20‏/01‏/2012

ما هي قصة البحرية الاميركية مع البحارة الايرانيين في الخليج؟

البحارة الاميركيون والايرانيون بعد عملية انقاذ

اعلنت البحرية الاميركية امس انها قامت بعملية لمساعدة بحارة ايرانيين كانوا على متن سفينة صيد ايرانية في خليج عمان. وهذه هي العملية الثالثة خلال عشرة ايام في فترة تشهد توترا بين واشنطن وطهران، وكـأن الجنود الاميركيين لم يعد عمل لهم سوى انقاذ البحارة الايرانيين!. وكان رجال البحرية الاميركية انقذوا الاسبوع الماضي 13 بحارا ايرانيا كانوا محتجزين رهائن لدى قراصنة صوماليين.

وقالت البحرية في بيان ان المروحية التابعة للمدمرة الاميركية "يو اس اس ديوي" USS Dewey رصدت سفينة صيد ايرانية على وشك الغرق فهرعت لمساعدتها فيما انضمت المدمرة ايضا لعملية الانقاذ. ونقل البيان عن الملازم جايسون داوسون، من طاقم المدمرة الذي اجرى اتصالا بالبحارة الايرانيين، قوله "من خلال التحدث الى قبطان السفينة تبين انهم بحاجة للماء والغذاء واوضح البيان ان الاميركيين قدموا للايرانيين اكثر من 70 كيلو من المواد الغذائية.

وتظهر الصور التي نشرتها البحرية الاميركية كيف ان البحارة الاميركيين والايرانيين يتعانقون ويتبادلون الابتسامات وسط ترحيب متبادل وعلامات ارتياح وامتنان بادية على وجوه الايرانيين. ولم تفت الفرصة على الناطق باسم الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست الذي اعرب عن امتنانه لهذا "العمل الانساني" لكنه لم يعتبر ان ذلك سيغير من مواقف الجمهورية الاسلامية تجاه الولايات المتحدة.
وتعليقا على حدوث ثلاث عمليات انقاذ متتالية في ظروف متشابهة في فترة عشرة ايام، تقول مراسلة شبكة "ان بي سي" التلفزيونية الاميركية كورتني كيوب بشيء من الطرافة في تقرير لها انه "اما ان البحرية الاميركية تتتبع سفن الصيد الايرانية وتنتظر حتى تطلق نداء اغاثة لتقدم العون لها او انها في كل مرة كانت في المكان المناسب وفي الوقت المناسب".

ايا كان الامر فان هذه الحوادث برغم صغرها ومحدوديتها تجر الى الحديث عن كفاءة وقدرات كل من البحرية الايرانية والاميركية اذ قد تكون مؤشرا الى فاعلية كل من الطرفين وجاهزيته في وقت تتضارب فيه الآراء حول احتمال حدوث مواجهة عسكرية بينهما وان كان الارجح استبعاد مثل هذه المواجهة في الوقت الحاضر.

تعتبر القوة البحرية الاميركية الاكبر في العالم. سعة حمولة اسطولها الحربي تفوق سعة القوات البحرية الثلاث عشر الاكبر في العالم مجتمعة. كما ان اسطول حاملات طائراتها هو الاكبر ايضا.

توظف البحرية الأميركية حالياً نحو 330 الف شخص في الخدمة الفعالة وحوالي 120 الفاً في قوات الاحتياط. ولديها في الخدمة اكثر من 280 سفينة وما لايقل عن 3800 طائرة.

تعود جذور تأسيس البحرية الاميركية الى النصف الثاني من القرن الثامن عشر اثناء حرب الاستقلال. والمفارقة ان بناء الفرقاطات الست الاولى للبحرية الاميركية والذي جاء بأمر من الكونغرس في عام 1794 كان لغرض التصدي لعمليات القرصنة التي كانت تتعرض لها السفن التجارية الاميركية من قبل ما كان يعرف حينها بقراصنة البربر في وسط وغرب البحر المتوسط في الجزء المحاذي لسواحل المغرب العربي.

توصف البحرية الاميركية بانها بحرية "المياه الزرقاء" Blue-Water Navy اي انها تعمل في المياه العميقة في عرض البحار والمحيطات ولها القدرة على الانتشار السريع وفرض سيطرتها البحرية ضمن مساحات شاسعة.

فقدت الولايات المتحدة في الهجوم الساحق الذي شنته البحرية اليابانية باكثر من 350 طائرة حربية انطلقت من ستة حاملات طائرات، على اسطولها البحري في بيرل هاربر في المحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية، العديد من سفنها ودمرت او اصيبت لها باضرار كبيرة اربع بوارج وثلاث مدمرات وثماني سفن حربية. لكنها استطاعت اصلاح واستعادة ستة منها الى الخدمة والاستفادة منها في ما بعد في المعارك البحرية الكبرى ضد اليابان.

هذا كان قبل نحو 70 عاما تقريبا وكان يشمل جزءا فقط من الاساطيل البحرية للقوى الاميركية واليابانية.

القوى العظمى لديها الان قوات واساطيل بدرجة من التطور لا يمكن مقارنتها كمّا ونوعا بما كان لديها آنذاك. وان بلدان العالم الثالث ومن بينها ايران لاتمتلك حتى ما كان للقوى العظمى من قوة بحرية قبل سبعة عقود من الزمن. وكان لدى القوى الكبرى القاعدة الصناعية الحربية القادرة في كل الظروف تقريبا على استبدال القطع التي قد تخسرها بكفاءة عالية وفي مدة زمنية محدودة، على عكس البلدان النامية التي تفتقر لكل مقومات الصناعة المتطورة المحلية القابلة للحياة والاستمرار في ظل الظروف الحربية وغيرها.

ان اي مواجهة عسكرية بحرية بين اميركا وايران ستدخل ضمن ما اصبح يعرف بـ "الحرب اللامتماثلة" والتي ستتكبد فيها الاخيرة خسائر فادحة نظرا لعدم تكافؤ قوى الجانبين العسكري والتكنولوجي. وقد تتحمل اميركا بعض الاضرار جراء عمليات خاصة ومحدودة قد تلجأ اليها ايران مستخدمة زوارقها الحربية السريعة ضد القوات الاميركية في الخليج.
تمتلك البحرية الايرانية 6 غواصات ومدمرتين وثلاث فرقاطات وعدداً من السفن البحرية الصغيرة والمتوسطة وما يزيد عن 25 من الزوارق حاملة للصواريخ بالاضافة الى القوة البحرية التابعة للحرس الثوري التي ازدادت قوة في العقدين الاخيرين على حساب القوة البحرية التقليدية للجيش الايراني. ويتميز الحرس الثوري بامتلاكه حوالي 1500 من الزوارق السريعة المحملة بالصواريخ والقادرة على القيام بعمليات خاطفة ضد اهداف اكبر وهو ما يقلق الولايات المتحدة اكثر من السفن الحربية الكبيرة، لسرعتها وصغر حجمها وقدرتها على المناورة.

وعن مقارنة القدرات الحربية للقوات البحرية الاميركية والايرانية يقول أميرال ألاسطول ايفان كابيتانيتس Ivan Kapitanets، النائب الأول السابق للقائد العام للبحرية الروسية، في تصريح أدلى به لوكالة انترفاكس الشهر الماضي ان القدرات البحرية الاميركية في الخليج تفوق بشكل ملموس قدرات البحرية الإيرانية، مضيفا أن "إمكانات البحرية الإيرانية الحربية، لا تتناسب مع قدرات مجموعة حاملة الطائرات الأميركية، التي دخلت مضيق هرمز، وغير قادة على التصدي لها".

وجاء تصريح الاميرال المتقاعد تعليقا على اعلان محمود موسوي، الناطق باسم البحرية الإيرانية، بان الأسطول الحربي الإيراني على استعداد للتصدي لمجموعة السفن الحربية الأجنبية، في حال دخولها منطقة مناورات البحرية الإيرانية في مضيق هرمز.

ويضيف الاميرال كابيتانيتس أن "الأسطول الحربي الإيراني ساحلي، وبوسعه حماية مصالح ايران في المياه الساحلية، بينما لدى الاميركيين قوات بحرية عابرة للمحيطات غنية المضمون، ولا وجه للمقارنة بين الجانبين. فبوسع حاملة الطائرات مع طيرانها والسفن المرافقة توجيه ضربة ساحقة للمنشآت الساحلية الإيرانية وسفنها".

ان ما حدث بين العراق وايران من حرب بحرية سيكون نزهة مقارنة بما قد يحصل بين اميركا وايران بسبب حجم القوات البحرية التي يمكلها كل طرف والتقدم التكنولوجي الذي حصل خلال العقدين الاخيرين في الالة الحربية الاميركية والايرانية لحد ما.

ربما ستكشف الايام اذا كان البحارة الاميركيون يتعقبون قوارب الصيد الايرانية كي يكونوا في الموقع المناسب والوقت المناسب لتقديم المساعدة لها او انقاذها حين تطلب الاغاثة (كاحتكاك ودي ربما وبادرة حسن نية) ام ان ما حدث حقا يعكس مدى هيمنة البحرية الاميركية على البحار والمحيطات وقدرتها على التحرك السريع باعتبارها قوة "المياه الزرقاء".

المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق