخارجية للجمهورية الاسلامية الايرانية، خاصة في ما يتعلق بالعمل من اجل الحفاظ على امنها، هو تتبع نشاطات فيلق القدس الخارجية في العراق وافغانستان وسورية ولبنان وغزة.

خلال احتلال القوات الاميركية للعراق في آذار (مارس) 2003 تبين ان ايران ستسعى لإثارة عدم الاستقرار في العراق والنفوذ بين الشيعة هناك. اذ وصف بعض المحللين السياسة الايرانية في العراق بـ"الفوضى المُدارة" او الفوضى المسيطر عليها، اي يجب ان يصبح العراق غير مستقر بشكل ان تنشغل القوات الاميركية هناك لتشعر بعدم الامان، لكن ليس بالحد الذي يشمل ايران ايضا او يثير ردود فعل حادة من قبل الولايات المتحدة الاميركية. فقدان الامن للقوات الاميركية سيكون لصالح الجمهورية الاسلامية لانه في هذا الحالة ومن اجل استتباب الامن في المنطقة ستحتاج الى ايران ولن تكون لديها الفرصة للقيام بعمل عسكري ضد ايران.

ومن اجل الوصول لهذا الهدف كانت ايران تملك مسبقا جميع الادوات الضرورية: اولا العراق بلد شيعي في غالبيته والعديد من الشخصيات التي برزت على الساحة ومنهم نوري المالكي قضوا فترة منفاهم في ايران في عهد صدام حسين، بل والبعض منهم قاتل الى جانب الجيش الايراني ضد العراق. الاداة الاخرى التي استخدمتها ايران كانت فيلق القدس، الذي يقدر عدد خبرائه بـ 15 الف شخص.

وقد اتهمت الولايات المتحدة دوما فيلق القدس بمساعدة فيلق بدر الشيعي في العراق، كما تؤكد تصريحات لمسؤولين كبار مثل الرئيس الاميركي السابق جورج بوش والقائد السابق للقوات العسكرية الاميركية في العراق ديفيد بترايوس، كما ان الاحداث تؤكد تورط فيلق القدس في تنفيذ عمليات عسكرية، خاصة ضد القوات الاميركية في العراق.

كانت ردود الجمهورية الاسلامية الايرانية على الاتهامات المتعلقة بتدخلهم في العمليات الارهابية في العراق مبهمة. فهم يدعون انهم لم يقوموا باي عمليات، وان فيلق القدس ليس الا نموذج واسوة للمقاتلين المسلمين، لكن نفس وجود فيلق القدس كفرع عسكري كثير العدد، وكذلك تبجح وسائل الاعلام التابعة للحرس الثوري بتنفيذ عمليات سرية خارج ايران تتناقض وذلك الادعاء.

بعد الانحسار النسبي في انشطة فيلق القدس في العراق والتي جاءت اثر تهديدات الادارة الاميركية لإيران في العام 2008، شاهدنا تزايدا في حضورها في افغانستان وبشكل مساعدات عسكرية وتسليحية ومالية لحركة طالبان.

فلذا تعتقد قوات التحالف في افغانستان ان ايران رفعت من وتيرة المساعدات العسكرية والمالية لحركة طالبان في الاعوام الاخيرة. ويبدو ان مركز قوات فيلق القدس انتقل من العراق الى افغانستان وان الاستقرار النسبي في العراق في الاعوام الاخيرة يمكن ان يدل على هذا التغيير في البوصلة الايرانية. فاذا كان التعاون بين ايران وحركة طالبان صحيحا، فانه يؤكد ان عدم استقرار القوات الاميركية في افغانستان والعراق اهم لها من عداءها القديم مع حركة طالبان.

فيلق القدس في سورية

عندما وصل "الربيع العربي" الى سورية لم تصفه ايران بـ"الصحوة الاسلامية" بل قالت انه مؤامرة غربية. وقد اخذ فيلق القدس مهمة صعبة على عاتقه في سورية.

في ايار (مايو) 2012 أيد اسماعيل قاأني قائم مقام قائد فيلق القدس في رده على وكالة ايسنا الايرانية، تدخل قواته في الحرب الدائرة في سورية فعلا وقال: "لو لم تكن الجمهورية الاسلامية متواجدة في سورية لكانت المذابح ستاخذ ابعادا كبيرة.. قبل ان نتواجد في سورية، قتل المعارضون العديد من الناس، لكن اثر الحضور الفيزيكي وغير الفيزيكي للجمهورية الاسلامية، حلنا دون وقوع مذابح كبيرة في سورية".

كانت تلك للمرة الاولى التي يعترف فيها مسؤول كبير في الحرس الثوري الايراني بتواجد قوات فيلق القدس في سورية وقيامها بعمليات هناك.

وقد وصف الجنرال جزايري نائب مدير مكتب الاركان العامة للقوات المسلحة الايرانية هذا الحد من التدخل بالقليل امام الاجراءات المقبلة، اذ قال: "لم يدخل الساحة حتى الان اي من اصدقاء سورية والجبهة الواسعة للصمود، واذا حدث ذلك فستوجه ضربات حاسمة ضد جبهة الاعداء وخاصة ضد العرب المثيرين للنفور".

يقول اعضاء المجلس الوطني السوري ان لديهم معلومات تؤكد ان قائد فيلق القدس قاسم سليماني يتعاون سريا مع بشار الاسد وحاشيته لقمع المعارضين في سورية. اذ اعلن رضوان زيادة العضو التنفيذي في المجلس الوطني السوري: "يدرب فيلق القدس اساسا المجموعات العسكرية والقناصة". كما يقال ان ايران تساعد الاجهزة الاستخباراتية السورية في مجال تجميع المعلومات حول المعارضة السورية ومنها رصد المواقع في الانترنت والرسائل الهاتفية القصيرة. ويتكهن المحللون ان يبلغ عدد عناصر فيلق القدس في سورية المئات او على الاكثر الف او الفين شخص. اذ قاموا بتدشين قاعدة لهم في الزبداني بالقرب من العاصمة دمشق. وتتمتع بلدة الزبداني باهمية كبيرة لفيلق القدس، ويبدو ان الفيلق ياخذ من هذه البلدة مقرا لعملياته. اذ سبق وان نقلت القوات الايرانية في العام 1983 رئيس الجامعة الاميركية في بيروت، ديفيد دوج (David Dodge)، الذي كان قد أُختطف بواسطة حزب الله اللبناني، من هذه البلدة الى طهران.

ويُعتبر الحفاظ على نظام بشار الاسد امرا مهما بالنسبة الى الجمهورية الاسلامية الايرانية. فعلاوة على ان ايران ستصبح وحيدة بفقدانها لإحد حلفائها في المنطقة وسيتحول النموذج السوري الى نموذج مناسب لتطبيقه في ايران، فان حزب الله ايضا سيفقد بيته الآمن في سورية، حيث وفي حال وقوع اي حرب بين حزب الله واسرائيل مستقبلا، لم يعد للحزب اي قاعدة للتراجع المؤقت اليها.

فلم تنحصر تدخلات فيلق القدس في هذه البلدان الثلاث، بل انه متهم بتنفيذ عمليات ارهابية في تايلند وأذربيجان وجورجيا والهند وبلغاريا والولايات المتحدة (ضد السفير السعودي في واشنطن).

يُعد فيلق القدس اداة للتدخل العسكري الايراني في المنطقة، ويرى الغرب ان انشطة فيلق القدس تنم عن مساعي ايران لإثارة عدم الاستقرار في المنطقة.

وتؤكد التقارير ان ايران ترى ان الولايات المتحدة ومن اجل استقرار العراق وافغانستان يجب ان تكون بحاجة دائمة لكسب رضى الجمهورية الاسلامية، وقد عمل فيلق القدس في هذا المجال بشكل شبه سري لكنه كان ناجحا في ذلك.

اما في حالة سورية فيبدو ان ايران تتلقى الضربات من مكان لم تتوقع ان تاتي منه الضربات. فقد خرجت الجماهير الى الساحة، والسياسة الغربية قائمة على استخدام القوى الشعبية من اجل تغيير النظام. وادى هذا الى عدم استطاعة قوات فيلق القدس العمل بشكل سري كما كانت تفعل في السابق، بل اخذت تتعرض، كجزء من قوات نظام بشار الاسد، لهجمات ارهابية. واذا نجح الايرانيون في العراق وفي افغانستان - الى حد ما - فانهم يواجهون مشاكل اكثر في سورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق