تحاول طهران عبثاً إنقاذ النظام السوري المتداعي للسقوط وتخطط لمرحلة
قد تلي الانهيار المحتمل لحليفها الإستراتيجي الذي يمثل ممرها الرئيسي للمنطقة
العربية، وبالخصوص لـ"الثكنة الإيرانية" في لبنان.
وتعي طهران أنها إذا فشلت في الإبقاء على نظام بشار الأسد فسوف تفقد
طريق الإمدادات العسكرية والتمويلية لـ"حزب الله"، الورقة الأقوى لإيران في التفاوض
حول برنامجها النووي.
لذلك فإن إيران، الداعم الرئيسي لنظام الأسد بالسلاح والمال، تقاتل
بشراسة للحفاظ على الوضع الراهن في سوريا.
ويقول الكاتب البريطاني سيمون تيسدال إن إيران "دفعت بالمئات من قوات
الحرس الثوري إلى داخل الأراضي السورية يعملون مدربين ومستشارين وعناصر استخبارية
لجمع المعلومات لصالح قوات النظام السوري".
وذكرت إحدى الصحف الغربية الأحد أن إيران، رغم الدعم الواسع العسكري
والاقتصادي الذي توفره للنظام السوري في محاولة شبه ميؤوسة لإنقاذه، فإنها تعد
الترتيبات لـما بعد الأسد.
وأكدت الصحيفة، استناداً الى "تقرير سري سعودي"، أن الاستخبارات
السعودية عرضت أخيراً على نظرائها في مجلس التعاون الخليجي "باستثناء قطر"، معلومات
جديدة تفيد بأن السقوط المحتمل لحليفها السوري أجبر إيران على البحث عن طرق جديدة
لتهريب الأسلحة إلى حزب الله.
وأضافت الصحيفة أن سرايا القدس، الذراع الخارجي لقوات الحرس الثوري
الإيراني، رفعت من اعتمادها على السفن بالتعاون مع "الشركة الوطنية الإيرانية للنقل
البحري" في تزويد حزب الله، وكذلك ميليشيات الشباب في الصومال واريتريا ومجموعات
أخرى، بالأسلحة.
ويذكر أن شركة الملاحة البحرية هذه تعمل بشكل وثيق مع الصناعة العسكرية
الإيرانية ولديها شبكة من الشركات التابعة لها في مختلف أنحاء العالم وتربط
المصدرين الايرانيين والمستوردين بأمريكا الجنوبية وأوروبا والشرق الاوسط وآسيا
وافريقيا.
وبحسب الصحيفة، فإن السعودية ترى أن التصرف الإيراني قد يتسبب في
زيادة النشاط العسكري في بحر العرب وفي خليج عدن ويساهم في تصعيد الوضع في
المنطقة، علاوة على أنه ينتهك قرار مجلس الأمن بشأن لبنان ويخالف عقوبات الأمم
المتحدة ضد إيران.
وكانت صحف سعودية ذكرت أن إيران عمدت منذ عدة أشهر إلى توسيع انتشار
بحريتها في عرض البحر وكثفت عملياتها في بحر عمان وخليج عدن، بعدما كانت تكتفي
بالدفاع عن سواحلها شرق مضيق هرمز الذي تهدد الآن باغلاقه.
وتحدثت أخيراً صحيفة "الوطن" السعودية، نقلاً عن أحد القائد الميدانيين
لقوات القبائل اليمنية، عن ضبط السلطات اليمنية في ميناء الحديدة سفينة إيرانية
محملة بمختلف أنواع الأسلحة داخل مستوعبات خاصة بالمواد الغذائية.
وقالت الصحيفة أن السفينة كانت في طريقها إلى ميناء ميدي، قرب الحدود
السعودية اليمنية، لتزويد المتمردين الحوثيين.
وتعتقد الكاتبة والأكاديمية السعودية بينة الملحم أنه "حتى لو تأخر
سقوط النظام السوري، فإن ضعفه بحد ذاته سيؤثر في حزب الله وعلى حلفاء سورية في
لبنان".
وسخرت الكاتبة من الأمين العام لحزب الله، الشيخ حسن نصرالله، الذي شدد
أخيراً على أن ما أقدم عليه الرئيس بشار الأسد من إصلاحات لم ولن يقدم عليه "ملك أو
أمير أو شيخ أو رئيس في أي نظام عربي حالي".
ويعتقد على نطاق واسع في السعودية أن سقوط النظام السوري سيفقد ايران
موقعاً مهماً كانت تعول عليه للاستمرار في فرض وصايتها على "أذرعها" في الدول
المجاورة لسوريا. كما أن فقدان حليفها الوثيق منذ ثمانينيات القرن الماضي سيجهض
محاولات إيران محاصرة دول الخليج وفرض السيطرة عليهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق