يستيقظ اليمنيون حاليًا كل يوم على رعب قادم من جنوب وشرق البلاد، حيث سقطت محافظتان حتى الآن بيد القاعدة هما "أبين" و"شبوة"، فيما تدور الاستعدادات حالياً لإسقاط المحافظة الثالثة "حضرموت" وهي أكبر محافظات اليمن، لكن الرعب الحقيقي هو من سقوط "عدن".
ثلاثمائة من الصوماليين التابعين لجماعات متطرفة وصلوا إلى أبين حسب كثير من المصادر وذلك لمساندة تنظيم القاعدة أو ما يسمى بجماعة "أنصار الشريعة".
وقالت مصادر محلية في أبين إن "المواطنين في مدينة شقرة الساحلية في أبين شاهدوا نحو 300 مسلح أفريقي قادمين من مدينة "عزان" التابعة لمحافظة شبوة إلى زنجبار، حيث يعتقد أن هؤلاء المسلحين قدموا من الصومال".
وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية في وقت سابق أنها تلقت معلومات عن قدوم مجموعة من المسلحين التابعين لتنظيم القاعدة إلى اليمن ووجهت باتخاذ الإجراءات لمنع وصولهم إلى الأراضي اليمنية، لكنهم على ما يبدو وصلوا سالمين.
وشهدت أبين أقوى عملية تقودها القاعدة حيث قتلت ما لا يقل عن 190 جنديا الأحد الفائت في اقتحام لعدة معسكرات، ودارت الشكوك حول الأمر بأنه لم يكن عفوياً، وأنه تم تسليمهم وحدات عسكرية من قبل قادة عسكريين موالين للنظام السابق.
وأقر محافظ أبين اللواء صالح حسين الزوعري بان "سلطة النظام السابق هي من تآمرت على محافظة أبين وسلمتها للمسلحين بعد أن أعطت الأوامر الصريحة للقيادات الأمنية بتسليم المحافظة".
وطالب الزوعري في تصريح نشرته صحيفة "أخبار اليوم" المستقلة بضرورة تشكيل لجنة عسكرية وأمنية للتحقيق مع كافة المسؤولين الأمنيين في المحافظة لتسليمها للمسلحين، موردا أن تلك القيادات هي أول من هربت من المحافظة بعد أن سلمت كافة العتاد للمسلحين دون مقاومة.
شبوة تسقط وحضرموت تترقب
وتأتي هذه التطورات في حين أعلنت جماعة "أنصار الشريعة" عن سقوط محافظة شبوة جنوب شرق البلاد بأيديها لتكون بذلك الإمارة الثانية بعد إعلان زنجبار عاصمة محافظة أبين إمارة أولى في مايو/ أيار الماضي. وبثت الجماعة على شبكة الانترنت بيانا و صورا تشير إلى إعلان "إمارة شبوة الإسلامية".
وتعتبر محافظة شبوة إحدى أهم المحافظات النفطية إضافة إلى أنها تحتضن أضخم مشروع للغاز المسال تديره شركة توتال الفرنسية، وتصل تكلفته إلى نحو مليار دولار، وفيها ميناء تصدير الغاز المسال. ويهدد أنصار الشريعة حاليا بالاستيلاء على محافظة حضرموت الشرقية وهي أهم وأكبر المحافظات في اليمن، وفيها عدد من آبار النفط وأحد أهم الموانئ على البحر العربي.
وقالت مصادر عسكرية "إن أجهزة الأمن حصلت على معلومات تفيد بأن ثلاثة من قيادات الصف الأول لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومعهم أكثر من 280 عنصرا يقومون حالياً بالإعداد والترتيب والتدريب في مديريتي عزان وميفعة في محافظة شبوة.
وحسب المعلومات الأمنية، فإن العناصر سيستهدفون خلال الهجوم الذي يعدون له كلاً من معسكر النجدة وإدارة الأمن وميناء المكلا والمنشآت النفطية في وقت واحد كما سيقومون بوضع كمائن في طريق الريان المكلا لإعاقة أي تحركات قادمة من معسكرات الريان باتجاه المكلا.
ووزع عناصر التنظيم منشورات قبل أيام قليلة تدعو الجنود للانسحاب من الوحدات العسكرية أيا كانت داعية إياهم للاتصال بما أسمي "هاتف التوبة" ليعلنوا انسحابهم وتوبتهم. وشهدت عاصمة المحافظة عملية نوعية الأسبوع الماضي حين هاجمت القصر الجمهوري بسيارة مفخخة وقتلت 21 جنديا من حراس القصر هناك.
جنود مهددون بالذبح
وفي سياق الأعمال التي تقوم بها جماعة أنصار الشريعة فقد هددت الجماعة بذبح 73 جندياً من القوات الحكومية تقول إنها تحتجزهم إذا لم تفرج السلطات عن مقاتليها المحتجزين في السجون. وحسب وكالة رويترز فإن رسالة نصية وصلتها الأربعاء قالت إن "المجاهدين" يطالبون بالإفراج عن سجنائهم من السجون مقابل الإبقاء على حياة 73 جنديًا محتجزين في أبين منذ الأحد الماضي حيث أعنف هجوم شهدته عدة مناطق في أبين".
وعن الهجوم في أبين ما زالت تتكشف كل يوم تفاصيل جديدة عما حدث في منطقة دوفس في محافظة أبين حيث كشفت صحيفة (الجمهورية) الحكومية إنه "قبل 3 أيام من وقوع مجزرة دوفس كانت زوارق بحرية تقليدية تقل أنصار الشريعة تحوم حول شواطئ منطقة المطلع في الكود، ورغم التواجد الملحوظ للقوات البحرية وخفر السواحل إلا أنها لم تتعامل مع تلك الزوارق كما ينبغي من حيث المراقبة ما جعل السكان يصفون الأمر بالإهمال المتعمّد من قبل قادة الوحدات العسكرية وعلى رأسهم اللواء مهدي مقولة".
وأضافت الصحيفة أنه وفي فجر الأحد يوم المجزرة "كانت الزوارق التقليدية التابعة لأنصار الشريعة تقوم بإنزال بحري؛ فيما كانت سيارة ملغمة قد بدأت شق طريقها صوب موقع اللواء 31 لتنفجر هناك مطيحة بـ3 مبانٍ في موقع دوفس العسكري مخلّفة قتلى وجرحى في صفوف الجنود والضباط المرابطين في الموقع الذين كانوا يغطّون في نومٍ عميق قبل وقوع الانفجار المفاجئ لهم".
وأوردت أنه في منطقة الكود وتحديداً بجانب مسجد العبيدة، كان "مسلّحو القاعدة على مرمى مدافع وبنادق جنود وضباط اللواء عندما تكون صامتة في مشهد لافت ومدعاة إلى الاستغراب". وأشارت إلى أن المجزرة وقعت خلال ساعتين منذ مطلع فجر الأحد، "بعدها تمكن جنود اللواء 31 من إسعاف زملائهم المصابين وحمل جثث العشرات منهم ونقلها في البداية إلى أمام منزل قائدهم مهدي مقولة؛ لكنهم تفاجأوا بأنه قد هرب وبقي في المنزل أهل بيته". وأكدت أن "الجنود المحبطون تأكد لهم حينها وجود مؤامرة جاء وقعها عليهم أشد قسوة من وقوع المجزرة".
مخاوف من سقوط عدن
ويخشى مراقبون في اليمن من أن يكون الحديث عن محافظة حضرموت الشرقية هو محاولة لغض النظر من قبل أجهزة الأمن والجيش عن محافظة عدن القريبة جداً من أبين، حيث يخشى من السيطرة عليها كونها ستكون أهم موقع استراتيجي بالقرب من أهم ممر مائي للسفن في المنطقة باب المندب.
ويقول الباحث المتخصص في شؤون القاعدة سعيد عبيد الجمحي لـ "إيلاف": "كنا في السابق نراقب دولة ضعيفة ليست لديها إستراتيجية للتعامل مع الإرهاب، وأحاطت بها عدة شبهات إلى درجة الاستفادة من الإرهاب، لكن في حالة الدولة القادمة لم يتبين حتى الآن ما سيحدث، لكن القاسم المشترك أن القاعدة لن تستسلم، لأن القاعدة أصبحت متمكنة في أبين تحديدًا، ولا شك أن من سيواجه القاعدة سيعاني كثيراً، ولكن يستحيل القضاء عليها، لأن القضاء عليها يحتاج إلى جهود كبيرة على جميع الأصعدة".
وعلى عكس التوقعات بالاستيلاء على عدن يرى الجمحي أن "القاعدة اتبعت في عدن إستراتيجية نشر الفوضى فيها، وإرسال الرسائل بأنها قادرة على القيام بأعمالها بشكل مريح، فعدن لديها مخارج ومنافذ محدودة يمكن السيطرة عليها، وأيضا من الصعب أن يتجول أي عنصر من أنصار الشريعة داخل مدينة عدن لأن حركتهم مرصودة، مع هذا استطاع التنظيم التخلص من عناصر قيادية أمنية وعسكرية لكن في تقديري من الصعب أن تكون مدينة عدن مدينة قاعدية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق