23‏/05‏/2012

الناجي الوحيد من مذبحة موثقة ارتكبها نظام الاسد: قتلوا 83 على مدى 6 ساعات بدم بارد في جبل الزاوية

الناجي الوحيد من مذبحة جبل الزاوية محمد رحمن سهيل


تكشف صحيفة "ذي غارديان" البريطانية اليوم الاربعاء في تحقيق ميداني من مراسلها مارتن تشولوف الموجود في منطقة جبل الزاوية في شمال سوريا عن مذبحة رهيبة روى تفاصيلها الناجي الوحيد منها، وهي مذبحة ارتكبها ارتكبها الجيش السوري على مدى ست ساعات وراح ضحيتها 83 شخصاً. وهنا نص التحقيق: "يقول محمد رحمن سهيل، وهو ضابط في الجيش السوري الحر، إنه يعتقد انه هو الناجي الوحيد من مجزرة جبل الزاوية التي قتل فيها 83 رجلا.

وخلال تمركزه في فجوة بين صخرتين رماديتين سمع سهيل أولا صرخات التحدي، ثم اطلقت الرشاشات نيرانها.

أسفل الوادي وعلى بعد 300 متر كان يدرك ان حوالي 300 رجل كانوا يختبئون مثله وراء الصخور الوعرة، محاولين بيأس الالتفاف حول فوهات المدافع الموجهة نحوهم.

كانت الدبابات والجنود والرشاشات تتحرك من القرى المجاورة وتستعد لضرب المناطق العالية، وتسوق اسراها مثل الكلاب التي تدفع بالقطيع نحو هذا الوادي المنسي بجانب إحدى الهضاب في شمالي سوريا.

وبعد حشر الرجال في المنطقة السفلى، سار المسلحون الموالون لبشار الأسد بثبات حول المنحدر وطوقوا كل الرجال الموجودين أسفل منهم، بحيث لم يعد للمحاصرين اي أمل بالنجاة.

وكان الطريق الوحيد هو القفز الانتحاري نحو مخرج عرضه خمسة أمتار نحو واد واسع في الاسفل. بعض الرجال قاموا بمحاولة يائسة للوصول إليه. وتقبل الآخرون مصيرهم. واختبأ سهيل بهدوء، وهو يرتجف مرعوباً مع كل رجل يسقط قتيلا.

قال سهيل باكيا وهو يتذكر المجزرة :"كانوا يصرخون ويصيحون "الله اكبر" وهم يموتون. كان صوت احتضارهم عند موتهم مؤلما للغاية. وسيبقى هذا الصوت في ذهني إلى الأبد".

يضيف سهيل إن اطلاق النار استمر ست ساعات في ذلك اليوم الرهيب،21 كانون الأول (ديسمبر)، ويقول: "أخرج جنود النظام كل سكان القريتين المجاورتين، كفر عاريا وسرجي، بحلول الساعة الرابعة و45 دقيقة صباحا. بدأوا إطلاق النار الساعة العاشرة وانتهوا في الساعة الرابعة عصرا. لم أتحرك طيلة الوقت. وماذا كنت سأفعل؟".

كان سهيل، وهو ضابط في الجيش السوري الحر، في الحقول عندما وصل جيش النظام في ذلك اليوم. وسمع الضجيج في القرى المجاورة وظل متحفزا. وبقدر ما يعرف فقد كان الشخص الوحيد على قيد الحياة الذي شاهد ما حدث في تلك المنطقة الريفية النائية من جبل الزاوية. وخلال 18 شهرا من العنف الذي اجتاح سوريا كانت هذه من أسوأ المجازر المفردة التي حدثت.

كما أنها كذلك من أكثر الاعمال الوحشية التي تم توثيقها، اذ صوّر السكان المحليون في اعقابها بدقة جثث القتلى المكدسة في شِعْبٍ نظيف المياه. وكانت الصور شبيهة بمشاهد مذبحة جونستاون في الولايات المتحدة.

وعندما سكتت البنادق، كان عدد القتلى قد بلغ 83. ومن بينهم اثنان من أشقاء سهيل و10 من أبناء عمومته. وكانت جثث القتلى جميعا مملوءة بثقوب رصاص الأسلحة الثقيلة. وقال سهيل: "كان من بين القتلى إمام قطعوا رقبته. كانوا همجاً".

في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي كانت قوات النظام تلاحق المنشقين في شمالي سوريا، وخصوصا الذين هربوا إلى منطقتين يسيطر عليهما الثوار، هما جبل الزاوية وجسر الشغور اللتين ادعى نظام الأسد أنهما معقلان للأصوليين الإسلاميين.

واعتبر الجيش السوري الحر هذا الجزء من البلاد احد معاقله. وكان قادرا على السيطرة على مساحات من الاراضي والاحتفاظ بها، وشن هجمات على القوافل العسكرية التي تمر فيها. وبدأت كوادر المنشقين في التضخم واصبحوا يشكلون خطرا جديا على قدرة النظام في السيطرة هنا.

واضاف سهيل: "كان هناك منشقون كثيرون يأتون إلينا كل يوم". وكان يجلس مع مجموعة من الرجال- حوالي سرية عسكرية- في قرية مجاورة الاسبوع الماضي.

وقال ضابط آخر: "من الصحيح أن حوالي النصف، تقريبا 43 كانوا من المنشقين. وقد انضموا للثورة قبل وقت قصير فقط، واستدرجهم الجيش للخروج من القرية. وحينما ادركوا انها مؤامرة لم يكن بوسعهم النجاة".

بعد أسابع من الحداد على افراد عائلته الموتى، عاد سهيل ليقود وحدة الجيش السوري الحر المحطمة. وبعد وقت ليس بالطويل وصل منشق آخر. وقال سهيل: "قال المنشق إنه كان واحدا من الرجال في الدبابات التي كانت تطلق النار علينا. وطلب منا أن نسامحه لان الضباط أخبروه أننا جميعا من ليبيا وأعضاء في القاعدة، وأن الجميع يجب ان يُقتلوا".

وأضاف سهيل :"سامحته ورحبت به".

وقال سهيل إنه على الرغم من الثمن المرعب الذي ألحقه رشاش المنشق بعائلته فلم يسمح لنفسه بان يحقد عليه. واضاف: "كان ينفذ الأوامر فقط. ولو رفض تنفيذها فانهم كانوا سيقتلونه".

قبل اربعة ايام من مقابلة "ذي غارديان" مع سهيل التقت الوحدة التي خرج عليها المنشق به.

وقال سهيل: "كان يسوق عربة خبز متجهة نحو قرية اخرى. واختطفوه من العربة واطلقوا النار عليه وقتلوه".

الانشقاقات مثل الانتفاضات- تحدث يوميا تقريبا في هذا الجزء من قلب اراضي الثوار. واستعادت قوات النظام أكبر مدينة في شمالي سوريا وهي إدلب ويبدو أن سيطرتهم على القرى المجاورة لها تزداد. لكن جبل الزاوية ما يزال، حتى الآن، ركنا عصيا في دولة تفتقر بشدة للاستقرار.

وقال الضابط الثاني: "كل ما يستطيعون فعله هو القتل. دفعنا ثمنا باهظا هنا. ولكنهم أيضا دفعوا مثل هذا الثمن".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق