11‏/09‏/2012

اسرار ظلت خفية لخمس سنوات عن القصف الاسرائيلي للمفاعل الذري السوري

صورة بالاقمار الصناعية للمفاعل السوري
 
 
نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية اليوم مقالا تحليليا اعده اثنان من محرريرها: ألوف بين وعاموس هاريل يكشف بعد مرور خمس سنوات الاسباب الكامنة وراء اخفاء اسرار عملية قصف مفاعل ذري في سوريا، وتناول الاسباب التي دعت الرقيب العسكري الاسرائيلي الى منع نشر اي تفصيلات عن تلك الواقعة. فيما يلي نصه:

مرت خمس سنوات منذ قصف مفاعل ذري في سوريا، ولا يزال الحظر مفروضا على وسائل الاعلام الاسرائيلية بالنسبة لنشر معلومات عن العملية. ويواصل الرقيب العسكري الاسرائيلي منع الصحافيين من نشر تفصيلات عملية التوصل الى قرار قبل الهجوم، رغم ان معظم المعلومات المتعلقة بذلك نُشرت في الصحف والمؤلفات خارج اسرائيل، ومنها مذكرات كتبها قادة اميركيون.

وقد تصاعدت حدة اللامعقول الى مستويات عالية في الاسابيع الماضية. اذ اصدر يوسي ميلمان، وهو مراسل استخبارات سابق في "هآرتس"، وزميله الاميركي دان رافيف كتابا تحت عنوان "جواسيس ضد اليوم الاخير: مضمون الحروب السرية الاسرائيلية". واشتمل كتابهما على فصل يبين بالتفصيل قضية المفاعل السوري.

وخرج الان ديفيد ماكوفسكي، وهو مراسل دبلوماسي سابق في "هآرتس" ومحرر تنفيذي في صحيفة "جروزلم بوست" الاسرائيلية، ويحتل الان منصب زميل رئيسي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، لينشر تقريرا مفصلا في مجلة "ذي نيو يوركر".

وقد اعتمدت هذه الدراسات جزئيا على محادثات اجريت مع صانعي القرار الاسرائيليين المؤتمنين على حفظ الاسرار.

وتعمد الرقابة في اسرائيل على تكميم تقارير التحقيقات التي تجريها "هآرتس" عن قصف المفاعل – وقد اعد احدها آموس هاريل بعد حوالي اسبوعين من العملية، واخر اكثر تفصيلا لألوف بين بعد مرور عام على ذلك. كما فرض الحظر على وسائل اعلام اخرى.

في البداية قيل ان ما يدعو الى خنق التقارير هو الخشية من ان تُحرج الرئيس السوري بشار الاسد وتدفعه الى القيام برد فعل على عملية القصف. ولكن ما هي الحكمة من وراء كتمان التقارير بعد مرور خمس سنوات على الواقعة، في وقت يقاتل فيه الاسد من اجل البقاء في حرب أهلية وقد نُشرت التفاصيل المتعلقة بالحادثة فعلا؟

ويصعب القول "بما يقارب التأكيد اين يقع الضرر الحقيقي لامن الدولة"، حسب ما جاء في قرار المحكة العليا في اسرائيل لتاييد حظر الرقابة، اذا كانت البيانات التي نشرها ميلمان وماكوفسكي قد وردت في الخطوط الثانوية لصحافيين اخرين. هل يمكن لاحد ان يكون واثقا من ان الاسد سيهاجم اسرائيل لمجرد نشر مقال اعده الصحافيان بين أو هاريل، ويختلف الامر اذا نشره ميلمان او ماكوفسكي؟

ان اشتراط ان تعتمد وسائل الاعلام الاسرائيلية على "مصادر خارجية" ولا تنشر تفصيلات مسيرة صنع القرار التي سبقت احدى اهم العمليات في تاريخ الجيش الاسرائيلي، تعتبر اهانة لقدرة كل اسرائيلي وتلحق الضرر بصورة اسرائيل الديمقراطية الهزيلة بالفعل.

لا بد من القيام بتحليل الظروف التي مرت بها العملية في سوريا ومسيرة صنع القرار التي سبقتها، وان تم ذلك باثر رجعي، في وقت من المؤكد ان نقاشا جماهيرا نشطا يدور حول مهاجمة منشآت ايران النووية. ان واجب وسائل الاعلام هو توفير المعلومات التي تحتاج اليها الجماهير لتقييم الدوافع والاعمال المتعلقة بصناع القرار في العملية السورية، ولا يزل بعضهم يحتل مناصب عليا او فاعلة في الحياة العامة.

ترى من هم الذين يحاول الرقيب حمايتهم؟ هناك ثلاثة احتمالات تخطر على البال.

احدها هو حماية صورة وزير الدفاع ايهود باراك، الذي عارض قصف المفاعل السوري ومنذئذ ظل في موقف التحدي مع رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت. ويكشف نجاح العملية ان اولمرت ظل متمسكا بتصميمه بينما كان باراك متراخيا ومترددا. ويمكن ان يٌفترض ان وزير الدفاع، وهو جندي يحمل الاوسمة، ينظر اليه على انه من الصقور بالنسبة لايرن، ولا يريد ان يُنظر اليه على انه كم مهمل بالنسبة الى اولمرت الذي يكاد يكون لم يخدم في صفوف الجيش.

ولدى باراك رأي آخر. فاولمرت، الذي يمقته، يسعى جاهدا الان لتخفيض الحكم عليه ويخطط للعودة الى منصب زعيم وطني. ومن المؤكد ان اولمرت يريد ان تنسب اليه عملية المفاعل السوري وتدعيم صورته. وبامكان باراك ان يعيق عودته اذا ابقى العملية بعيدا عن متناول يد الصحافة وان يوقف اولمرت عن التفاخر بها في اللقاءات. كما يقوم باراك بمنع حصول منافسه الاخر رئيس الاركان السابق غابي اشكنازي من الاستفادة من الحادث لصالحه.

واحتمال آخر هو للتمويه على مجموعة من العيوب الاستخباراتية خلال السنوات التي سبقت اكتشاف موقع المفاعل، والتي قام السوريون باخفائها تماما عن اعين الاستخبارات العسكرية والـ"موساد". لقد اكتُشف المفاعل في اللحظة الاخيرة تقريبا التي كان يمكن فيها ان يتعرض للقصف من دون التسبب في اضرار بيئية واسعة. الا ان التحقيقات لم تشمل السبب في عدم وجود نقاش شعبي وفي فشل الاستخبارات.

كما ان من المحتمل ان يكون منع نشر القضية هو وسيلة لاخفاء الاكاذيب التي اطلقت على افراد الشعب خلال الاشهر التي سبقت العملية، من ان سوريا تخطط لمهاجمة اسرائيل، للتغطية على الاستعدادات للقيام بالهجوم.

ويدور في خلد البعض ما اذا كانت كبيرة المراقبين العسكريين الجنرال سيما فاكنين جيل تعتقد انها بالاستمرار في حظر النشر فانها تحمي امن الدولة، او انها مجرد منفذة لتعليمات رؤسائها في مكتب وزير الدفاع وفرع الاستخبارات، الذين يشعرون بالقلق تجاه صورتهم ويريدون الحاق الاذى بمنافسيهم.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق