28‏/08‏/2011

تخوف عراقي من سيطرة جهات خارجية على منظومة التنصت



قال نائب في البرلمان ان صفقة اجهزة التنصت التي ابرمتها الحكومة العراقية مع الجانب الأميركي، لن تدخل حيز التنفيذ قبل موافقة مجلس النواب، بينما كشف خبير عراقي في مجال الاتصالات ان هذه الاجهزة تمتلك خاصية تعقب كلمات ومصطلحات محددة كـ "بن لادن"، وغيرها، ما يقود الى كشف وضبط المطلوبين.
وكان المتحدث باسم القوات الاميركية في العراق قال ان واشنطن ابرمت صفقة لتجهيز بغداد بتكنولوجيا مراقبة وتسجيل المكالمات الهاتفية والرسائل النصية بهدف الاسهام في منع هجمات ارهابية، فيما اعرب سياسيون عن خشيتهم من استعمال هذه التقنية للتنصت على مكالمات واعتراض رسائل نصية بين السياسيين واحتمال استعمالها ضدهم، حسب ما نقلت اذاعة اوربا الحرة.
وفي تصريح لـ"العالم" قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان اسكندر وتوت ان الساسة يخشون ان تكون "هذه الاجهزة مسيطرا عليها من قبل الاميركان او أي جهة اخرى غير عراقية"، مشيرا الى ان "ما يخص أمن العراق، يجب ان يكون تحت سيطرة الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية".
واضاف ان "جميع اجهزة الاتصالات بشكل عام مخترقة من جميع جوانبها، ولا سيطرة حكومية عليها، لذلك يتطلب من الامن الوطني اعادة السيطرة ليد الدولة، وتطهير هذه الاجهزة المعنية بالمراقبة من العناصر المندسة داخلها، وان تقوم الدولة بالاشراف والمتابعة على هذه المفاصل، ومراقبة العاملين في هذه الاجهزة الحساسة". ويخشى وتوت من ان تقود هذه المنظومة الى تسهيل تصفية الشخصيات السياسية، ولا سيما في ظل الحديث المتزايد عن اختراق المنظومة الأمنية العراقية، مؤكدا ان "لجنة الأمن والدفاع في البرلمان قررت استضافة القادة الامنيين المعنيين بهذه القضية بعد عيد الفطر المبارك، لمناقشة هذا المشروع المهم".
ويقول وتوت ان لجنة الامن والدفاع في البرلمان ستكون "من بين الجهات الرقابية على عمل هذه المنظومة"، مشيرا الى ان هذه اللجنة هي من سيقرر "قبول الاتفاقية من عدمها، فاللجنة ستقوم بدراسة المشروع والاطلاع على كامل تفاصيله ومن ثم عرضه امام البرلمان لغرض التصويت عليه".
وقال بوكانن المتحدث باسم الجيش الاميركي ان اتفاقا ابرم بين وزارة الداخلية العراقية لتجهيزها بتكنولوجيا جديدة. وقال ان الاتفاقية جزء من برنامج لتدريب العراقيين.
وسوف تتمكن بغداد بهذه التكنولوجيا العالية من مراقبة 5.000 هاتف نقال وهواتف ارضية في وقت واحد، في مستوى المكالمات المحلية والدولية.
وعلى الرغم من ان اهمية هذه التكنولوجيا في محاربة الهجمات الارهابية المتكررة في العراق، الا ان عددا من السياسيين يشعرون بالقلق من امكانية استعمال هذه الاجهزة لمراقبة الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية التي يستعملها سياسيون عراقيون لاغراض سياسية. كما انهم يشعرون بالقلق من حقيقة ان هذه التكنولوجيا سوف تكون تحت سيطرة وزارة الداخلية.
ويشير المعارضون لاستعمال وزارة الداخلية هذه التكنولوجيا الجديدة الى المادة 40 من الدستور العراقي التي تضمن حرية الاتصالات في كل مجالات الدولة وتنص على ان اعتراض مثل هكذا اتصالات امر ممنوع الا في حال استصدار امر قضائي.
من جهتها بينت القيادية في الحالف الكردستاني اشواق الجاف ان "المنظومة الامنية العراقية بحاجة ماسة الى تطوير قابلياتها لمواجهة الارهاب وتعزيز الجانب الامني الذي لازال يعاني عدم الاستقرار النسبي".
ورغم ترحيبها بعقد صفقة اجهزة التنصت مع الجانب الأميركي، تقول الجاف في مقابلة مع "العالم" ان هناك نقطة واحدة فقط يجب الانتباه لها، وهي ان تبقى هذه المشاريع تحت انظار ومراقبة البرلمان وتحديدا لجنة الامن والدفاع لمنع حدوث اختراقات داخل منظومة التنصت او اساءة استخدامها في غير الاغراض المخصصة لها".
وشددت الجاف على ضرورة "اخضاع هذا البرنامج ومنذ البدء للرقابة الصارمة للحد من حدوث عمليات فساد مثل تزويد العراق بنظم قديمة او تعيين اشخاص غير كفوئين، وهنا سيحكم على الموضوع بالفشل منذ البدء"، داعية الى "وضع قانون خاص بعمل منظومة التنصت لاجل منع اساءة الاستخدام ووضع عقوبات على ذلك".
وتابعت ان "استخدام هذه التقنيات سوف لن يكون باتجاه ملف الامن والارهاب وحده بل سيستخدم لانهاء كافة المظاهر السلبية التي يعاني منها البلد وبخاصة الفساد وسرقة المال العام والجرائم المجتمعية وغيرها".
وعن كيفية حماية هذه المنظومة من الاختراق المحلي والدولي ايضا قالت الجاف ان "هذه الاختراقات تعاني منها نظم تابعة لاكبر دول العالم واكثرها تقدما، لكن في الوضع العراقي علينا التدقيق في من سيتولى مهمة العمل فيها من حيث الكفاءة والنزاهة والخبرات العلمية، وايجاد آلية تقنية لتحصين المنظومة".
واكدت الجاف ان "جميع اعضاء البرلمان سيؤيدون هذه الصفقة"، داعية الى عدم التخوف من هذه التجارب التي سبقتنا اليها دول عديدة.
في غضون ذلك، قال خبير عراقي في مجال تقنيات الاتصال، ان منظومة التنصت التي تعاقد العراق عليها مع أميركا، جرى استخدام مثيلاتها في الولايات المتحدة في اطار مكافحة الارهاب.
واضاف ان "الحديث عن امكانية المنظومة التي يعتزم العراق جلبها على مراقبة 5 آلاف خط في وقت واحد، لا يعني الحاجة الى تعيين 5 آلاف موظف"، موضحا ان هذه المنظومة تتكون من "سيرفرات" ذاتية العمل "تقوم بتأشير معلومة او كلمة او مصطلح ومتابعته، بعدها يصار الى تحويله الى اجهزة او خوادم اخرى خاصة بتحليل البيانات".
وتابع ان "أجهزة التنصت الاميركية، اطلقت قبل سنتين نظام تنصت حديث، يقوم بملاحقة المصطلحات بكل اللغات على شبكة الانترنت". وزاد "أي مستخدم للشبكة حين يكتب مصطلحا محددا، كـ (بن لادن)، على سبيل المثال، سيتم تتبعه بشكل ذاتي، وهناك ايضا التتبع المحدد أي تحديد هدف ورصد مكالماته ومواقع تحركه عبر الاقمار الصناعية".
واضاف ان "الشركات المصنعة لهذه السيرفرات تسعى دوما الى حماية منتجاتها عبر مواكبة الخبرات والقدرات التي توصل اليها القراصنة، او ابتكار خطوط حماية جديدة ليصعب فك رموزها".
واوضح ان "الكثير من الدول لجأت الى تشريعات قانونية لحماية الهيكل المعلوماتي الخاص بها، وحددت عقوبات رادعة بحق المخترقين والعابثين، عبر متابعتهم ورصد تحركاتهم، لكن هذه الاجراءات رغم قدرتها على الردع، فقد زادت من عدد الراغبين بالاختراق والعبث ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق