22‏/01‏/2012

بعد أفغانستان... تؤسس عاصمتها على أرض اليمن (2-2): هل نفوذ إيران "خليجياً" مرتبط بإعادة بث الحياة لـ"القاعدة"؟


من الممكن الحديث عن اليمن بشكل منفرد، وأن تكون نار القاعدة التي بدأت بالاشتعال داخلها لا تتجاوز "صعدة" الشمالية المطلة على السعودية، لكن النار تشب على أجزاء البساط الخليجي كاملا.
وإن كانت الحلول في داخل اليمن لا تمر سوى من بوابة الخليج وأسرته الست الكبرى اقتصاديا، فإن الضرر الأكبر لن يكون سوى من الخلف، بعيدا عن الأوجه المتحركة نحو شطر مياه الخليج في ظل التهديدات الإيرانية المتخبطة بعد الضغوط الاقتصادية.
وعودة إلى اليمن في جزء ثاني، وهي الدولة التي تترقب مغادرة صالح نحو وجهة ربما تكون بلا عودة، وربما وجهة للراحة بعد اشتعال النار وضمانه الحصانة الكاملة منحتها له دموع رئيس الوزراء باسندوه، وبموافقة مجلس النواب اليمني.
لكن الشرق اليمني وليس ببعيد عن العاصمة اليمنية صنعاء، تجتاحه مفخخات تنظيم "القاعدة" المميتة، والمهددة بالانفجار في أرض تطمح للسعادة كما كانت هي شواهد تاريخها.
الكاتبة السياسية السعودية والباحثة في شؤون الإسلام السياسي وتنظيم القاعدة بينة الملحم تحلل الواقع اليمني عبر أسئلة "إيلاف".

يجب أن نضع نصب أعيننا لأمن الخليج أن نفوذ إيران بحياة القاعدة!

بينة الملحم قالت إن الخطورة الآن تتجاوز الفراغ السياسي اليمني الذي لا يخدم القاعدة فقط، وإنما يخدم القوى الإقليمية التي ترى في اليمن خاصرةً جاهزة للانقضاض والانتقام من الخليج، وأضافت أنه حين تضطرب اليمن التي هي بوابة العرب وخاصرة الخليج؛ فإن "الماكرين الآتين بدعمٍ من إيران وغيرها ربما يجدون في اليمن مجالاً للضرب والتخريب". واعتبرت أن ذلك هو سبب غضب نواب إيرانيين من المبادرات الخليجية التي تتجه لحلٍ سلمي لانتقال السلطة في اليمن.
وقالت الملحم أن أهداف إيران حين نقرأ انتقادات النواب لتدخّل الخليجيين الحكيم في البحرين واليمن، يخصّ النواب انتقاداتهم للخليج بأنهم يتدخلون في "اليمن والبحرين"!

هل صدق من قال إن "القاعدة" لن تموت؟
بينة قالت إن نظر تنظيم القاعدة في اليمن على أنها "الأرض الموعودة"، وبقراءة ما كتبه أبو مصعب السوري (مصطفى ست مريم) في رسالته "مسؤولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم" نقرأ "إستراتيجية التنظيم" من أجل تحويل اليمن إلى "قاعدة للقاعدة".
وأضافت أنه حين نتأمل في كل الخصائص التي يرى التنظيم أنها من مميزات اليمن التي تؤهلها لأن تكون أرض ميعادٍ على الأمد الطويل نجد أنه يستغل الثغرات الاقتصادية والاجتماعية والقبلية من أجل تبرير "التأهيل" الذي اختصت به اليمن لتكون أرض الأحلام لهذا التنظيم الشرس.
الملحم ترى أن القاعدة تنظيم "يتغذّى على الفراغات، ويتحطّم بالوحدة والتماسك". وكل فراغ سياسي هو مستنقع للتفريخ القاعدي، وهذا الذي يجرى في اليمن بالضبط.
الملحم عبرت عن رأيها وقالت أن الفرق الذي أدركه التنظيم اليوم أن تهديده للعالم اليوم لم يكن بذات المشروعية التي توهّمتْها بعض المجتمعات من قبل، العقد الماضي كان كفيلاً بتغيير معادلاتٍ اجتماعية كبيرة، لهذا فإن التنظيم خسر الفضاءات الاجتماعية المحدودة التي كان يتحرك من خلالها.

هل أحكمت "القاعدة" قبضتها الأولى على جغرافيا اليمن؟
وقالت الملحم إن وجود القاعدة باليمن ليس جديداً، ومواجهته الفعلية من قبل الولايات المتحدة بدأت منذ عام 2000 السؤال المطروح: لماذا يصر النظام اليمني على إعادة موضعة القاعدة؟
وخلال سنوات مضت كانت قيمة الرئيس اليمني أنه المفوض بالحرب على قاعدة اليمن، لكن حين يحاربها حقيقةً فإنه يختصر دوره الدولي. لهذا أراد للدعم أن يستمر وللقاعدة أن تكون حيّة، لتبقى مصالحه محروسة!
وتضيف وهي المتخصصة بالقاعدة وتنظيمها، حاول الرئيس اليمني أن يستخدم "التخويف بالقاعدة" كوسيلة لاستجداء الدعم الأميركي، لكن كلينتون كانت تعنيه هو حين قالت: "إن الحرب على القاعدة ليست مرتبطةً بأشخاص"؛ بل الحرب على القاعدة في اليمن تحتاج إلى حسمٍ أكيد في مواجهتها، بينما مواقف صالح تجاه القاعدة كانت متباينة.

كيف سيتخلص اليمنيون من التنظيم الأشد إرهابا في العالم؟

وقالت الملحم إن الخيوط التي يمسك بها الرئيس اليمني اليوم كلها تقود اليمن إلى "ميادين الموت"، فهو مع نظامه يتحرك بين القوة التي يضرب بها القبائل المعادية، والهدنة التي يمنحها لتنظيم القاعدة، ذلك أن التقارير الأخيرة تثبت أن تسهيلاتٍ كثيرة حصلت عليها القاعدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وترى أن مقتل العولقي "لا يعبر عن مكافحةٍ جادة من قبل النظام اليمني تجاه التنظيم، بل كان الرئيس اليمني يستخدم القاعدة وهي تفهمه"، وتعزو قوة النفوذ الذي اكتسبه النظام عالمياً جاء بسبب ورقة القاعدة التي "إن قضى عليها ستحترق ويخسرها".
وعزت سر الاهتمام الغربي باليمن ونظامه خلال العقدين الماضيين كان "بسبب تأمين العالم من الخطر الذي تشكّله القاعدة في اليمن". وترى أن الدول الجادة التي حاربت القاعدة استطاعت أن تقضي عليها، غير أن النظام اليمني كان "يسايس القاعدة بمكرٍ سياسي، أكثر من مكافحته لها أمنياً".
وقالت إنه لم يكن للرئيس اليمني أن يضرب القاعدة بالضربة القاضية لأن أهمية النظام الإستراتيجية ستتضاءل. حيث أن "اغتيال العولقي يعبر عن القوة الأميركية في ضرب القاعدة أكثر مما يعبر عن جدية نظام صالح في القضاء على القاعدة، وهنا يكمن الفرق"!

صالح يخدم القاعدة !

وتقول بينة إن اليمن تخدم القاعدة جغرافياً واجتماعياً ومادياً، لا يمكن أن تجد القاعدة مقراً لعملياتها ولانطلاق حركاتها أكثر خصوبة من اليمن التي تنتشر بها الأمية وتهيمن عليها الأعراف القبلية وتغيب فيها المسؤولية المالية حيث ضعف الرقابة وغياب التدقيق وانتشار السلاح إضافةً إلى موقعها الاستراتيجي للتنظيم.
وتشير أنه لو بقي الرئيس اليمني فإن تنظيم القاعدة سيتضخم، وفي حال رحيله سيجد فرصةً للتمدد والتغذي من الدعم الخارجي ليشنّ غاراته على دول الجوار، لكن رحيل النظام الحالي ضرورة لترتيب البيت اليمني الذي بقي مشوّهاً ومدمراً ولم يقف عليه قدميه حتى الآن!

هل القاعدة لا زالت تشكل تهديداً للعالم؟

تجيب الملحم أنه وبالرجوع إلى التقرير السنوي الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية الأميركية في 18 أغسطس 2011 نقرأ فيه أن تنظيم القاعدة كان "التهديد الارهابي الاكبر" للولايات المتحدة في العام الماضي 2010 خصوصاً بسبب شبكاته في باكستان واليمن والصومال!
كما ذكر التقرير أنه وبـ:"بالرغم من أن قلب تنظيم القاعدة في باكستان قد ضعف، فإن قدرته على شن هجمات اقلمية وعبر الدول ما زالت قائمة؛ إن تنظيم القاعدة كان التهديد الارهابي الأكبر ضد الولايات المتحدة في العام 2010 ولا يزال الخطر على جنوب آسيا من القاعدة مرتفع، ولا يزال التنظيم الارهابي يشكل تهديدا خصوصا بسبب مساعدة المجموعات الحليفة في افغانستان وباكستان مثل حركة طالبان باكستان وشبكة حقاني".
وأضافت أن القاعدة لا تزال تشكل خطراً ضخماً وحقيقياً على العالم. فقط الذي اختلف أن التنظيم فقد زعيمه الأول، لكن التخلص من بن لادن لا ينهي التنظيم وإنما يعيد تشكيله، وتقول أن تنظيم القاعدة دأب على استخدام الإعلام بتبختر وغرور.
الملحم ترى أن حركة القاعدة في جنوب اليمن تشكل كارثة حالية ومستقبليّة، ذلك أنها لم تكتف بالتمدد بغية إعلان إمارةٍ إسلامية، بل بدأت بمحاربة سكّان المدن التي يدخلونها، كما فعلت مع "جعار" ومع سكان قرية "شقرة" حيث تقوم القاعدة بتمشيط "شقرة" من شيوخ القبائل ومن القبائل بقوة السلاح، وحين تتمدد القاعدة في جنوب اليمن فإنها ستؤسس لمعسكرات تدريب، وستكون خنجراً على خاصرة الخليج.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق