10‏/01‏/2012

إيران و الغرب والانزلاق نحو المواجهة

إيران و الغرب والانزلاق نحو المواجهة

صحيفة "فيستنيك كافكازا" تقول إن استمرار النزاع بين التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة أخرى، ينذر بخروج ذلك النزاع عن نطاق السيطرة. لكن عددا من الخبراء والمحللين السياسيين، يرون أن النزاع لن يتجاوز إطاره الحالي. خاصة وأن طهران تبذل جهودا دبلوماسية مكثفة. فقد أعلن الرئيس الإيراني محمودي أحمدي نجاد تأييده للمقترح الروسي، الذي يتضمن التوصل إلى حل لهذه القضية في إطار خطة متكاملة تنقسم إلى عدة مراحل. لكن الدول الغربية لا تزال تفضل أسلوب العقوبات الاقتصادية للضغط على القيادة الإيرانية. فعقب الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على الشركات الأجنبية التي تتعاون مع البنك المركزي الإيراني، فقد الريال الإيراني 12% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي. وبالإضافة إلى ذلك تدرس الدول الأوروبية فرض المزيد من العقوبات على الجمهورية الإسلامية تتمثل في وقف استيراد النفط الايراني. لكن من السذاجة الاعتقاد بأن النفط الايراني لن يجد من يشتريه من خارج الاتحاد الأوروبي. فالدول الأكثر استهلاكا للنفط الايراني حاليا هي تركيا والهند وكوريا الجنوبية والصين. كما أن طهران حذرت من أن أسعار النفط يمكن أن تقفز إلى 200 دولار للبرميل الواحد في حال دخول العقوبات الأوروبية حيز التطبيق.
لكن خبراء اقتصاديين يؤكدون أنه سيكون من الصعب على إيران أن تجد أسواقا بديلة تعوضها عن فقدان الأسواق الأوروبية. فمن المستبعد أن يدفع الهنود والصينيون نفس الأسعار التي يشتري بها الاوروبيون النفط الإيراني. ومن المؤكد في حالة كهذه أن الزبائن الجدد سوف يستغلون حاجة الإيرانيين، ويساومونهم للحصول على أكبر قدر من التخفيضات في الأسعار. وهناك عامل أخر يلقي بظلاله. فمن الملاحظ أن نمو الاقتصاد العالمي يشهد تباطؤا. أي أن استهلاك النفط سيشهد انخفاضا، ما يعني أن القفزة في أسعار النفط لن تحدث إلا في حال إقدام الأُسطول الإيراني على إغلاق مضيق هرمز. لكن من الناحية السياسية تبقى احتمالات حدوث هذه الفرضية متدنية. لأن القيام بهذه الخطوة يعني عمليا الإيذان باندلاع حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية.
إن نظرة تحليلية متأنية للوضع في منطقة الخليج ومضيق هرمز تظهر أن أطراف النزاع يعطون الأولوية للحرب الاقتصادية. هذا على الرغم من الرغبة الواضحة للعيان لدى الإيرانيين باستعراض قوتهم العسكرية. حيث أعلن قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني الأميرال علي فدوي وقبل أن تبدأ النفوس بالهدوء بعد المناورات العسكرية الإيرانية تحت اسم "ولايات - 90"، أعلن بأن وحدات الحرس الثوري للجمهورية الإسلامية ستقوم في شهر فبراير/شباط القادم بمناورات عسكرية في مضيق هرمز ومياه الخليج.
ومن المعلوم أن الخليج ومضيق هرمز هما منطقتان حساستان للغاية، باعتبارهما شريانا عالميا حيويا لمرور النفط. وعلى الرغم من أن إغلاق المضيق أمر سهل، كما أكد العديد من القادة الإيرانيين، إلا أن المضي في هذا النهج ينطوي على مخاطر سياسية كبيرة بالنسبة لإيران. خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الولايات المتحدة أعلنت في أكثر من مناسبة أنها لن تقبل بحدوث حرب لناقلات النفط في الخليج أو احتلال لأراضي الغير بالقوة. ومن الواضح أن الإيرانيين يدركون حدود اللعبة التي يمكن لهم أن يلعبوها. ويدركون أن إمكانياتهم تنحصر في حدود المناوشات واستعراض القوة دون تخطي الخطوط الحمراء. لكن المراقبين يرون أنه ليس باستطاعة إيران أن تستمر في اللعب إلى مالا نهاية. فـكلما أصبحت المواجهة أوسع نطاقاً، كلما أصبحت فرصة النهاية السلمية أقل لهذه الأوضاع.
الكاتب: أورخان ستاروف
المصدر: صحيفة "فيستنيك كافكازا"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق