مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في مصر حيث ستعقب الانتخابات البرلمانية التي ستعقد نهاية الشهر القادم بدأت المخاوف تشتد بشأن تشبث العسكريين بالسلطة في مصر خصوصا بعد أن فوجئ الكثيرون بانطلاق حملة تدعو لانتخاب المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الحاكم رئيسا للبلاد؛مما قوى هذه المخاوف رغم النفي المستمر من قبل المجلس العسكري وتاكيده على عدم وجود مرشح له للرئاسة..
قبل فترة وجيزة نزل المشير طنطاوي إلى الشارع لتفقد حال المواطنين وهو أمر طبيعي لا يدعو للتساؤلات بصفته الحاكم الفعلي للبلاد بعد خلع مبارك, ولكن غير الطبيعي أنه ولأول مرة كان يرتدي زيا مدنيا وبدأت التحليلات والتعليقات تدور على صفحات الجرائد والبرامج الفضائية وتصاعدت حدة الانتقادات من جانب عدد من القوى الوطنية التي كانت لها مشاركة فعالة في الثورة خوفا من أن تكون الجولة بداية لتفكير من المجلس العسكري للبقاء في السلطة وأن تكون هذه الجولة جولة انتخابية وليست جولة اعتيادية..
ليس هذا فقط بل تعهد المجلس العسكري بأن الفترة الانتقالية لن تزيد عن سنة ثم امتداد هذه الفترة إلى سنتين وربما أكثر حسب البرنامج الذي أعده المجلس لنقل السلطة جاء ليسير في اتجاه تقوية المخاوف, الأكثر من ذلك هو مطالبة بعض العلمانيين الليبراليين ببقاء المجلس لفترة أطول بحجة منح البلاد المزيد من الاستقرار ثم انضمام عدد من اليساريين إليهم مؤخرا حيث بدأ الترويج لاحتمال فشل الانتخابات البرلمانية بسبب الانفلات الامني وبالتالي الحل أن يبقى المجلس العسكري في السلطة ويولى المشير مقاليد الرئاسة "ليس لأنه الخيار الاصوب ولكن للضرورة" ـ على حد زعمهم ـ هذا الطرح بدأ يتزايد حتى من قبل بعض من اتهموا الإسلاميين بمهادنة المجلس العسكري وعقد صفقات معه, ثم هاهم يمنحونه تفويضا للانفراد بالحكم دون إرادة شعبية بدعوى الحرص على الاستقرار وتلافي الفوضى, والسؤال البديهي ولماذا لم يقض المجلس على هذه الفوضى ويسيطر أمنيا على البلاد طوال 9 أشهر وجميع السلطات في يده؟!..
إن هذه المزاعم الفارغة تنامت بعد الإرهاصات التي فجرتها الانتخابات في تونس وفوز الإسلاميين بأغلبية المقاعد حيث شعر غلاة العلمانيين بأن السيناريو سيتكرر في مصر عن قريب وسيظهر حجمهم الطبيعي أمام الناس فآثروا الهروب والترويج لعدم إمكانية إتمام الانتخابات في ظل الظروف الامنية المتدهورة بدلا من أن يطالبوا المجلس بالحزم ووضع خطة حاسمة لإجراء الانتخابات التي ستعيد الحكم للشعب لأول مرة منذ عشرات السنين وكأن هذه الثورة التي قتل فيها المئات لم تكن..
الخوف الحقيقي الآن هو تكريس هذا السيناريو على نطاق واسع وانضمام فئات أخرى له مع التخويف المتزايد من التيارات الإسلامية خصوصا بعد ظهور النتائج النهائية لانتخابات تونس, وحتى يحصل هذا المخطط على تاييد متزايد ويتم فرضه كأمر واقع يتم العبث بالامن خلال الانتخابات البرلمانية وإفشالها ولن يعرف أحد من الذي يقف وراء الامر كالعادة في الاحداث الامنية التي تشهدها البلاد حاليا وسيكون أمام الشعب خياران لا ثالث لهما إما اختيار المجلس كسلطة دائمة أو بقائه كسلطة انتقالية حتى إجراء انتخابات لا يعرف أحد متى وكيف ستجرى ويبقى عدم الاستقرار الذي تعيش فيه البلاد..قد يكون هذا هو السيناريو الاسوأ ويوجد سيناريوهات أخرى لا تختلف في نتيجتها عن هذا السيناريو ولكن تختلف في الاساليب وستقضي جميعها باختطاف السلطة وتوجيه الشعب لاختيار اضطراري..هناك العديد من الاتجاهات والقوى في الداخل والخارج لا تريد للبلاد الاستقرار خوفا على مصالحها المادية أو الفكرية أو المعنوية ومواجهة هذه القوى هو المحك الاصعب خلال الاشهر القادمة وإلا سنترحم جميعا على الثورة وضحاياها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق