أخذت مجالس محافظات عراقية تعلن تحويل محافظاتها لأقاليم مستقلة إدارياً واقتصادياً، وتباينت مواقف القوى السياسية بين الرفض التام وبين المخاوف من ان تتحول هذه الاقاليم الى كيانات طائفية تتناحر فيما بينها وبين احقية المحافظات بهذا الاجراء باعتباره حقاً مشروعا نص عليه الدستور الدائم للبلاد.
فيما يتوالى اعلان مجالس محافظات عراقية غربية سنية وجنوبية شيعية استعدادها لتحويل محافظاتها الى اقاليم مستقلة اداريا واقتصاديا فان مخاوف تتصاعد من تحول هذه الاقاليم في النهاية الى كيانات طائفية تثير نزاعات حتى بين الاقاليم هذه نفسها في ظل وجود مناطق تتنازع على احقيتها بها وتعمل على اضعاف العراق ثم تفتيته في وقت تباينت فيه مواقف الكتل السياسية من هذه الخطوات بين الدعم والمعارضة والتحفظ.
فبعد ان اعلن مجلس محافظة صلاح الدين (175 كم شمال غرب بغداد) الخميس تحويلها الى اقليم مستقل اداريا واقتصاديا فقد هدد محافظا نينوى ( 375 كم شمال بغداد ) والانبار (110 كم غرب بغداد) وهي محافظات تسكنها غالبية سنية باتخاذ اجراء مماثل لما يقولان انها ممارسات تعسفية تمارسها الحكومة المركزية في تهميش محافظاتهما وحرمانها من المخصصات المالية الضرورية لتنميتهما وتشغيل العاطلين فيهما اضافة الى احتجاجهما على حملة الاعتقالات التي تشهدهما منذ ايام والتي تنفذها قوات تابعة للحكومة وبدون التنسيق مع مسؤولي المحافظتين ضد ضباط في الجيش العراقي السابق وقياديين في حزب البعث يتم نقلهم الى العاصمة بتهمة الاعداد لانقلاب عسكري بعد انسحاب القوات الاميركية من البلاد بنهاية العام الحالي والذين وصل عددهم الى 615 بحسب تاكيدات لرئيس الوزراء نوري المالكي.
ثم تطور الحال الى دعوات لتشكيل اقليم موسع يضم محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين يضاف اليه محاظتي كركوك (255 كم شمال شرق بغداد) وديالى (65 كم شمال شرق بغداد) ..
وفي المقابل واثر هذه التهديدات فان استعدادات تجري حاليا لعقد اجتماع لمجالس المحافظات الجنوبية البصرة ( 550 كم جنوب بغداد) وميسان (365 كم جنوب بغداد) وذي قار (375 كم جنوب بغداد) والمثنى (160 كم جنوب بغداد)وهي محافظات تقطنها اغلبية شيعية ساحقة وذلك ويمكن ان يضاف اليها في وقت لاحق محافظتا النجف (160 كم جنوب بغداد) وكربلاء (110 كم جنوب بغداد) لبحث انشائها "اقليم الجنوب" ليضم هذه المحافظات الست . وكانت محافظة البصرة قد طالبت فعلا خلال الاعوام الثلاثة الماضية بتحويلها الى اقليم واجرت استفتاء شعبيا حول ذلك لكنه لم يفز بالاغلبية المطلوبة .
يذكر ان العراق يضم 18 محافظة منها ثلاث كردية في شمال البلاد هي اربيل والسليمانية ودهوك شكلت فيما بينها اقليم كردستان العراق الذي يحكمه الاكراد منذ عام 1991. ومعلوم ان هناك نزاعات بين محافظات عدة حول اراض اقتطعها منها النظام السابق وضمها الى محافظات مجاورة حيث تطالب تلك المحافظات باعادتها اليها باعتبارها جزءا منها تاريخيا واداريا.
وقد واجه رئيس الوزراء نوري المالكي اعلان محافظة صلاح الدين اقليما برفض عبر عنه في تصريحات تبثها حاليا قناة العراقية الحكومية حيث انتقد مجلس محافظتها لاتخاذه القرار وقال ان اعضاء سابقين في حزب البعث المحظور الان الذي كان يتزعمه صدام حسين يريدون استخدام المحافظة ملاذا آمنا. واضاف ان الفدرالية قضية دستورية ومجلس محافظة صلاح الدين ليس له الحق في ان يتخذ قرارا في هذه القضية وسترفض الحكومة بالتاكيد قرار مجلس المحافظة الذي اعلنه الخميس الماضي . واشار الى ان البعثيين يريدون دعم الاستقرار في المحافظة حتى يمكنهم استخدامها نقطة انطلاق لعملياتهم في محافظات ديالى وكركوك والموصل وبغداد.
لكن رئيس مجلس محافظة صلاح الدين سبهان ملا جياد عبر عن استغرابه لرفض المالكي طلب إقامة الإقليم وقال ان المحافظة كانت تتمنى على الحكومة المركزية ان لا تعارض نصوص الدستور وان تحمي حقوق الناس كي لا يطالبوا بالاقاليم . ورفض اتهام المالكي لمحافظة صلاح الدين بانها حاضنة للإرهاب وان إقليمها طائفي" معتبرا هذه التصريحات "غير دستورية وليس لها مبرر".
وكانت مفوضية الانتخابات العراقية اعتبرت الجمعة الماضي ان اعلان اقليم صلاح الدين لا يعني ان المحافظة قد شكلت إقليما وإنما بدات بالخطوة الاولى لتشكيله مؤكدة ان طلب المحافظة يحال إلى مجلس الوزراء خلال 15 يوما ومن ثم إلى المفوضية لتنفيذه موضحة ان التصويت على تشكيل الإقليم يكون بمشاركة نصف الناخبين وبالاغلبية البسيطة. وتنص المادة 116 من الدستور العراقي على حق كل محافظة او اكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه يقدم اما بطلب من ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم او بطلب من عُشر الناخبين في المحافظة.
مواقف متباينة من تشكيل الاقاليم
وتتباين مواقف القوى السياسية من اعلان المحافظات العراقية تحويلها الى اقاليم مستقلة عن السلطات المركزية اداريا واقتصاديا حيث تراوحت بين الرفض التام وبين المخاوف من ان تتحول هذه الاقاليم الى كيانات طائفية تتناحر فيما بينها وبين احقية المحافظات بهذا الاجراء باعتباره حقاً مشروعا نص عليه الدستور الدائم للبلاد.
وقال عضو مجلس النواب عن تحالف الوسط المنضوي في الكتلة العراقية سليم الجبوري انه ليس من حق مجلس الوزراء ومجلس النواب الاعتراض على قضية تشكيل الإقليم لانه حق خالص لسكان المحافظة التي تريد ان تتحول إلى إقليم وهذا الامر نص عليه الدستور والقانون.
واضاف الجبوري في تصريح ل"ايلاف" ان القانون حدد الآليات التي يتم من خلالها تقديم الطلب فاما يقدم من ثلثي اعضاء مجلس المحافظة او عُشر السكان وبعد ذلك يحال بعد 15 يوماً للاستفتاء من قبل المفوضية العليا للانتخابات. واشار الى ان مجلسي الوزراء والنواب ليس من حقهما رفض طلب اي المحافظة تريد ان تتحول إلى إقليم وعليهما ان يقبلا بالنتيجة التي تظهر بعد الاستفتاء الشعبي لسكان المحافظة قبولاً او رفضاً.
واضاف الجبوري ان الدستور والقانون لم يتطرقا إلى اهداف تشكيل الإقليم كما يروج البعض بان هناك اهدافا سياسية وان هناك ردة فعل (على الاعتقالات الاخيرة) فالمهم ان سكان الإقليم هم الذين يقررون حتى لو كانت لهم دوافع ومبررات خاصة بهم. وعبر عن اعتقاده بان عملية تفسير النصوص على غير مؤداها هو انقلاب على القانون والدستور وعملية فلسفة المسائل على اساس سياسي خالص "فاليوم سكان محافظة صلاح الدين مقبلين على امر يتعلق بتشكيل إقليم فينبغي ان لا نعطي سابقة خطيرة بتجاوز النصوص الموجودة من اعلى سلطة والتي تتمثل بمجلس الوزراء ومجلس النواب".
وشدد النائب العراقي على ضرورة احترام الكتل السياسية ما صادقت عليه من تصويتات على قوانينها "فالذي حدد هذه الآليات هي الكتل السياسية ذاتها حينما شرعت القانون والدستور". وحذر من ان تفسير النصوص بشكل كيفي وبهذه الطريقة سوف يزعزع وبشكل قطعي الثقة في اي عملية دستورية وفي العملية الديمقراطية .
ومن جانبه قال التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر اليوم إن اعلان مجلس محافظة صلاح الدين تحوله الى اقليم مستقل ليس بمحله مشيرا الى ان توقيت الاعلان لم يكن موفقاً بسبب وجود تحديات كبيرة داخلية وخارجية تتطلب تكاتف المحافظات مع الحكومة الاتحادية.
واشار القيادي في التيار جواد الجبوري الى ان القرار ليس في محله رغم انه مطلب دستوري لكن السياسيين في المحافظة استعجلوا في الموضوع لان توقيتاته حرجة نظرا لان المرحلة الحالية تتطلب التكاتف والتعاون مع الحكومة الاتحادية لان هناك تحديات كبيرة داخلية وخارجية متمثلة بالإرهاب الداخلي والانسحاب الاميركي .
ومن جهته اكد محافظ صلاح الدين اليوم احمد عبد الله الجبوري ان إقليم المحافظة ليس نسخة عن تجربة إقليم كردستان لان الاخير يضم ويمثل قومية واحدة بينما هذه المحافظة تضم سنة وشيعة وكردا وعربا وتركمانا وغيرهم من القوميات والطوائف .
اما الكتلة العراقية فقد اكدت رفضها لاعلان محافظة صلاح الدين إقليما اداريا وقال مسؤول الهيئة التنسيقية للقائمة العراقية عبد الكريم الجبوري في مؤتمر صحافي اليوم إن "الهيئة التنسيقية عقدت اليوم اجتماعها الدوري وناقشت قرار مجلس محافظة صلاح الدين بتشكيل إقليم فيها وكذلك الاعتقالات والانتهاكات والتهميش والذي سبب إحداث شرخ كبير للوضع العام ".
وعلى الصعيد نفسه قال زعيم صحوة العراق احمد ابو ريشة إن مجلس محافظة الانبار في تصريح نقلته وكالة السومرية نيوز سيدرس إمكانية إقامة إقليم فدرالي كما نص عليه الدستور العراقي دون ان يصوت عليه . واضاف ان الفدرالية ليست تقسيما وإنما ممارسة لصلاحيات واسعة تتيح للمحافظة البناء والإعمار وفقا للدستور الذي وضعه من هو موجود الآن في رئاسة الحكومة والجمهورية.
وعلى الصعيد نفسه قال زعيم صحوة العراق احمد ابو ريشة إن مجلس محافظة الانبار في تصريح نقلته وكالة السومرية نيوز سيدرس إمكانية إقامة إقليم فدرالي كما نص عليه الدستور العراقي دون ان يصوت عليه . واضاف ان الفدرالية ليست تقسيما وإنما ممارسة لصلاحيات واسعة تتيح للمحافظة البناء والإعمار وفقا للدستور الذي وضعه من هو موجود الآن في رئاسة الحكومة والجمهورية.
ومن جهتهم طالب شيوخ ووجهاء عشائر الانبار اليوم الحكومة المركزية بإعادة المعتقلين إلى محافظاتهم خلال مدة لا تتجاوز 72 ساعة والكف عن حملات الاعتقال . وقالوا في بيان اثر اجتماع لهم ان هذه الاعتقالات ارهاب حكومي منظم يهدف إلى إثارة الفتنة الطائفية والدفع باتجاه الاقاليم تلبية لاجندات خارجية وإقليمية. وقال امير قبائل الدليم علي حاتم السليمان إن شيوخ ووجهاء عشائر الانبار عقدوا مؤتمرا بمشاركة مجلس المحافظة تلبية لنداء ابناء الانبار اسفر عن مطالبة الحكومة المركزية بإعادة المعتقلين إلى محافظاتهم خلال مدة لا تتجاوز 72 ساعة والكف عن هذه الاعتقالات .
واشار الى ان المؤتمرين رفضوا رفضا قاطعا فكرة الاقاليم وحملوا الحكومة المركزية المسؤولية بدفع العراق إلى الهاوية . وقال ان هذه التصرفات الحكومية غير المدروسة وفي هذا الظرف العصيب تدل على فشل العملية السياسية برمتها والتي وصلت إلى حال عدم الاعتراف بها والمطالبة بنزع الشرعية عنها. وحذر من جر العراق إلى الفوضى والمواجهة المسلحة بين العشائر والاجهزة الحكومية "التي تمارس هذه الإجراءات غير القانونية وباوامر طائفية مدسوسة"على حد قوله.
ويعتبر انشاء الاقاليم في العراق اجراء دستوري نصت عليه مواد عدة في الفصل الاول من الدستور تحت عنوان "الاقاليم" . فقد جاء في المادة 116 من الدستور "يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمةٍ واقاليم ومحافظاتٍ لا مركزيةٍ واداراتٍ محلية." .. فيما نصت:
المادة 117 على : "اولاً : يقر هذا الدستور، عند نفاذه، اقليم كردستان وسلطاته القائمة، اقليماً اتحادياً. ثانياً : يقر هذا الدستور، الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لاحكامه. اما المادة 118 فقد جاء فيها "يسن مجلس النواب في مدةٍ لا تتجاوز ستة اشهر من تاريخ اول جلسةٍ له، قانوناً يحدد الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الاقاليم، بالاغلبية البسيطة للاعضاء الحاضرين" .. بينما قالت المادة 119 "يحق لكل محافظةٍ او اكثر، تكوين اقليمٍ بناءاً على طلبٍ بالاستفتاء عليه، يقدم باحدى طريقتي : اولا طلبٍ من ثلث الاعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم .. و ثانياً ـ طلبٍ من عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.
كما جاء في المادة 120 " يقوم الاقليم بوضع دستورٍ له، يحدد هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ان لا يتعارض مع هذا الدستور" .. وفي المادة 121 " :
اولاً : لسلطات الاقاليم، الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقاً لاحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصاتٍ حصرية للسلطات الاتحادية.
ثانياً : يحق لسلطة الاقليم، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم، بخصوص مسالةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.
ثالثاً :تخصص للاقاليم والمحافظات حصةٌ عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام باعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.
رابعاً : تؤسس مكاتبٌ للاقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية.
خامسا: تختص حكومة الاقليم بكل ما تتطلبه ادارة الاقليم، وبوجهٍ خاص انشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم، كالشرطة والامن وحرس الاقليم.
ثانياً : يحق لسلطة الاقليم، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم، بخصوص مسالةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.
ثالثاً :تخصص للاقاليم والمحافظات حصةٌ عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام باعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.
رابعاً : تؤسس مكاتبٌ للاقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية.
خامسا: تختص حكومة الاقليم بكل ما تتطلبه ادارة الاقليم، وبوجهٍ خاص انشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم، كالشرطة والامن وحرس الاقليم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق