
يشكل الاتفاق الروسي الفرنسي، القاضي بتزويد موسكو بسفن حربية هجومية برمائية من طراز «مسترال» وإنتاج شركة «دي سي أن أس»، منعطفا مهماً في التجارة العالمية في مجال الدفاع، وللعقد دلالة بارزة نظراً لكونه أول صفقة بيع لسلاح عسكري رئيسي إلى موسكو من قبل بلد عضو في حلف «ناتو»، وأكبر صفقة مشتريات لموسكو لنظام دفاعي متطور من إنتاج غير محلي.
وهذه الصفقة ستعزز العلاقات العسكرية والتقنية بين روسيا وفرنسا، وتهدد، من وجهة نظر واشنطن، بتحويل ميزان القوى بين موسكو وخصومها المحتملين.
وليس واضحاً بعد ما إذا كانت صفقة «مسترال» وما سبقها من عمليات استيراد لتقنيات عسكرية اجنبية أقل أهمية، سوف تبرهن على كونها نقطة تحول في التجارة العسكرية الدولية أم مجرد خروج عن القاعدة.
وقد جاءت صفقة «مسترال» بعد 12 شهرا من سلسلة صفقات أقل حجما، وإن كانت مساوية في الأهمية، بين روسيا وإسرائيل تتعلق بشراء موسكو لعدد من الطائرات الموجهة عن بعد من شركة الصناعات الفضائية الإسرائيلية «آي إيه آي». وشكلت فترة من النشاط غير المسبوق لروسيا كمشتر للأعتدة العسكرية، وهذا النشاط خلال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة هو الأكبر في تاريخ روسيا.
وحتى اليوم، يعتبر حجم الاستيراد العسكري من جانب روسيا محدودا ولا يتجاوز 100 مليون دولار عام 2010، بحسب مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات، وذلك في مقابل طلبات روسية الصنع تصل إلى 16 مليار دولار، والجزء الأكبر من المستوردات عبارة عن أنظمة أجنبية مكملة للأسلحة الروسية، ومبيعات لدولة ثالثة.
وكان الدافع وراء عقد اتفاق «مسترال» غياب بديل محلي روسي ذي مصداقية، حيث اقر الجنرال نيكولاي ماكاروف، رئيس الأركان الروسي، أخيرا بأن تطوير حلول في الداخل كان سيستغرق 10 سنوات. والتشديد على استحواذ التقنيات والخبرات الفرنسية لصالح الصناعة الروسية كان قد أثاره رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بويتن، بقوله: «الصفقة مفيدة فقط إذا ما صاحبها نقل للتكنولوجيا».
ويعتقد ان للصراع الدائر بين روسيا وجورجيا منذ عام 2008، تأثيراً على التجارة العسكرية لروسيا مع إسرائيل، وأن صفقة «مسترال» تعبير عن الامتنان لموقف فرنسا في هذا الصراع.
وكانت اتفاقيات «أي إيه أي» قد تضمنت شراء موسكو 12 طائرة موجهة عن بعد من إسرائيل عام 2009، بما في ذلك الطائرة التكتيكية قصيرة المدى من طراز «أي فيو أم كي 150»، والطائرة متعددة المهام «سرتشر 2» مقابل 53 مليون دولار، وذلك إلى جانب شراكات أوسع، حيث تقدر المشاريع المشتركة بين «آي إيه آي» والشركة الروسية «أو بي كي أبورونبروم» عام 2010 بمبلغ 400 مليون دولار. وتسعى روسيا إلى إنتاج الطائرة الموجهة عن بعد الإسرائيلية من طراز «هيرون».
وكانت جهودها لتطوير أنظمة طائرات موجهة عن بعد محلياً قد أسفرت عن نتائج دون المطلوب، أما، من وجهة نظر إسرائيل، فإن منظور التعاون هو في تشكيل نفوذ لإقناع روسيا بالانسحاب من الدعم الصناعي الدفاعي لإعدائها.
وتقدر مجلة «جينز ديفنس ويكلي» العسكرية المتخصصة أن تلتزم روسيا بإنفاق 97 مليار دولار على المشتريات العسكرية بين 2010 و2015، وأن تصل نسبة ضئيلة من هذا المبلغ إلى المتعاقدين الأجانب، حيث أن معظم الاستحواذ سيكون على شكل تراخيص إنتاج، كما جرى في الاتفاق مع شركة «أيفكو» الإيطالية حيث يجري إنتاج ناقلة الجند «ال أم في أم 65» في روسيا وباعتماد اكثر من نصف المكونات من داخل روسيا نفسها.
وكان بوتين أفضل من لخص استراتيجية المشتريات الدولية لروسيا، حين قال: «يتعين علينا في روسيا أن ندرك أنه لا احد سوف يبيعنا أسلحة واعدة من الجيل المقبل، وميزانية الدفاع بالتأكيد لا يجب ان تذهب للخارج».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق