بالرغم من شبه الإجماع العربي والإسلامي والدولي، المعلن والغير معلن، على مبدأ تغيير النظام في سوريا، والذي أصبح مطلباً شعبياً قبل أن يكون رسمياً، فإن أي تدخلاً عسكرياً شاملاً سيكون لذلك تداعيات لا يحمد عقباها على المستوى الإقليمي، والذي يعاني أساساً حالة من الفوضى.
ذكرنا سابقاً، بأن تغيير النظام السوري بالقوة العسكرية، ليست بالعملية السهلة التي يمكن التخطيط لها وتنفيذها، ولنا في عمليات تغيير أنظمة أفغانستان والعراق دروساً، فضلاً عن متابعة نتائج الحالة الليبية . فالحزمة الأمنية حول النظام ستمكنه من البقاء لفترة ليست بقصيرة.
ما يتعلق بالموقف العربي، ذهب غالبية المحللين إلى أنه سيكون هناك إسناداً عسكرياً عربياً، وتغافلوا الأوضاع الراهنة في المنطقة العربية، والتي ستجعلهم يعزفون عن المشاركة عسكرياً لانشغالهم في أوضاع داخلية، وأوضاع أخرى متعلقة بحساسية تنفيذ عمل عسكري ضد نظام عربي. وعليه، فإن المنظور سينحصر الدور العربي بالدعم السياسي والمالي للحملة العسكرية المزعومة، والتي تحتاج لأدوات قوة فعلية لا رمزية.
أما الموقف التركي، فمن يتابع التصريحات والتحليلات الإعلامية يرى أن الجميع قد أتفق على أن تكون رأس الحربة. لنقف هنا عند تساؤل عن ماهية مصلحتها في ذلك؟ فتبينها لتلك العمليات بلا شك لن تكون فزعة للشعب السوري، بل خدمة لمسار مصالحها. إذن، ما هي مصالحها من وراء ذلك؟
ولنقفز إلى الحديث عن الموقف الإسرائيلي، نرى أنها الأكثر شغفاً لقيام عمليات عسكرية ضد النظام، إلا أنها تبحث عن من سيقوم بذلك نيابة عنها.
- اتساع رقعة العمليات العسكرية، لتصبح حرباً إقليمية تشمل إسرائيل، حيث لا يستبعد أن يكون هناك رداً سورياً باتجاه الأراضي المحتلة، وما سيزيد سعيرها دخول حزب الله وحماس دعماً للمحور السوري والإيراني.
- تزايد مخاطر الانقسامات الطائفية في المنطقة، وبشكل أكبر مما تشهده حالياً.
- تزايد موجات الاحتجاجات المعارضة، واتخاذها للعنف وسيلة.
- استغلال إيران الأوضاع، من خلال تحريك خلاياها النائمة في الدول العربية، خاصة الخليجية.
- خلق بيئة مناسبة للجماعات الإرهابية لتمارس نشاطاتها.
- إعطاء الأكراد مساحة مناورة أكبر نحو المطالبة بالاستقلالية، وبالتالي لتقسيمات مؤدية لتغيير الخارطة الإقليمية.
- أعباء اقتصادية لا يمكن تقديرها، خاصة مع بوادر أزمة مالية عالمية.
كل المعطيات تؤكد أنه ليس من السهل إسقاط النظام، وحتى في وجود خطة عسكرية محكمة لذلك، يجب عدم تغافل مرحلة ما بعد إسقاط النظام، والتي يجب التفكير بها ملياً حفاظاً على استقرار سوريا في ظل التعدد العرقي والمذهبي، ولنا في العراق وأفغانستان من عبر.
ما هو الحل، بوجهة نظرنا فإن وضع خطة لتغيير النظام من الداخل هي الأسلم استراتيجياً، حيث أنها ستقوم على دعم المعارضة سياسياً ومادياً، إضافة لرعاية الانشقاقات في الجيش والمؤسسات الأمنية من خلال تأسيس مناطق لجوء آمنة. يتم ذلك من خلال استخدام محدود للقوة العسكرية لذلك الغرض، وليس المعهود أو تلك الذي ذهب إليها بعض المحللين.
GCC Military News

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق