29‏/10‏/2011

في دراسة استراتيجية: الانسحاب الأميركي من العراق... لمصلحة واشنطن أم لمصلحة طهران 2-2 ؟




ماذا سيحدث لحلفاء رئيسيين لواشنطن في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية، أكبر خصم لإيران؟ هل يشير الانسحاب الأميركي من العراق إلى تقليل أهمية السعودية بالنسبة الولايات المتحدة، إذا صحت المخاوف من تضاؤل احتياطياتها النفطية؟ فوفقا للمراسلات السرية التي نشرتها ويكيليكس، أعرب دبلوماسيون امريكيون عن القلق من أن تكون الاحتيطات النفطية السعودية مبالغا فيها بنسبة 40 ٪. إذا كان ذلك صحيحا، فهل تقبلت الولايات المتحدة عن قصد زيادة إمكانات السيطرة الإيرانية على المنطقة التي تزود العالم بـ 30 ٪ من احتياجاته النفطية، حتى في الوقت الذي مازال فيه النفط يتدفق؟ مع عدم وجود قوات اميركية في المنطقة، ومع ممانعة الكونغرس الأميركي والرأي العام إزاء شن حرب جديدة في المنطقة، كيف للولايات المتحدة أن توقف الإيرانيين؟ يجب أن تكون هناك خطة لمواجهة هذا الاحتمال وراء قرار أوباما بالانسحاب، أم أن هذه الخطة موجودة ومفادها "من بعدي الطوفان"، وهي المقولة التي تنسب إلى الملك لويس الخامس عشر في فرنسا (1710-1774)؟

يشهد شمال العراق تغيير إيجابي كبيرا على وجه الاحتمال. فللمرة الأولى في تاريخهم، قد يحقق أكثر من 30 مليون كردي منتشرين في تركيا والعراق وسوريا وايران استقلالهم في نهاية المطاف. في الأشهر الأخيرة قتل حزب العمال الكردستاني ، وحركة التمرد الكردية التركية عشرات من الجنود في شرق تركيا، مما دفع انقرة لشن غارات عبر الحدود في كردستان العراق لضرب معاقل الكرد. على الرغم من تمتع الأكراد بحكم ذاتي محدودا في مناطق عدة، فان الحكومة التركية فرضت قيودا شديدة على الأكراد الذين يحاولون الحفاظ على ثقافتهم ولغتهم.

منح الغزو الأمريكي عام 2003 أكراد العراق مكانة قوية لم يتسن لهم نيلها سابقا: القدرة على ترجيح كفة الميزان في اتجاه السنة أو الشيعة. ومكنتهم تلك القدرة على المطالبة بعائدات نفطية كبيرة من بيع النفط المنتج في شمال العراق، وهو ما حصلوا عليه لاحقا. وحققت الأموال التي حصلت عليها أربيل دفعة اقتصادية كبيرة.

دفع تسارع وتيرة انسحاب القوات الأمريكية من العراق والتصعيد الأخير في شرق تركيا الى عقد اجتماع طارئ الأسبوع الماضي في انقرة بين وزيري الخارجية الإيراني والتركي. أعلن الأخيران علنا ​​عزم بلديهما على مقارعة حزب العمال الكردستاني وحزب بيجاك، فرعه الإيراني. يدرك الوزيران بالتأكيد أن إمكانية إنشاء دولة كردية في شمال العراق ستكون خطيرة على بلديهما. فمع قيام دولة كردية مستقلة، من المرجح أن يطالب الأكراد في شمال إيران وشرق تركيا بانضمام مناطقهم إلى الدولة الكردية الجديدة، وهو ما سيؤدي الى انسلاخ تلك المناطق من تركيا وإيران وسوريا والعراق، بما يمس بسلامة أراضي تلك البلدان وسيادتها.

هناك أيضا المال. أو بالأصح كميات طائلة من المال. فالمنطقة التي يسكنها الأكراد، والمعروفة باسم كردستان، غنية بالنفط والغاز الطبيعي والفحم واليورانيوم والنحاس والحديد الخام. جيولوجياً تمثل كردستان امتداد لأغنى منطقة في العالم بالبترول، وتمتد من السعودية الى كردستان. ويقدر احتياطي النفط في كردستان ما بين 5-10 مليارات برميل من النفط، مما يجعلها واحدة من أكبر احتياطيات النفط في العالم. ويقدر احتياطي الغاز الطبيعي في كردستان بنحو 20 تريليون متر مكعب.

قبل شهر، وافقت تركيا على نصب رادار للإنذار المبكر، وهو جزء من منظومة حلف الناتو للدفاع الصاروخي، في منطقة كورسيك بمحافظة ملاطية (نحو 435 كيلومترا إلى الغرب من الحدود الإيرانية). في وسع منظومة الرادار التصدي لهجمات بصواريخ باليستية من إيران. وسارعت طهران إلى تحذير تركيا من آن نشر هذه المنظومة سيصعد التوترات في المنطقة.

لا تتوافق مواقف تركيا وإيران حيال سوريا، فتركيا تنتقد قتل النظام السوري، حليف إيران، المتظاهرين المدنيين السوريين وغيرها من الأعمال العدائية التي يرتكبها النظام السوري، الذي أرسل الآلاف من اللاجئين السوريين الى تركيا.

هل نسيت إيران تلك الخلافات مع تركيا عندما هرعت الى الانضمام اليها في معركتها ضد الأكراد؟ وهل ستسحب إيران مطالبتها لتركيا بإزالة منظومة الرادار التي تستهدف طهران، أم أن الإيرانيين ينتظرون الفرصة المناسبة؟ لأنه في الشرق الأوسط ، لا احد ينسى، ولكن ينتظر انكسارك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق