29‏/10‏/2011

في دراسة استراتيجية: الانسحاب الأميركي من العراق... لمصلحة واشنطن أم لمصلحة طهران 1-2 ؟


أعلن الرئيس أوباما أن جميع القوات الأمريكية ستغادر العراق بحلول نهاية العام. وأثار الإعلان العديد من السجالات في أوساط الساسة الأمريكان ودوائر الأبحاث. وبرزت إلى السطح سيناريوهات متعددة لتداعيات الانسحاب وبعضها يحمل توقعات توشك آن تصف نتائج الانسحاب بأنها لحظة لإيقاظ الوحوش النائمة، في منطقة لا تنسى أطرافها ضغائنها القديمة والجديدة، وإنما تنتظر ريثما يحين موعد انكسار الخصم فقط.
وقد يكون أكثر السيناريوهات تشاؤما هي تلك التي طرحها الخبير القانوني الدولي هاغي كارمون في تحليل نشره، مؤخرا، في صحيفة هافينغتون بوست الأميركية.
 
ويقول الكاتب: لا يقتصر أمر الانسحاب على التزام اوباما بتعهده بالانسحاب خلال حملته الانتخابية عام 2008، اذ ان القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لاوباما، هو رفض العراق ضمان الحصانة القانونية للجنود الأمريكيين أمام المحاكم العراقية. وربما أثار هذا الرفض الإحباط أو حتى الغضب. فبالنسبة للعراقيين يعد بذل الجنود الأمريكيين لدمائهم من اجل حماية نظام الحكم العراقي امرا متوقعا ومقبولا، ولكن منح الحصانة القانونية للجنود غير مقبول؟ بالتأكيد هذا تعريف جديد "للوقاحة".
في أيار 2006 ، اقترح السناتور جوزيف بايدن، تقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم منفصلة، كردية وشيعية وسنية، مع وجود حكومة مركزية في بغداد. كان بايدن يقصد تحقيق لامركزية في العراق، وليس تقسيمه. ومع ذلك، وبعد ما يقرب من ست سنوات، قد يتحقق حلم بايدن، مع تعديلات "طفيفة"، مما يجعل النتيجة المحتملة كابوسا.
مع انسحاب القوات الأميركية، يمكن أن يتقسم العراق: سوف تلتهم ايران الجنوب العراقي الذي يسكنه الشيعة والغني بالنفط. يمكن ان تتحول منطقة شمال العراق المتاخمة لتركيا الى دولة كردية مستقلة، ويُترك العراقيون السنة في المناطق المحيطة ببغداد الخالية من النفط عمليا، ومن دون أي مصدر ملموس للدخل، ولكن مع أكثر من مليون إنسان يجب ان يُسد رمقهم.
من الذي سيمنع هذا السيناريو من التحقق؟ ليس لدى العراق جيش بالمعنى الحقيقي للكلمة في وسعه منع الغزو الإيراني الذي ستتذرع طهران على الأرجح بأنه جاء "بناء على طلب من الشيعة في جنوب العراق من اجل حمايتهم". وبما ان الحرب الأمريكية على العراق أضعفت الأخير إلى درجة أنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه على نحو فعال إزاء إيران، فيمكن ان تكون النتيجة غير المقصودة لانسحاب القوات الأمريكية هي تسليم جنوب العراق للإيرانيين على طبق من فضة. وخمنوا ما سيحدث بعد ذلك.
لا تقتصر دوافع الإيرانيين لتمزيق العراق على النفط العراقي. ففي منطقة الشرق الأوسط، يتعذر نسيان الإذلال والمهانة التي تلحق بالخصم ويتعين على الأخير أن ينتقم منها. بدأ العراق في عهد صدام حربا ضد ايران في العام 1980 والتي انتهت بهزيمة إيران التي أجبرت على التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في العام 1988. لم ينس الإيرانيون ذلك. ويردد البدو العرب القول "انا انتظر أربعين عاما للانتقام، وعندما تحين ساعته في نهاية المطاف، اقول لنفسي، قد أكون متسرعا جدا". لم تمض على هزيمة الايرانيين سوى 23 سنة، وبالتالي فان تذكر الإيرانيين لهزيمتهم المذلة لا بد انه لا يزال قائما.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق