شرعت إيران في نشر الألغام الدفاعية في "المرحلة التكتيكية" لمناورات بحرية استعراضية استعدادا لإغلاق مضيق هرمز، الممر الاساسي لتصدير النفط في العالم وشريان الحياة لدول الخليج العربية التي تشعر بـ"القلق" وبدأت تفكر في البدائل في حال إعلان طهران الحرب على الغرب وحرمانه من إمدادات النفط.
تصريحات استفزازية
خلال هذه المناورات البحرية "ولاية 90" التي دخلت الخميس يومها السادس، تقول طهران إنها إختبرت الصواريخ المتطورة والطوربيدات الذكية والطائرات المسيرة ضد "عدو وهمي".
كما صدرت عن قادة عسكريين إيرانيين سلسلة من التصريحات الاستفزازية.
فتوعد محمد رضا رحيمي، النائب الأول للرئيس الإيراني، بعدم السماح بعبور "قطرة نفط واحدة" من مضيق هرمز إذا ما فرض المجتمع الدولي مزيداً من العقوبات على بلده.
وصعد قائد البحرية، حبيب الله ساياري، بالتأكيد على أن طهران سترد بحزم وقوة علی أي تهديد.
وشدد على أن البحرية الإيرانية مجهزة للدفاع عن سيادة الوطن وباستطاعتها، لو أرادت، إغلاق المضيق "مثل شرب الماء".
وبدورها، تجندت وسائل الإعلام الإيرانية للتشديد على أن الجمهورية الإسلامية بإمكانها أن تمضي في سبيلها لإغلاق المضيق باستخدام السفن الحربية والغواصات والزوارق السريعة وصواريخ كروز المضادة للسفن وقذائف الطوربيد وصورايخ ارض-بحر والطائرات بدون طيار، لوقف السفن من الإبحار في الممر المائي الضيق.
تصميم غربي
في المقابل، حذّرت البحرية الأميركية من أنها ستمنع أي محاولة لإغلاق المضيق وأكد الاتحاد الاوروبي انه مصمم على فرض دفعة جديدة من العقوبات على ايران التي تعاني أصلا من اقتصاد هش، إذ وصل الريال الإيراني إلى أدنى مستوياته أمام الدولار.
وقد تسببت كل هذه التصريحات والتحذيرات في ارتفاع حاد في أسعار النفط.
وقد تأججت الأزمة التي يثيرها البرنامج النووي الإيراني منذ نشر التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر والذي يؤكد أن طهران سعت بالفعل إلى امتلاك السلاح النووي وأنها قد تواصل هذا المسعى.
وتمر أغلب الصادرات النفطية للسعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق، بالإضافة إلى معظم كميات الغاز الطبيعي المسال القادمة من قطر ـ أكبر مصدر له في العالم ـ عبر هذا المعبر الذي يبلغ عرضه 6.4 كلم والواقع بين ضفتي سلطنة عُمان والسواحل الإيرانية.
ويقع الممر أيضا بالقرب من الجزر الثلاث التي سيطرت عليها إيران بعيد الانسحاب البريطاني مطلع السبعينيات، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. وتؤكد الإمارات سيادتها عليها.
صمت خليجي
واستهجنت الخميس عدة صحف سعودية "الحرب الكلامية" الإيرانية و"الابتزاز والتهديد" و"التعامل مع دول الخليج كرهائن لدى طهران".
واستنكرت صحيفة اليوم "رغبة إيران جامحة في اشعال المنطقة في حرب طويلة"، ورأت في المناورات الإيرانية "استعراضا لقوتها العسكرية ومناورة يقوم بها النظام المحاصر لخلط الأوراق إقليميا ودوليا".
وبدورها، تساءلت صحيفة الوطن "لماذا دول الخليج بالذات؟ لماذا لا تتوجه الجمهورية الإسلامية بكل تصريحاتها المغرورة والمستفزة، وبكل مناوراتها العسكرية والسياسية، إلى الكيان الصهيوني، الذي يعد الذراع الأميركية في المنطقة؟".
واعتبر أحد الكتاب أن "تهديد الاقتصاد العالمي من خلال استهداف النفط يعد عملا أخطر وأكبر من استهداف الأبراج في نيويورك في أحداث سبتمبر الإرهابية"، واستغرب من "الصمت الخليجي، دبلوماسياً وإعلامياً، خصوصاً أن إيران تهدد بضرب أهم المصالح الخليجية، وهو النفط".
حزمة البدائل
وكان مسؤولو نفط خليجيون التقوا مؤخراً في أبوظبي قالوا إن دول مجلس التعاون ربما تبحث دعم استخدام خط أنابيب بترولين الذي يمر من شرق السعودية إلى البحر الأحمر، وتبلغ طاقته 4.8 مليون برميل في اليوم.
وقد تشمل البدائل طرقاً أخرى، كخط أنابيب الذي يمر في إمارة أبو ظبي وينتهي في ميناء الفجيرة (جنوب مضيق هرمز) وتبلغ طاقته 1.5 مليون برميل في اليوم، أو خط الأنابيب العراقي الذي يمر عبر السعودية و تبلغ طاقته 1.65 مليون برميل في اليوم.
غير أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كان قد استبعد في مقابلة مع شبكة سي إن إن، أن تسعى إيران لامتلاك قنبلة نووية، متسائلاً "ماذا يمكن أن تفعل إيران بالسلاح النووي؟".
وتابع قائلاً "إيران دولة مجاورة لنا، إنهم مسلمون، ونعيش جنباً إلى جنب منذ آلاف السنين، وأنا لا أعتقد أن إيران سوف تقوم بتطوير أسلحة نووية".
خطوط حمراء لإشعال فتيل الحرب
واستبعد بعض المحللين أن تجازف إيران بتخطي الخط الأحمر وتغلق المضيق، حتى وإن فرض عليها حظرا نفطيا تعتبره طهران خطا أحمر وإعلان حرب، لأنها ستعاني اقتصادياً تماماً مثل مستوردي الخام الغربيين.
لكن بالنسبة للغرب ـ الولايات المتحدة وإسرائيل تحديداً ـ وكذلك بعض دول الخليج، فإن انتاج قنبلة ذرية إيرانية، هو خط أحمر.
ولأن استقرار دول الخليج المنتجة للنفط أمر أساسي لأسواق الطاقة، ولأن الالتزام الأميركي بهذه الدول مسألة حيوية لاستقرار أسواق النفط، على الأقل في المستقبل المنظور، فإن الرئيس الاميركي باراك أوباما، الفائز بجائزة نوبل للسلام، قد يشعل فتيل حرب الخليج الثالثة، لمنع إيران من حيازة سلاح نووي، إلا إذا أخذ الحل الديبلوماسي شكلاً جديداً، وذلك بالقبول الغربي لتخصيب إيراني محدود مقابل مراقبة وتفتيش دولي صارم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق