30‏/04‏/2012

رسائل التصعيد الإيراني في "أبو موسى"



أعادت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة في 11 أبريل/نيسان فتح ملف الجزر الثلاث المحتلة منذ عام 1971 على مصراعيه. فلم يمض يوم تقريبا منذ ذلك التاريخ إلا ويخرج مسؤول إيراني فيه بمناسبة أو بدونها بتصريح يؤكد فيه تمسك طهران بالجزر, ورفضها أي مفاوضات بشأنها خارج إطار ما تسميه طهران "بسوء التفاهم" المحصور بجزيرة أبو موسى.
وبعيد الزيارة غير المسبوقة, لم تكتف طهران بالتصريحات الكلامية لمسؤولين متفاوتي الأهمية، بل إنها أحيت أمس ما أسمته "يوم الخليج الفارسي". وقبل ذلك قامت خارجيتها في 21 أبريل/نيسان باستدعاء السفير السويسري في طهران -باعتباره مكلفا برعاية المصالح الأميركية- للاستيضاح عن تصريحات أدلى بها مارك تونر -المتحدث باسم الخارجية الأميركية- اعتبر فيها أن "زيارة نجاد لأبو موسى تعقد الجهود المبذولة لحل قضيتها".
لكن الأهم كان تصريح قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني الأدميرال علي فدوي قبل ثلاثة أيام بأن "قوات الحرس الثوري نشرت ألوية من مشاة البحرية في جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى". وزاد عليه تعليق النائب الإيراني صادق جلالي أمس الأحد على معلومات صحفية بشأن نشر مقاتلات ستليث أميركية بقاعدة الظفرة الإماراتية بأنها "محاولة من قبل أميركا وإسرائيل لنشر عدم الاستقرار في المنطقة".
هل يقع إحياء إيران موضوع نزاعها مع الإمارات بشأن الجزر, في إطار التنافس الداخلي بين أجنحة النظام؟ باعتبار أن وزارة الخارجية المسؤولة عن ملف الجزر تتبع لمرشد الجمهورية علي خامنئي, أم أن له صلة بتطورات الملف النووي الذي ستعقد جلسة جديدة بشأنها لأول مرة على أرض العراق الشهر المقبل؟
محافظة جديدةيرى الخبير في الشأن الإيراني أنيس النقاش أن أهم الخطوات الإيرانية في موضوع الجزر تتعلق "ليس بإرسال مشاة بحرية إلى أبو موسى فهم موجودون فيها بالأساس وربما تم تدعيمهم, المهم هو إعلان إيران إقامة محافظة جديدة تدعى خليج فارس واعتبار جزيرة أبو موسى عاصمتها".
ويؤكد النقاش أن زيارة نجاد وتصريح فدوي وإعلان المحافظة أتت في سياق قرار "لتأكيد الحضور الإيراني في الخليج بالتزامن مع الانسحاب الأميركي من العراق إضافة لإعادة تشبيك أو رفع وتيرة النزاع بشأن الجزر كي يتم التوصل إلى تفاهم" بشأنها.
من جهته رأى رئيس مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والأمنية اللواء المتقاعد سامح سيف اليزل أن التصعيد الإيراني بخصوص الجزر "وصل إلى مستوى أعلى حيث وزعت إيران على أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة مذكرة تقول فيها إن ملكية الجزر تعود لها وإنها مصرة أن تكون الجزر تحت سيطرتها لثبوت ملكيتها لها تاريخيا".
واعتبر أن هذا التصعيد ينقل الموضوع من مستوى إقليمي إلى آخر دولي "نظرا لأن توزيع المذكرة هو تمهيد لشيء أكبر قادم وهو إثارة المشكلة أمام المحاكم الدولية لتثبيت نقل ملكية الجزر إلى إيران بحيث لا يحق للإمارات المطالبة بها".
إعلان بغدادوبشأن ما إن كان للتصعيد الإيراني صلة بالملف النووي يقول النقاش إن هذا الملف "سيفاجئ الجميع بأنه عنوان للتفاهم الأميركي الإيراني وسيقفل خلال 25 يوما". وأوضح النقاش قائلا إن "الذي يتابع التصريحات الإيرانية والأميركية يرى أن هنالك اتفاقا على الحق الإيراني بتخصيب اليورانيوم بمستوى متدن وتحت رقابة دولية يتوقف بعدها التصعيد بهذا الملف" وأضاف "أن ذلك سيعلن خلال اجتماع ممثلي إيران والغرب في بغداد وسيسمى الاتفاق إعلان بغداد".
مقابل ذلك يرى اللواء سيف اليزل أن التصعيد الإيراني بموضوع الجزر له وظائف متعددة إحداها للاستهلاك الداخلي "حيث إن الوضع الداخلي تشوبه القلاقل من المعارضة والسياسيين والقيادة الدينية للدولة, وهنالك أكثر من ملاحظة على أسلوب نجاد في تناول بعض القضايا الدولية". كما أنه رد على الضغوط الدولية بشأن برنامجها النووي ورد فعل على العقوبات الاقتصادية والمقاطعة الدولية لإيران. وهي رسالة إلى أميركا -حسب اليزل- بأن إيران قادرة على مواجهة التحديات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق