15‏/05‏/2012

توقعات بإنشاء جيش خليجي بعد قيام «الاتحاد» قوامه 360 ألف مقاتل


رأت دراسة متخصصة أصدرها المعهد السعودي للدراسات الدبلوماسية، أن مسألة التحول إلى «الاتحاد» بديلا عن «التعاون» ليست مجرد خيار مطروح، بل مسألة مصير ووجود، في ظل تحولات إقليمية ودولية غير مسبوقة.
آلية الاتحاد الخليجي، وبحسب تحليلات رسمية، تملي إيجاد هيئة عليا خليجية بغرض تنسيق قرارات السياسة الخارجية، الذي من شأنه إعادة ترتيب جماعي لأولويات هذه الدول، وبالأخص عقب بروز بعض ملامح التنافس الذي كان سمة سياسات بعض الدول الخليجية.
وكان الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، أكد أن دول الخليج العربية تمضي قدما في خطط لإقامة اتحاد سياسي سيشمل سياسات خارجية ودفاعية مشتركة.
ويمثل التكامل الدفاعي الضمانة الرئيسية لأمن دول الخليج بوصفه بديلا عن التحالفات الإقليمية والدولية التي تحقق توازنا ليست له صفة الديمومة.
وتشير التقديرات إلى أن مجموع الجيوش الخليجية - حال اتحادها - سيبلغ ما يقارب 360 ألف جندي. في المقابل، يتطلب التكامل الدفاعي إعادة هيكلة ودمج المؤسسات الأمنية الخليجية، في سبيل تحقيق صيغة للأمن بالخليج العربي، انطلاقا من مبدأ «توازن القوى» الذي يعد ضمانة رئيسية لتوازن المصالح. وينتظر قيام الاتحاد الخليجي تطوير قوات «درع الجزيرة» التي كان له دور كبير إبان الأحداث التي شهدتها البحرين عام 2011، وذلك بإنشاء جيش خليجي موحد يعطي زخما أكبر للتعاون بين دول المجلس، ويتجنب بالتالي الانتقادات لأي تحرك خليجي لمساعدة دولة خليجية أخرى في المستقبل، قد تطلب مساندة تلك القوات.
من ناحية جغرافية، من المقدر أن يبلغ حجم مساحة الاتحاد الجديد ما يقارب 2.8 مليون كم مربع مما يجعله قادرا على التحكم في ممرات وفضاءات إقليمية استراتيجية ومنح دول الخليج العربية القدرة على التأثير على الصعيدين العربي والدولي. إلا أنه، وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمعهد الدراسات الدبلوماسية، فقضية سيادة الدول الخليجية تشكل معضلة، في ظل التمسك بالسيادة، من أوجه عدة تتمثل في الخلل في توازن القوى بين الدول الخليجية (دول كبرى - دول متوسطة الحجم - دول صغرى)، الأمر الذي يخلق بعض التنافس، خاصة بين الدول الكبرى التي لديها ما يؤهلها للاضطلاع بدور إقليمي. في المقابل، ترى الدول الصغرى أن ذلك نوع من السعي لفرض الإرادة، بالإضافة إلى استمرار وجود بعض من الخلافات الحدودية بين دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي قد يساهم في إضعاف الاتحاد.
الأسباب الإقليمية للاتحاد الخليجي
* تنامي القوة الإيرانية: تمثل حالة الخلل في توازن القوى محددا رئيسيا في فهم العلاقات الخليجية - الإيرانية، حيث يبلغ عدد قوات الجيش الإيراني العاملة نحو 545 ألفا، مقابل عدد قوات جيوش دول الخليج العربية العاملة مجتمعة الذي يقارب 360 ألف جندي، بالإضافة إلى سعي إيران لزيادة عتادها العسكري، وتطوير منظومتها الصاروخية، وسعيها لامتلاك سلاح نووي.
ومنذ ما قبل قيام الثورة الإيرانية عام 1979 حتى الآن، يشار إلى أن لإيران مشروعا إقليميا يستهدف تعزيز سيطرتها وهيمنتها المطلقة على منطقة الخليج العربي لاحتوائها على موارد اقتصادية وأماكن إسلامية مقدسة، بالإضافة إلى أن تصدير الثورة لم يتوقف، بحسب دراسة المعهد الدبلوماسي؛ وإن تغير بتغير النخب الحاكمة والظروف الإقليمية.
خطورة العراق، بحسب مؤشرات ما بعد الانسحاب، أكبر على أمن دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بتنامي الخلافات السياسية تزامنا مع الانسحاب الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2011، ببدء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حملة استهدفت الرموز السنية في السلطة، إلى جانب تدهور الوضع الأمني في أعقاب الانسحاب الأميركي.
على الرغم من أهمية المبادرة الخليجية، فإنها لم تنه الأزمة، في ظل عدم وجود توافق سياسي بين الأطراف الرئيسية في اليمن، ليظل سيناريو الحرب الأهلية قائما انطلاقا من وجود مؤشراتها بالفعل؛ حيث استمرار القتال بين الأطراف المختلفة، فضلا عن المواجهات بين الحوثيين وقوى المعارضة، وتأكيد المصادر سيطرة تنظيم القاعدة على عدد من المدن اليمنية، وبالتالي تتصاعد وتيرة المخاوف من حقيقة بقاء اليمن دولة موحدة، وترشيح احتمالات التقسيم، الذي يعد الخيار الأسوأ بالنسبة للأمن الإقليمي الخليجي، حيث يعد اليمن الامتداد الجيواستراتيجي لأمن دول المجلس، وحيث إن تدهور الأوضاع الأمنية في اليمن يعني توفير بيئة حاضنة للأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية، فضلا عن اعتبارها أداة ضغط من جانب أطراف إقليمية لها أطماعها في دول المنطقة.
التحولات التي يشهدها العالم العربي
* وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية، لا يقتصر تدهور الوضع الأمني بالمنطقة على اندلاع ثورات شعبية سعت لتغيير نظم الحكم، التي ساهمت في بث حالة عدم الاستقرار التي تلت الثورات في بعض دول «الربيع العربي»، وإنما أيضا بظهور المطالب العرقية والمذهبية والدينية وتناميها، مما ينذر بخارطة جديدة للمنطقة لن تكون حدودها هي التقليدية، المتعارف عليها للدول، بالإضافة إلى إفراز الثورات العربية صعودا بارزا للتيارات الإسلامية التي عانت من بعض التهميش السياسي، والتي وصلت لمراكز القرار عبر الانتخابات، وبالتالي تلقى مشروعية دولية وداخلية لممارسة السلطة؛ الأمر الذي ستكون له انعكاسات مباشرة على دول الخليج العربية.
التحولات في موازين القوى الدولية
* مع أن دول مجلس التعاون ظلت تولي البعد الدولي الأهمية الكبرى بوضعه ضمن خياراتها الدفاعية، إلا أن التحولات الدولية الراهنة تفرض على دول المجلس ضرورة إعادة النظر في تلك الاستراتيجية لجهة تنويع تحالفاتها الدولية إلى حين بلورة خيار أمني ذاتي خليجي أبرز أسبابه أن المعادلة الدولية التي في طور التشكل ذات الطابع التعددي ستكون القوة الاقتصادية ركيزتها بدلا من العسكرية التي صاغت العلاقات الإقليمية - الدولية لعقود طويلة، إلى جانب ما أكدت عليه الأحداث الأخيرة من أن المصالح هي أساس العلاقات الدولية بما يعنيه ذلك من تجسيد للمقولة السائدة: «لا توجد صداقة دائمة ولا عداء دائم.. إنما مصالح دائمة»، مما يتطلب تحديد المصالح الخليجية الجماعية لمواجهة تلك التغيرات وتداعياتها، وفق مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمعهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية السعودية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق