21‏/01‏/2012

متقاعدون من الجيش يؤسسون حزبا سياسيا في الأردن


فاجأت اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين الأردنيين الأوساط السياسية الأردنية، بالإعلان عن توجهها لتأسيس أول حزب سياسي من نوعه في البلاد، يتبنى شعار "محاربة الفساد،" وإصلاح "النظام النيابي الملكي" القائم الذي وصف "بالمزور."
وشهد صباح السبت أول اجتماع للهيئة التأسيسية للحزب الذي سيحمل مسمى "المؤتمر الوطني الأردني،" تخلله تأكيدات على اعتماد مبادئ عامة في مقدمتها "إصدار قوانين جديدة مقيدة لدور العائلة الملكية الحاكمة، والتصدي لقضيتي "التوطين والتجنيس" للأردنيين من أصول فلسطينية.
وتأتي الدعوة لإنشاء الحزب بعد انخراط المتقاعدين العسكريين في الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح، وإعلان بيان الأول من مايو/أيار عام 2010 الذي لم يلق صدى واسعا آنذاك.
من جهته، قال رئيس اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين الدكتور علي الحباشنة، إن الهدف من تأسيس الحزب هو "الدفاع عن الهوية الأردنية الوطنية" والتصدي لمشروع الوطن البديل، إضافة إلى "إصلاح الاختلال الذي شابت النظام النيابي الملكي وحوله إلى ملكية مطلقة."
وعن توقيت الإعلان عن التأسيس الحزبي، بين الحباشنة في تصريحات لـCNN بالعربية، أن المتقاعدين عملوا على مدار عامين ماضيين وقبل موسم الربيع العربي، على "تعبئة المتقاعدين" لتبني مشروع للإصلاح السياسي، وان فكرة تأسيس الحزب نضجت الآن.
وقدر الحباشنة أعداد المتقاعدين العسكريين بنحو 150 ألف متقاعد في البلاد، سيسعى الحزب خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى استقطابهم للانضمام إليه من مختلف المحافظات الأردنية، على أن "يكون الحزب الأكبر في البلاد."
ورفض العسكري السابق وصف مؤسسي الحزب "بالعنصريين،" والاتهامات الموجهة من فئة "نواب المخيمات الفلسطينية،" بعدم إنتاجية المتقاعدين والملتحقين بالأجهزة العسكرية، قائلا "لسنا عنصريين بل قوميون ولكننا لا نقبل أوصياء علينا وسنحارب سياسة التجنيس والمتآمرين على الهوية الأردنية."
وينحدر عدد كبير من المواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية.
وفي الوقت الذي أعرب فيه مراقبون وسياسيون عن تخوفهم من نشوء الحزب لتبنيه خطابا موجها "ضد الثنائية الديموغرافية،" أوضح الحباشنة أن العمل سيكون في إطار الدستور والقانون، وقال "لن نكون انقلابيين."
في الأثناء، أكدت الهيئة التأسيسية في أولى اجتماعاتها، على رفض مشروع الوطن البديل في البلاد، معتبرة أن "نحو مليون فلسطيني يتواجدون في البلاد لا يحملون الجنسية الأردنية وليس لهم حقوق سيادية."
كما أكدت الهيئة رفضها لاستقبال أي نازحين فلسطينيين جدد من سوريا إلى الأردن، معتبرين أن الأردنيين في البلاد هم من تواجدوا فيها وحصلوا على الجنسية الأردنية قبل قرار فك الارتباط الإداري والمالي مع الضفة الغربية عام 1988.
وأعرب المؤسسون خلال الاجتماع، عن أملهم بتأسيس أكبر حزب سياسي ينافس حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، مع التأكيد على عزمهم المشاركة في العملية السياسية من خلال الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة، نحو تشكيل أيضا حكومات برلمانية.
ويحمل المتقاعدون العسكريون في بيانهم التأسيس، سقفا إصلاحيا مرتفعا، يرمي إلى إصدار قوانين مقيدة للعائلة الملكية الحاكمة، وهو ما أشار إليه الحباشنة خلال الاجتماع، عدا عن التصدي "لعشيرة الفساد" في البلاد بحسب وصفه.
وتتضمن رؤية الحزب المقبل، الدعوة إلى استصدار قانون يقضي بتحويل الأموال والهبات الخارجية التي تزيد قيمتها عن 3 آلاف دينار إلى خزينة الدولة، وقانون آخر يقضي بتنازل أمراء العائلة المالكة عن ألقابهم في حال الانخراط للعمل بالتجارة.
ومن المتوقع إشهار الحزب رسميا خلال فترة الستة أشهر المقبلة، استنادا إلى قانون الأحزاب الأردني في حال قبول الموافقة على طلب التأسيس.
وتزيد أعداد الأحزاب الأردنية في البلاد عن 18 حزبا، يشكل حزب جبهة العمل الإسلامي الأكبر بينها، فيما تمتد جذور أحزاب أخرى إلى الأحزاب القومية واليسارية العربية، إلى جانب عدد من الأحزاب الأردنية المقربة من النظام.
وأكد عضو الهيئة التأسيسية خالد المجالي، سعي الحزب إلى منافسة الإسلاميين في الوصول إلى السلطة، ودون "قيادة أي انقلابات عسكرية،" وقال "نحن الآن مدنيين ويجب أن نحافظ على الحكم الهاشمي.. وفي السياسة لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم."
إلى ذلك، تفاوتت مواقف مراقبين سياسيين من دعوة تأسيس الحزب الأول من نوعه في البلاد، وسط تشكيك من اكتساحه الشارع الأردني وتوقع مواجهته من الدولة الأردنية وأجهزتها.
واعتبر المحلل السياسي الأردني الدكتور محمد أبو رمان، إن توجه فئة المتقاعدين العسكريين للعمل المنظم هي "حالة سياسية صحية،" مقللا في الوقت ذاته من توقعات انتشاره على مستوى القواعد الشعبية.
وأرجع أبو رمان ذلك، بالإشارة إلى جملة من التحديات التي تواجه الحزب، من بينها دوافع تأسيسه التي "خرجت من رحم الأزمة مع الدولة الأردنية" وارتفاع سقف المطالب الإصلاحية لديهم، عدا عن خطابهم الموجه "إلى فئة الشرق الأردنيين،" في إشارة إلى أبناء القبائل الأردنية.
وفيما رأى أبو رمان أن جهات في الدولة ستواجه مشروع الحزب، أشار إلى أن المخاوف تتعلق "بنمو خاطب الحزب أو وصفه بالعنصري لموقفه من الثنائية الديموغرافية في البلاد على المدى القريب.. وهو ما سيشكل حالة صدام مبكر إن تبلور ذلك الخطاب ضد شريحة اجتماعية معينة."
وذهب أبو رمان بالقول "تجنبا لوقوع أي صدام سياسي لا بد من تقديم مؤسسي الحزب ضمانات لعدم التعرض للثنائية الديموغرافية (الأردنيين من أصول فلسطينية) مقابل صدور قوانين رسمية تحرم الخطاب الاقصائي في حال تشكلت في مرحلة لاحقة."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق