16‏/05‏/2012

التنازلات النووية الايرانية ربما تختبر وحدة القوى الكبرى

<p>دنيس روس كبير مستشاري استراتيجية الشرق الأوسط بالبيت الأبيض سابقا في صورة من أرشيف رويترز.</p>

في مواجهة تشديد وشيك للعقوبات تلمح ايران الى استعدادها لتقديم بعض التنازلات في نزاعها النووي المستمر منذ فترة طويلة مع القوى العالمية لكن اي مرونة تظهرها يمكن أن تقسم صفوف تلك القوى وتؤدي الى حيرة ممتدة بشأن كيفية الرد.
والرهان كبير لأنه كلما طالت مدة الأزمة اقتربت ايران من القدرة التكنولوجية اللازمة لتطوير قنابل نووية مما يزيد احتمالات شن ضربات عسكرية كملاذ اخير من اسرائيل ضد عدوتها اللدود وخطر نشوب حرب جديدة بالشرق الأوسط لا يستطيع الاقتصاد العالمي المضطرب تحملها.
وتوالت التصريحات المتفائلة التي أدلى بها مسؤولون وأكاديميون ايرانيون مما زاد التكهنات بأن طهران قد تقدم تنازلات لشركائها الستة الرئيسيين في المحادثات المقرر عقدها يوم 23 مايو ايار في بغداد وهي خطوة يمكن أن تخفف حدة التوتر الإقليمي وتهديء المخاوف من زيادة جديدة في أسعار النفط.
وستدرس اسرائيل هذا العرض بعناية. وكانت قد هددت باستخدام القوة لتدمير المنشآت النووية التي تقول الجمهورية الإسلامية إن طبيعتها مدنية بحتة لكن الغرب يشتبه في أنها تستعد لاكتساب القدرة على التسلح النووي.
لكن من شبه المؤكد أن الحديث عن انفراجة دبلوماسية سابق لأوانه.
ويقول محللون إنه مهما كانت اللفتات الملموسة التي تطرحها ايران فإنها ستختبر من جديد ترابط الجهود الغربية الروسية الصينية المشتركة لمنع طهران من امتلاك القدرة على إنتاج قنبلة نووية وربما تؤدي الى اشهر من المشاورات غير الحاسمة بين المشاركين في المحادثات بشأن كيفية الرد على الخطوة التي ستتخذها طهران.
والخلافات بشأن السبيل الأمثل للرد على عرض ايراني -على سبيل المثال من خلال تعليق بعض العقوبات مقابل تخلي ايران عن تخصيب اليورانيوم لدرجة نقاء 20 في المئة وهو مستوى يقلق الخبراء النوويين بالأمم المتحدة- يمكن أن تعطل جهود تحويل اي مبادرة من هذا القبيل الى تحرك مهم نحو المفاوضات.
وقال المحلل الفرنسي بروتو تيرتريه "لا تتوقع لحظة احتفالية. ستكون مثل مباراة في البوكر"‭ ‬التي تبقى بعض اسرارها خفية حتى النهاية.
وأضاف "سأفاجأ اذا حدث في بغداد ما هو اكثر من اتفاق على خطوات مؤقتة."
ويقول دنيس روس الذي كان كبير مستشاري استراتيجية الشرق الأوسط بالبيت الأبيض حتى نوفمبر تشرين الثاني إنه "لا شك" أن سياسة ايران ستكون تقسيم الستة مشيرا الى مجموعة خمسة زائد واحد.
وقال روس في كلمة بمركز بايبارتيزان بوليسي في واشنطن "لا شك لدي ايضا في أنهم سيطرحون شيئا على الطاولة على الأرجح يعتقدون أنه سيكون جذابا لبعض أعضاء مجموعة خمسة زائد واحد.
وأضاف أن احدى هذه الخطوات يمكن أن تكون ضمانات ايرانية بوقف تخزين اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء 20 في المئة.
وتقول ايران إن هذا المستوى الذي يزيد كثيرا عن مستوى خمسة في المئة من النقاء الانشطاري الملائم لتشغيل محطات الطاقة النووية المدنية لا يهدف الا لتجديد مخزونات الوقود التي يحتاجها مفاعل للنظائر المشعة ذات الاستخدامات الطبية. لكن هذا المستوى يدفع طهران ايضا على طريق اليورانيوم المخصب لدرجة عالية الذي يمكن استخدامه في تصنيع القنابل.
ويشير تقييم احدى الحكومات الغربية الى أن ايران ستحتاج ما بين عامين وثلاثة اعوام لتصنيع سلاح نووي يمكن استخدامه في حال قررت السلطات في طهران القيام بهذا.
وكان محللون وبعض الدبلوماسيين قالوا إن على ايران والقوى العالمية تقديم تنازلات من اجل اي فرصة للوصول الى تسوية طويلة المدى وأشاروا الى أن من الممكن السماح لطهران بمواصلة التخصيب لمستوى منخفض اذا وافقت على عمليات تفتيش من الأمم المتحدة اكثر صرامة.
لكن ايران نجحت مرارا في الحد من عزلتها الدبلوماسية والاقتصادية من خلال إثارة خلافات بين الدول الست التي تقود الجهود الدولية لكبح جماح برنامج ايران النووي مما أدى الى تخفيف حدة عقوبات الأمم المتحدة.
ويتوقع محللون غربيون مناورة جديدة من هذا النوع الآن.
ويقول محللون غربيون إن إقامة جبهة موحدة بين روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا هو أقوى أداة ضغط متوفرة للعالم الخارجي لضمان التزام ايران بالضمانات الدولية التي تهدف الى منع انتشار الأسلحة النووية.
لكن الوحدة كانت دائما هشة.
وأيدت روسيا والصين اللتان ترتبطان بعلاقات تجارية وثيقة مع ايران اربع جولات من عقوبات الأمم المتحدة فرضت على ايران منذ 2006 لرفضها تعليق الأنشطة المرتبطة بالتخصيب والسماح بعمليات تفتيش الأمم المتحدة دون قيد لإزالة الشكوك في أن برنامجها النووي له بعد عسكري.
لكن موسكو وبكين انتقدتا الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي العام الماضي لفرضهما عقوبات إضافية من جانب واحد على ايران. وكانت روسيا قد اوضحت معارضتها لاتخاذ مجلس الأمن الدولي إجراءات إضافية ضد طهران.
وقال دبلوماسي اوروبي لرويترز "أعتقد أن خمسة زائد واحد ستواجه مشاكل كبيرة كلما تعلق الأمر بتحرك ايران فعلا وكيفية الرد عليها."
وأضاف "في هذه اللحظة الامر سهل كما أن ايران لم تقدم وعودا بشيء... لكنني أعتقد ان الوضع سيكون صعبا ومتوترا جدا بالنسبة لجانب خمسة زائد واحد بمجرد ان يبدأوا الرد على اي تحرك ايراني."
ويقول مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن إن طلب ايران تخفيف العقوبات مقابل تقديمها تنازلات "سيمثل اختبارا مبكرا لوحدة مجموعة خمسة زائد واحد. بالنسبة للغرب سيتطلب رفع العقوبات قيودا كبيرة على برنامج التخصيب."
وليس هناك جدل كبير بشأن ما قد يشجع ايران على إظهار مرونة جديدة. ويقول محللون إن ايران تريد تفادي حظر الاتحاد الاوروبي لواردات النفط الإيرانية المقرر بدء سريانه في الأول من يوليو تموز وهو إجراء خطير لأن الاتحاد يحصل على خمس شحنات البلاد من النفط.
لكن هناك الكثير من التكهنات بشأن حجم المكافأة التي ستكون روسيا والصين على استعداد لتقديمها لايران مقابل اي تغير.
ويقول شاشانك جوشي من المعهد الدولي للدراسات الدفاعية في لندن إن الخلاف بين روسيا والصين وشركائهما سيظهر على الأرجح بشأن الثمن الذي سيطلبه العالم مقابل التخلي عن الإصرار المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة على أن توقف ايران اي نوع من التخصيب.
وأضاف ان الولايات المتحدة ستريد تفكيك محطة تخصيب مدفونة تحت جبل في فوردو جنوبي طهران وهو الموقع النووي الإيراني الافضل تحصينا ضد اي غارات جوية محتملة.
وقال "الروسي والصينيون ربما يدركون ان هذا مستبعد وقد يتوقعون عروضا ايرانية اقل من هذا."
ومضى يقول "لهذا يجب أن نتوقع أن نرى محاولة من ايران لفصل الروس والصينيين عن الآخرين من خلال عرض شيء ملموس ومهم لكنه اقل من التفكيك."
واستبعدت ايران إغلاق موقع فوردو.
ويقول دبلوماسيون ومحللون ان التوصل لاتفاق ما زال امرا بعيدا لكن الاشارات تتزايد على أن زعماء ايران يغيرون نهجهم ويعدون الرأي العام لتحول محتمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق