20‏/01‏/2012

تنافس إيراني- تركي في العراق لتغذية الأحداث السوريّة

 



أبدت مراكز أبحاث دولية ومصادر إعلامية، تخوفها من أن تتسبب الانتقادات التركية للحكومة العراقية، وعملية الشد والجذب التي تشهدها العلاقات التركية الإيرانية، في أزمة جديدة على صعيد العلاقة بين البلدين وفي المنطقة ككل.
ويقول سنان اولجن، وهو باحث في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي"التوتر يتزايد حاليا بين تركيا وإيران وسيكون من الصعب على نحو متزايد معالجة الأمر، كما أن التوترات الطائفية في المنطقة، تفاقم هذه المشكلات التي من المحتمل أن تكون طويلة الأجل وأنا لا أرى حلها سهلا".
ويشير المراقبون إلى أن مخاوف بغداد تتزايد، نتيجة قلق من تحول الانتفاضة في سوريا إلى تمرد متطرف, والتي وصفها رئيس الوزراء نوري المالكي بأنها مثل انتشار النار في منزل يحترق، منوهين على أن تركيا قد دعمت التظاهرات منذ انطلاقها، و التي قام بها السوريون للمطالبة بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، ذلك الموقف الذي انسحب إلى العلاقات التركية العراقية.
من جهته، الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من طهران، أشار إلى أن عدم ثقة نظامه في أنقرة تأتي بسبب قرارها بتقديم ملاذ "للمتمردين" السوريين.
ويقول محللون، إن وضع سوريا يختلف عن العراق، بسبب اختلاف في نسب الشرائح بين البلدين.
وقد أثار غضب الحكومة العراقية التحذيرات الأخيرة التي أطلقها قادة أتراك والتي تقول إن التوترات الطائفية والعرقية في العراق يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية وتؤثر على المنطقة كلها، فضلا عن دعم تركيا منافسي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
كما يعبر ساسة عراقيون عن استيائهم من تعليقات صدرت من الجانب التركي بشأن قضية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، ، إثر مذكرة اعتقال صدرت بحقه أواخر العام الماضي.
وفي مقابلة يقول طارق الهاشمي أنه في حين أن كتلته السياسية قد "تتلقى نصيحة" من تركيا وغيرها ، فإنه لم يكن أداة لقوى خارجية، "أنا لست جزءا من المشروع الجيو- سياسي التركي"، وتطرق إلى "عقلية" المالكي "التآمرية".
وقال إن معظم زياراته المتكررة إلى تركيا العام الماضي كانت زيارات خاصة.
وقد استدعت الحكومة العراقية السفير التركي في بغداد، الاثنين الماضي، احتجاجا على ما وصفته بتدخل أنقرة في السياسة العراقية ، الأمر الذي يعد مؤشرا على تصاعد الخلاف بين تركيا والعراق.
ويقول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في مقابلة أجرتها معه صحيفة وول ستريت جورنال "ان تركيا تتدخل من خلال دعم بعض الشخصيات والكتل السياسية" في العراق، كما صرح لقناة الحرة خلال مقابلة أجريت معه مطلع هذا الأسبوع إن تركيا غير مؤهلة للتدخل في نقاط الاحتكاك في المنطقة "للأسف فإن تركيا تلعب الدور الذي يمكن أن يؤدي إلى كارثة أو حرب أهلية في المنطقة".
ويقول محللون إن التدهور السريع في العلاقات بين أنقرة وبغداد يعكس أيضا المصالح المتضاربة بين تركيا وإيران في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من العراق و أحداث الربيع العربي الذي يتجسد الآن في منطقة تقع على حدود كل من العراق وتركيا ، في سوريا. وتقول تركيا، إن أفعالها في سوريا، تأتي من باب "الإنسانية"، و لغرض مواجهة "القمع الوحشي من قبل النظام في سوريا ضد المتظاهرين"، كما تنفي تركيا أي محاولات للتدخل في السياسة العراقية.
خبراء في السياسة يقولون إن تركيا غير مستعدة للعب دور القوة في المنطقة لأسباب عدة، أهمها إن ادعاءات تركيا لا تتعدى كونها ذرائع جديدة بهدف إعادة عهد السيطرة العثمانية من جديد، ويرون هنا انه و منذ أكثر من عام اختطت تركيا منهجا جديدا في علاقاتها الإقليمية يقوم على تقوية العلاقات التجارية مع البلدان الإسلامية المجاورة ، في حين خفضت تركيا مستوى العلاقات مع إسرائيل الحليف السابق.
ويشير المراقبون إلى موافقة تركيا في الخريف الماضي على استضافة نظام الدفاع الصاروخي لمنظمة حلف شمال الأطلسي ، الذي جرى تصميمه من قبل الولايات المتحدة لاحتواء إيران، ويشدد دبلوماسيون أمريكان وأتراك القول أنهم "لا يتذكرون وقت كان فيه التعاون بين أنقرة وواشنطن أقرب من الوقت الحالي، وبعد فترة من التوتر الكبير في 2009-2010.
ويقول ستيفن كينزر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسطن الأمريكية "عندما جاء رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان إلى واشنطن في عام 2009 ، بدا أشبه بسفير من إيران ، أما الآن فهو يبدو مختلفا تماما... وبعد مدة من الشك، تركيا والولايات المتحدة أكثر قربا الآن".
أما فيما يتعلق بالعلاقات التركية الإيرانية فيصر المسؤولون الأتراك على أن العلاقات مع طهران لا تزال قوية. وتشتري تركيا نحو 30٪ من نفط إيران ، وهي ثاني أكبر مستهلك للغاز الإيراني ، بعد روسيا.
كما تظهر بيانات رسمية أن حجم تجارة تركيا الثنائية مع العراق في عام 2011 وصلت إلى حد 11 مليار دولار و قفزت بنسبة 50 ٪ عن العام السابق، والزيادة المتوقعة في المدة المقبلة متوقع أن تأتي من التبادل التجاري مع المناطق بغداد والجنوب العراقي.
وفي كانون الأول2011 ، تسلمت أنقرة توضيحا من طهران بشأن تصريحات أدلى بها حسين الإبراهيمي ، رئيس اللجنة الإيرانية للأمن القومي في البرلمان لصحيفة إيرانية مفادها إن في حال تعرض إيران لهجوم ، فانها ستوجه ضربتها الانتقامية الأولى ضد دفاع حلف شمال الاطلسي المتمثل بالرادار الصاروخي في شرق تركيا.
وفي وقت سابق ، في تشرين الأول 2011، قال أحد المساعدين الرئيسين للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي لوكالة الأنباء الإيرانية مهر إن تركيا يجب أن تعيد النظر بشكل جذري في سياساتها تجاه سوريا ، والدرع الصاروخية لحلف شمال الأطلسي وتعزيز العلمانية في العالم العربي، و أضاف خلاف ذلك ، ستواجه أنقرة مشكلات من شعبها وجيرانها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق