06‏/08‏/2011

الصراع الخليجي الإيراني: حان دور العملاء في العراق وحزب الله والخلايا النائمة



ينتظر أن يصبح العراق ساحة جديدة للصراع بين إيران والدول العربية في المستقبل القريب. وتبدو مؤشرات هذا الصراع بتحرك الأطراف العراقية المتعاونة مع إيران في محاور متعددة، ومحاولتها لعب أدوار جديدة في دول خليجية عرف عنها وقوفها ضد المطامع الإيرانية في الخليج العربي.
الباحث عبدالعزيز الخميس يقرأ التحركات الأخيرة في المنطقة والأدوات التي ستستعمل من قبل إيران والعرب في الصراع بينهما وضمن التغيرات التي تحدث في المنطقة.
تكاد الحرب على الارهاب تودع منطقة الشرق الأوسط بكل آلامها واحزانها، سقطت فيها دول مثل العراق وافغانستان في يد الولايات المتحدة وتقاسمت إيران معها النفوذ وتراجع الوجود السياسي العربي للخلف بسقوط العراق، واصبحت إيران اللاعب الأهم في المنطقة في ظل الهزة التي تعيشها المنطقة العربية.
بعد عام 2003 استفادت إيران من الصمت العربي تجاه سقوط العراق والحرب في لبنان وما حدث في غزة، وبدا الموقف العربي ضعيفاً سياسياً وإعلامياً مما مكن إيران من كسب نقاطا كثيرة.
لكن يقظة العرب تجاه الخطر الإيراني وصعود نجم تركيا وتغير الموقف في سوريا أضعف الموقف الإيراني كثيرا مما يدعو إيران حاليا إلى مراجعة استراتيجياتها.

الأهداف الإيرانية
اهتمت إيران في الاستفادة من الاختلاف بين أنظمة الخليج وشعوبها في تقبل الأدوار الغربية في المنطقة وخاصة حول العلاقة مع الولايات المتحدة.
وبعد قراءة هذا الاختلاف نهجت إيران استراتيجية يستشف منها أنها لا تريد أن تعطي لتوسعها في الخليج صبغة تتمحور حول أنها تهدف إلى حماية حقوق الشيعة أو الدفاع عن مصالحهم، بل هي تركز في دعايتها وخطابها السياسي على الحديث عن الوجود الأميركي في المنطقة وخطره وعدم قانونيته.
وتحذر السلطات الإيرانية أدواتها الإعلامية من مجرد التلميح إلى أن قضية إيران في الخليج هي قضية مذهبية تتلخص في حقوق شيعة الخليج.
وتحاول إيران بناء علاقات متساوية مع جميع الأطراف الشيعية في العراق، وتبدو إعلامياً وسياسياً أنها لا تفرق بين طرف او اخر، وأنها تحاول ان تساوي بين الصدر والمالكي والحكيم.
لكن المراقبين يعرفون جيداً أن علاقتها مع الصدر مرحلية وتكتيكية، ولذلك علاقة بالوجود الاميركي، كما يقول الباحث الإيراني كايهان بيرزيقار.
فعلاقاتها مع مقتدى الصدر ومجموعته ليست سوى زواج متعة موجه ضد الأميركيين ولإقلاق وجودهم في العراق وطردهم منه.
والإيرانيون يعرفون جيداً أن الصدر ومجموعته لا يحسبون كثيراً على المرجعية الإيرانية، وقد لا يكون الصدر كذلك بعد جرعة التدريب المذهبي التي خضع لها مؤخرا في قم، لكن المتعاطفين معه من العراقيين يرون فيه وجهاً شيعياً عروبياً، وقد يكون ذلك محل جدل في الداخل العراقي حالياً.

التحديات الأمنية
أظهرت وثائق ويكيليكس أن الخليجيين طلبوا من الولايات المتحدة استعمال القوة ضد إيران لإيقاف البرنامج النووي الإيراني إلا أن المصادر الخليجية تشير إلى العكس، وقد تكون هناك رؤيتان خليجيتان حتى داخل البلد نفسه.
لكن ما يمكننا الاطمئنان إليه هو أن الخليجيين لا يحضون على استعمال القوة ضد إيران نتيجة لعدة اعتبارات أمنية:
أولاً: كلفة الحرب ستكون باهظة حيث اعتماد إيران على القوة الصاروخية سيؤدي الى خسائر كبيرة في البنية النفطية والاقتصادية ككل للخليجيين، والإيرانيون يهددون بعمليات رشق كبيرة بالصواريخ ودائما ما يقيمون تدريبات واستعراضات عسكرية في الخليج في الرائحة والغادية من اجل التلويح بقدراتهم الصاروخية. بالطبع الضفة الغربية من الخليج تملك قوة جوية كبيرة تمكنها من الوصول الى طهران لكن المسألة هي حساب خسائر اكثر منه فوز في معركة، الجميع يعرف ان لا رابح فيها.
ثانياً: استعمال القوة ضد إيران وتوجيه ضربة قوية لها ستجعلها تعمد إلى تحريك خلاياها في العراق ولبنان وحتى داخل الخليج العربي.
فإيران تملك خلايا مستعدة لتقديم نفسها فداء لمصالح الولي الفقيه وفي انتظار لإرضائه بصفته نائب الإمام الغائب، وهذه الخلايا تتحرك بعقيدة دينية متزمتة دون مراعاة لمصالحها العروبية او الوطنية وهي تكاد تشبه خلايا القاعدة في نظرتها للاهداف.
ثالثا: الخليجيون يعرفون جيداً أن الولايات المتحدة وفي ظل رئاسة اوباما لم تعد تحرص على الخيارات العسكرية كثيرا دفعا للضرر الاقتصادي وتفهم جيدا ان سياسة الولايات المتحدة في المنطقة كما وصفتها الباحثة التركية اوزدين اوكتاف "المقايضة الكبيرة"، أي ان هذه السياسة تستطيع عمل مقايضات دون أن تدفع كثيراً وغير مهتمة جداً بالتحالفات الاميركية السابقة.
سياسة "المقايضة الكبيرة" ونجاح أطراف شيعية مرتبطة بإيران وتعمل في واشنطن في إقناع الأميركيين بأنه لإقناع إيران التوقف عن المضي في برنامجها النووي يجب على الولايات المتحدة التسليم لها بنفوذ في الخليج العربي، جعلت تلك المؤشرات دول الخليج تتحرك سريعاً في مسارات مختلفة سياسياً وعسكرياً.
كانت التعليمات الإيرانية لأذنابها في واشنطن وهم للأسف بعض من العرب الذين يدلجون على مقرات وزارة الخارجية والبنتاغون وغرف نواب الكونغرس نصت على ان عليهم ان يقنعوا الأميركيين ان إيران يمكنها ان توقف طموحها النووي لو تم الاعتراف بمصالحها في الخليج.
وجد الخليجيون أنفسهم بين طرفي رحى، الأول هو تكاليف الضربة العسكرية اقتصادياً وعسكرياً وتنموياً، والطرف الثاني هو سياسة "المقايضة الكبيرة" التي تمنح إيران نفوذاً كبيراً في الخليج.
حتى الآن تقوم الولايات المتحدة بخطوات بطيئة لاحتواء الخطر الإيراني لكن دول الخليج سارعت حينما رأت التردد الاميركي واستشعرت فداحة الخيارات الموجودة إلى تسريع عمليات العسكرة والتسليح، وتوحيد الصفوف بين سياسييها والتي قد تنجح خاصة بعد انزلاق قطر ضمن مقاعد الصف الخليجي المواجه لإيران وإن على استحياء، ويمكننا رؤية ذلك في التحرك القطري الإعلامي ضد ربيب إيران نظام بشار الأسد.
لكن السؤال الذي يطرحه الخليجيون هل يستمر هذا الوئام السياسي بين زعماء بعضهم عود أهل الخليج على التفرد في مواويله السياسية.
رابعاً: تستطيع إيران ان تغلق مضيق هرمز مما يمنع دول الخليج من تصدير أكثر من نصف نفطها وبالتالي سيحدث ضرر كبير ليس فقط على الخليجيين بل أيضاً على الإقتصاد الدولي الذي يعتمد على هذا النفط كثيراً.
على الرغم من الهبة الخليجية المؤخرة خوفاً من المستقبل إلا أن الخليجيين وافقوا على سياسة مهمة، وهي أن العلاقات مع إيران يجب ان تكون على نمط معاوية الذي يكرهه خامنئي كثيرا، فشعرة معاوية ممدودة بين ضفتي الخليج.
قطر وعمان والكويت يمدون هذه الشعرة، بينما السعودية والامارات والبحرين يهزونها تلويحاً بالغضب.
من طرفها تمارس إيران نفسها الفارسي العتيق؛ فهي تلعنك اليوم وتقبل رأسك غداً، وتنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض كما عودنا ملوكها السابقون إسماعيل او عباس او غيرهما في تعاملهم مع الخليج.

انحسار الدور السوري
تشكل التطورات الأخيرة في سوريا من احتجاجات شعبية وعدم قدرة النظام على السيطرة على الوضع والتغيرات في المواقف الدولية وخاصة بدأ تحرك الموقف الروسي كالمعتاد بعد عنت دام شهور ليصب في مصلحة الانتصار للشعب السوري على الرغم من طلب الروس تضمين قرار الأمم المتحدة الاخيرة الطلب من المحتجين عدم استعمال العنف. وتشكل مصدر قلق كبير للنظام الإيراني الذي يهلع مؤخراً من كابوس انهيار نظام بشار الأسد.
يحمل هذا الانهيار عدة عوامل مهمة، لعل أهمها انحسار النفوذ الإيراني وانهيار حلمه في البقاء على ضفاف البحر المتوسط وتعطل آلة حزب الله الذي لا يتوانى عن القيام بأدوار مهمة لصالح إيران في الشرق الأوسط.
لعبت سوريا دور المنفذ لرغبات إيران فقد جعلت أراضيها ممرا لحزب الله وتمويله من إيران، وأبقت علاقاتها مع أطراف لبنانية ضمن نفوذ إيران. واستطاع النظام السوري أن يمكن إيران من استخدام القوميين العرب لخدمة أهداف القوميين الفرس.
كانت الشعارات المستخدمة هي المقاومة والممانعة، في الوقت الذي نأت سوريا بنفسها عن لعب ادوار عسكرية واكتفت من المقاومة والممانعة أن تكون ساعي بريد ومنفذ اغتيالات لصالح النفوذ الإيراني.
في ظل انشغال الحكم السوري في صراع مع مواطنيه في الداخل، وتراجع دوره المنتظر إقليمياً على الرغم من محاولته إبقاء لبنان ضمن دائرة نفوذه بمساعدة إيران الا ان انشغاله بالداخل سيحمل كثير من القلق لإيران التي تعتبر سوريا ضمن أدواتها في المنطقة ومنفذا لبعض الأدوار التي تطلب منه.
وبعد ان كان النظام السوري يتجاوز دوره في لبنان الى لعب أدوار في فلسطين والخليج ومصر وغيرها، ستفقد إيران يوماً بعد آخر هذا المنفذ البارع مما سيجعلها تعتمد على لاعبين جدد وان كانوا أضعف من النظام السوري.

العراق بديلاً
في ظل تراجع الدور السوري في المنطقة يبدو العراق مناسبا للإيرانيين للحلول محل سوريا.
يمكننا ملاحظة الاختبارات الإيرانية لقدرة المتنفذين في العراق ممن يعملون لصالحها لتنفيذ مشاريع مستقبلية حسب أجندتها.
في الأزمة البحرينية الاخيرة تمت تجربة أحزاب وشخصيات عراقية لرؤية كيف يمكن للعراق ان يكون بديلاً لسوريا، خاصة أن العراق لا تحده عوائق قومية كما تحد البعث في سوريا وتحرج النظام السوري.
يمكننا ملاحظة الشخصيات العراقية التي لعبت دوراً في أزمة البحرين:
- رئيس الوزراء نوري المالكي: لوح إلى إمكانية تدخل العراق في أزمة البحرين.
- أحمد الجلبي: التقى الأمين العام لحركة خلاص البحرينية المعارضة عبد الرؤوف الشايب في بغداد ووعده بدعم كبير. وأسس لجنة شعبية لدعم المحتجين في البحرين وهدد بأن الشعب العراقي سيتدخل وأن صراعا كبيرا سيحدث في المنطقة اذا لم تحل الأمور هناك.
- الشيخ همام حمودي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي: لعب دوراً في تبرير تدخل زملائه من النواب والشخصيات العراقية في الازمة البحرينية، وهدد بأن أزمة البحرين ستنعكس على الوضع العراقي، وعلى شيعة السعودية والكويت أيضاً.
- النائب عن ائتلاف دولة القانون علي العلاق يهدد باستعمال المرجعية الدينية العيا في النجف الأشرف للتدخل في البحرين.
لم تنجح المساعي الإيرانية لاختبار قواها المذهبية في العراق في مسألة خليجية وكانت زيارة رئيس الوزراء التركي اردوغان لبغداد مصادفة غير حميدة للإيرانيين حيث كان له دور في صب ماء بارد على الاندفاعات العراقية في هذه القضية، ووضح ذلك في لقائه بالسيستاني والذي وقف على ابعاد جديدة في القضية البحرينية وخطورة تأجيج الصراع الطائفي.
وكان السيستاني قد عرج في حديثة مع اردوغان على أن من الأهمية انهاء مشكلة البحرين.
وحين تطرق اردوغان الى سوريا، قال السيستاني ان لكل بلد ظروفه الخاصة مما جعل اردوغان يبتسم ويشير الى ان للبحرين ايضاً ظروفه.
كانت نتائج زيارة اردغان للسيستاني توصيات من الأخير للحكومة العراقية بلجم حالات التهور الطائفية وان اللعبة اكبر من قضية البحرين وتكاد تعيد الصراع الصفوي العثماني إلى المسرح السياسي في المنطقة.

حزب الله والعودة للبدايات
يجذب موقف حزب الله من التغيرات في الخريطة الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط انتباه العديد من المحللين والمراقبين لأوضاع المنطقة.
ويخشى مراقبون من ان يعود حزب الله لممارسة مهنته السابقة في التفجيرات وكلنا لم ننس بعد ما قام به الحزب من تفجيرات في الكويت ضد أميرها السابق وطائراتها.
وما يثير المحللين ما تؤكده مصادر خليجية من اهتمام السلطات الأمنية الخليجية بالمعلومات الواردة من الولايات المتحدة والتي تشير الى ان حزب الله قد يكون حصل على صواريخ ستينجر المضادة للطائرات.
وكانت السلطات الاميركية الأمنية قد طلبت من مثيلاتها في الخليج وضع أسماء العديد من المشتبه بهم من لبنانيي الجنسية ولديهم صلات بحزب الله ومنهم اللبناني بشار وهبة الذي القي القبض عليه في المالديف على قوائمها الأمنية لمشاركته في شبكة تابعة لحزب الله قامت بمحاولات حثيثة لشراء صواريخ ستينغر وكانت اخر خيوط المحاولات قد وقعت في ماليزيا.
وتدرس السلطات في دول خليجية عدة تحركات مشبوهة في مناطق متعددة في الخليج لخلايا يتم استعمال أجانب من جنسيات مختلفة فيها لامتحان الإجراءات والسدود الأمنية في مطارات ومواقع حساسة خليجية.
وكانت السلطات الاميركية قد القت القبض بمساعدة من الشرطة الرومانية على شخصين هما سيافوش هنريش وسيتين اكسو.
وقد حاولت الشبكة المكونة من هؤلاء الثلاثة شراء 5 آلاف قطعة من رشاشات AK 47 واكثر من ألف مسدس حديث.
لكن اللافت للنظر هو طلب الشبكة الحصول على 48 صاروخ ستينغر الذي يحمل على الكتف ويمكنه إسقاط الطائرات.
وأوضحت المصادر الخليجية أن السلطات الأميركية توصلت إلى أن الشبكة كانت تأتمر وتعمل لحساب حزب الله وان الصفقة التي تم تعطيلها من قبل أميركيين.
كان الحزب هو الذي سيدفع قيمتها وان مقابل هذه الصفقة كان مئات الكيلوغرامات من الهيروين النقي قدرت قيمتها اكثر من تسعة ملايين ونصف المليون دولار أميركي.
وتشير التحقيقات الاميركية إلى أن بشار وهبة كان يستعمل المتهمين الرومانيين للقيام بالتعاقدات نيابة عنه بينما يعمل هو على توفير الهيروين المنتج من سهل البقاع وتحت إشراف محليين يعملون لصالح حزب الله لتمويل الصفقة.
وأضافت التحقيقات الى ان المتهمين الرومانيين وقعا عقدا قبل أسابيع في ماليزيا بشأن الصفقة المذكورة في تحقيقات.
المعلومات التي وصلت للخليجيين توضح أن التعليمات الإيرانية تؤكد على تخزين أسلحة منها صواريخ مضادة للطائرات في مناطق قريبة من المطارات والقواعد الخليجية.
وقد أشار مسؤول خليجي في اجتماع أمني عقد في الكويت مؤخراً أن سلطات بلاده اكتشفت صواريخ وقذائف مخبأة بعناية قرب أحدى القواعد الجوية، وأن الإستنتاجات الأولية كانت تشير إلى القاعدة، لكن نتيجة التحقيقات قادت إلى خلية عميلة لإيران تم القبض على معظم أفرادها وتنتمي إلى فرع حزب الله في تلك البلد.
وكانت السلطات الأمنية الخليجية قد حذرت من أن هناك شبكات محلية تمتعت بتدريب عال في لبنان وان لها علاقات قوية بالمدعو بشار وهبة حيث تم رصد اجتماعات بينهم، وأن هناك تسليحاً لها من قبل حزب الله والذي يلعب دور الجسر بين إيران والخلايا الخليجية بعد أن كان هناك تعاون كبير بين المخابرات الإيرانية والسورية تعدد حالات اكتشافه خليجياً في الآونة الاخيرة.
وبعد أحداث البحرين، تكشفت للسلطات الخليجية معلومات مهمة من التحقيقات البحرينية مع بعض مثيري الشغب ممن كانت أجندتهم تختلف عن المتظاهرين السلميين، تتضمن علاقات وتدريباً مكثفاً في لبنان وانه كانت لديهم مخططات لإثارة الشغب واستثارة النظام للرد العنيف ثم قيامهم بالاستنجاد بالخارج.

الخلاصة
يعتقد الخليجيون ان المخاطر الأمنية تحدق بهم وتتعاظم مؤخراً بسبب الإصرار الإيراني على توسيع النفوذ والتدخل في شؤون الدول الخليجية. ويؤثر على الموقف الخليجي تراجع الدور الاميركي حالياً.
التغيرات في المنطقة تدعو ايران إلى أن تحسب حساباً جيداً لما بعد الثورات العربية فالأمور لا تزال غير واضحة.
تمثل إيران لدى الخليجيين دولة ذات نزعات سطوة منذ قديم الزمن، وخطراً أمنياً ببرنامجها النووي وبدونه، ولم تنفع كافة المحاولات لبناء جو من الثقة معها.
فقد بذلت عمان وقطر والكويت جهوداً ضخمة للاقتراب من إيران والعمل على بناء مشاريع سياسية واقتصادية معها، لكن لم تؤد هذه المشاريع لأي بارقة أمل من التعايش السلمي، لدواعٍ أهمها الغطرسة والطمع الإيراني والنظرة الفوقية الفارسية، والتي بدت واضحة في خطابات وتصرفات المسؤولين الايرانيين.
فما أن تنخفض شعبية مسؤول ايراني حتى يخرج بتصريح عن تبعية الخليج لإيران ليثبت للإيرانيين فارسيته ووطنيته.
لم يستطع الإيرانيون والخليجيون صناعة عمل إقليمي موحد بسبب العنت الايراني؛ فدائماً ما تطلب ايران من الخليجيين قبل العمل سوية ان تطرد دول الخليج الوجود الغربي لديها مما يعطل هذه المفاوضات وكأن الخليجيين لا يعرفون اهداف ايران من ذلك حيث يمكن يإيران محو دول خليجية في ساعات.
من جانبهم، وإن كان الخليجيون قد أبدوا شيئاً من التلاحم في قضايا حديثة مثل الموقف من البرنامج النووي الإيراني والاحتجاجات في البحرين إلا أن المخاطر تتسع إلى استخدام إيران للثلاثي: العملاء في العراق، المجندين في حزب الله، والمغرر بهم في خلايا محلية خليجية.
يراقب الخليجيون بصبر كيف تقوم إيران بتشكيل هذه الاطراف الثلاثة وكيف لها ان تمزجهم في مشروع مضاد للأمن الخليجي.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه موجات المطالبة الشعبية الخليجية بالوقوف صفاً واحداً سياسياً بعد النجاح أمنياً يجد المراقبون ان هناك نقاط ضعف كبيرة لا تزال تعترض العمل الخليجي الموحد ضد المطامع الإيرانية لعل اهمها الاعتماد على الولايات المتحدة أمنياً واختراق إيران للوحدة الخليجية عبر مواقف مفاجئة تتخذها بعض الدول الخليجية التي عرف عنها صداقتها وتصديقها المفرط لسياسات إيران المغلفة بالمودة والمبطنة بالرغبة في تفريس الخليج العربي.
لم يشتهر عن الخليجيين إيمانهم بالعمل التضامني على طريقة الـ"نحن". لكن قد تهديهم إيران هذه الفرصة التاريخية بتهديداتها وايضا الولايات المتحدة بانحسار نفوذها، وقد نشهد عهداً عربياً جديداً يحتاج الى ارادة قوية وقومية ومشروع يتضامن فيه العرب جميعاً لصيانة كيانهم وأمتهم.
عبد العزيز الخميس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق