تولت خلية خاصة عملت بعيدا عن الأنظار خلال أشهر الحرب في ليبيا، حراسة غاز الخردل الذي كدسه الزعيم الليبي السابق معمر القذافي وأخفى قسما منه عن الأمم المتحدة. وأعلن النظام الليبي الجديد الاثنين وجود موقعين لتخزين غاز الخردل في مكانين سريين.
ويحتوي الأول على أسلحة "جاهزة للاستخدام العسكري الفوري"، كما ذكر الخبير الليبي يوسف صفي الدين، المسؤول عن هذا الملف.
وتنجم عن غاز الخردل حروق كيميائية خطرة في العيون وعلى الجلد وفي الرئتين.
وأضاف صفي الدين أن "هذين الموقعين الآمنين" اللذين حرص معمر القذافي على إخفائهما عن الأمم المتحدة، لا يتسببان بأي خطر صحي.
وكانت الأمم المتحدة على علم بموقع ثالث فتشته في 2004 قرب ودان جنوب في واحة الجفرة وبدأ التخلص من مخزونه من الغاز في 2010 بإشراف دولي، واستمرت العملية حتى فبراير/شباط 2011 لدى اندلاع الانتفاضة. وقد "أبطل مفعول" كمية غاز الخردل التي بقيت فيه 11.25 طنا من خلال إضافة مواد تقلص كثيرا من سميته، كما قال صفي الدين.
وكان هذا المنتج الخطر مثار قلق بالغ منذ بداية النزاع الذي عملت خلاله خلية مؤلفة من تقنيين محليين ومن حلف الأطلسي من بنغازي شرق، مهد التمرد، بعيدا عن الأنظار، على الأسلحة الكيميائية والمعدات النووية في البلاد.
وكان يتولى رئاسة الخلية اللواء عبد الفتاح يونس القائد العسكري للثوار ووزير الداخلية السابق الذي اغتيل في 28 يوليو/تموز في ظروف غامضة، كما قال صفي الدين الذي كان عضوا فيها. ويتذكر صفي الدين أن "المرحلة الأولى كانت تقضي بمراقبة الأسلحة الكيميائية التي كان القذافي يشرف عليها ومنعه من استخدامها".
ويقول منصور ضو قائد الكتائب الأمنية في نظام القذافي والمسجون في مصراتة التي تبعد 215 كلم شرق طرابلس إن "القذافي تخلى بسرعة عن فكرة استخدام أسلحة كيميائية. فالأميركيون كانوا يراقبونها عن كثب ولم يكن في وسعنا الاقتراب منها"، ولم تتعرض للقصف من الجو.
وحرصت خلية بنغازي السرية أيضا على استعادة الكميات الضئيلة من المواد المشعة المستخدمة في الصناعة الليبية وخصوصا الكوبالت 60 الذي كان يمكن استخدامه لصنع قنبلة "قذرة" تنشر ذرات مشعة. وذكر صفي الدين أن "المرحلة الثانية كانت تقضي بمراقبة جميع المواقع الكيميائية. ولقد استولت عليها قواتنا الواحد تلو الآخر".
ووزعت أيضا أعداد كبيرة من أقنعة الوقاية من الغاز على المقاتلين، منها أكثر من عشرة آلاف في مايو/أيار في مصراتة غرب التي كانت قد طردت لتوها قوات القذافي بعد معارك ضارية وحيث تفشت شائعات عن التهديد الكيميائي.
ويتخذ اليوم فريق من الأميركيين والليبيين منهم صفي الدين من ودان مقرا لهم للاهتمام بهذه المسألة .ويرفض الأميركيون الرد على أسئلة الصحافيين حول هذا الموضوع. ويؤكد مسؤول عسكري كبير في مصراتة بعد لقاء معهم "إنها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي آي ايه".
ويؤكد صفي الدين والمقاتلون المحليون أن حراسة غاز الخردل في ودان، كما في الموقعين السرييين، مشددة. ويقول المقاتل احمد مصراتي مازحا "قبل ثلاثة أسابيع، دمرت سيارة اثنين من المقاتلين في غارة جوية عندما اقتربا كثيرا من المواقع المحصنة التي تحتوي على الغاز" في ودان، من دون أن يصاب أحد.
ويؤكد صفي الدين أن قنابل صوتية استهدفت مقاتلين آخرين كانوا يتدربون قرب الموقع قبل أيام، ويضيف أن كل متطفل يعرض نفسه لغارة جوية إذا ما اقترب اقل من 50 مترا عن المواقع "الكيميائية" المحصنة.
غير أن صحافيين من وكالة الصحافة الفرنسية تمكنوا الثلاثاء من دخول موقع التخزين قرب ودان في وادي الرواغة حيث وجدوا نحو170 غرفة محصنة، من دون أن يعثروا على أي حارس. وبحسب صحافيي وكالة الصحافة الفرنسية فان المكان قصفه حلف شمال الأطلسي، والحفر التي خلفتها قذائفه في الأرض كما في التحصينات المدمرة خير شاهد على عنف القصف.
ولكن المقاتل الذي ارشد الصحافيين إلى المكان لم يرد الذهاب حتى المستوعبات التي تحتوي غاز الخردل، مؤكدا أنها "لم تمس".
وتبنى مجلس الأمن الدولي الاثنين قرارا دعا فيه ليبيا والبلدان المجاورة إلى وقف انتشار الأسلحة التي كدسها القذافي في المنطقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق