18‏/05‏/2012

احمدي نجاد يناطح وزارة استخباراته والغموض يلف مستقبله السياسي

المرشد علي خامنئي ورئيس الجمهورية محمود احمدي نجاد

محمود احمدي نجاد الذي ترافق وصوله الى سدة الرئاسة في العام 2009 مع تظاهرات واحتجاجات دامية، يخوض هذه الايام صراعا ضد احدى وزاراته وهي وزارة الاستخبارات. وربما يستغرب القارئ العربي من هذا الامر ويتساءل كيف يمكن ان يناطح رئيسا، احدى الوزارات التابعة له. وفي الرد نقول ان هذا ينم عن طبيعة الحكم في ايران ووجود "ولي الفقيه" او مرشد الجمهورية الاسلامية على رأس الامور حيث تتجاوز صلاحياته، تلك المتعلقة برئيس الجمهورية الى ح ان رئيس الجمهورية لا يستطيع تغيير وزرائه من دون اجازة المرشد.

يذكر ان احمدي نجاد قام في آذار (مارس) العام الماضي بتنحية وزير الاستخبارات حيدر مصلحي لكن المرشد اية الله على خامنئي عارض هذا الامر والغى حكم التنحية الذي يعد من اختصاصات رئيس الجمهورية. وقد ادى ذلك الى ازمة حكومية، ترك على اثرها احمدي نجاد مسؤولياته الرئاسية، معتكفا ومنعزلا في بيته لمدة 11 يوما. ولكن ه بعد مشاورات ووساطات بل وتهديدات من قبل الحرس الثوري ومرشد الجمهورية الاسلامية نفسه، عاد احمدي نجاد الى مسؤولياته مرغما على تحمل الوزير حيدر مصلحي المفروض عليه.

وقد فجر احمدي نجاد الخلافات مرة اخرى عندما تطرق قبل ايام الى ارتفاع اسعار العملة الصعبة والذهب متهما وزارة الاستخبارات والاجهزة الامنية والاستخبارية الاخرى بـ"الغفلة عن القضايا الرئيسية" في البلاد، مؤكدا على مسؤولياتها في "مؤامرة داخلية وخارجية"، ما اثار غضب هذه المؤسسات وخاصة وزارة الاستخبارات والمواقع التابعة لها.

ويعتقد بعض المراقبين ان التصريحات التي ادلى بها احمدي نجاد في هذا الخصوص في مدينة مشهد (شمال شرق) تستهدف المفاوضات النووية بين ايران والدول 5+1 المقرر اجراءها يوم 23 مايو (ايار) في بغداد. كما ان زيارته المفاجئة الى جزيرة ابو موسى عشية اجتماع اسطنبول القت بظلالها على المفاوضات النووية هناك.

ويعتقد هؤلاء المراقبون ان احمدي نجاد يخشى بسبب تهميشه عن العملية التساومية المحتملة بين طهران والغرب على مستقبله السياسي، ويحاول ان يرسل اشارات مختلفة الى الغرب اثر قيامه باعمال مثيرة. ومعروف للايرانيين ان الذي اخذ يهمش رئيس السلطة التنفيذية محمود احمدي نجاد هو جناح الخصم في تيار المحافظين الموالي للمرشد اية الله علي خامنئي.

لتكهنات حول مستقبل احمدي نجاد

تحدثت صحيفتا "ابتكار" و"طهران امروز" الايرانيتان عن المستقبل السياسي لمحمود احمدي نجاد، كما اوصته صحيفة "كيهان" المحسوبة على مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي بانه "اذا قضى العام الباقي من فترته الرئاسية بهدوء" ستبقى منه " ذكرى جيدة منه في الاذهان".

وكتبت صحيفة "ابتكار" في هذا الصدد: "بعد الاحداث الهامة التي شهدتها الفترة الثانية لرئاسة محمود احمدي نجاد، وخاصة تلك التي اعقبت الانتخابات الرئاسية في ايار (مايو) 2009 واعتزاله لمدة 11 يوما في بيته وصراعه مع بعض الوجوه السياسية في البلاد، بات المستقبل السياسي لمحمود احمدي نجاد في هالة من الغموض؛ وهو الذي يتمتع بمساندة بعض المحافظين ويتعرض لإنتقاد البعض الاخر منهم".

واضافت الصحيفة ان مثل هذه التكهنات لن تتم في عهدي الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، ونقلت عن استاذ كلية القانون في جامعة طهران صادق زيبا كلام قوله: "سينتهي العمر السياسي لمحمود احمدي نجاد في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بعد الانتخابات الرئاسية عام 2013".

ويرسم الصحافي الايراني المحافظ امير محبيان 5 سيناريوهات لمستقبل احمدي نجاد: "السيناريو الاول: باعتباره رئيسا سابقا للبلاد سيتم تعيينه (من قبل المرشد) عضوا في مجلس تشخيص مصلحة النظام شريطة الا يقوم باي نشاط اخر.

السيناريو الثاني: سيدخل احمدي نجاد الساحة كزعيم لحزب او تيار سياسي ويقوم بتشكيل مجموعة منظمة كحزب سياسي له ويسعى لكي يلعب دورا في الانتخابات التشريعية او الرئاسية المقبلة.

السيناريو الثالث: سيلعب دور المعارض في اطار النظام بسبب التوترات التي شهدتها ايران في اعوامه الاخيرة من رئاسته.

السيناريو الرابع: سيعتزل احمدي نجاد بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة ولن يعود الى المشهد السياسي. والسيناريو الخامس: لن يكون احمدي نجاد ظاهرا على الساحة السياسية ويصبح في الهامش لكنه يحتفظ بقيادة غير مرئية لبعض التيارات المؤيدة له".

ونقلت صحيفة "طهران امروز" عن احمد خورشيدي احد القادة السابقين في الحرس الثوري وصهر احمدي نجاد قوله: "بما ان احمدي نجاد لن يستطيع قانونيا ان يترشح لهذا المنصب، استبعد ان يرحب به الشعب في مناصب اخرى، فمن غير المحتمل ان تمنح له اي مسؤولية، انتخابية كانت او بالتعيين بانتهاء رئاسته".

كما نشرت صحيفة "كيهان" التي يديرها حسين شريعتمداري مستشار مرشد الجمهورية الاسلامية نصيحة وجهها الوزير السابق محمد حسين صفار هرندي الى الحكومة ورئيسها مؤكدا "اذا قامت الحكومة خلال العام الباقي ان تعمل بهدوء وجهد اكثر في مسار خدمة البلاد ستبقى ذكرى جيدة منها في اذهان الناس".

وفي ما يخص استئناف الخلافات بين الرئيس ووزير استخباراته حيدر مصلحي يتساءل المراقبون "هل هناك حدث هام سيحدث" اثر هذه الخلافات. او بالاحرى هل هذه الخلافات ستفضي الى استجواب محمود احمدي نجاد من قبل البرلمان الجديد الذي يهيمن عليه انصار المرشد علي خامنئي خلال الايام او الاشهر المقبلة؟ وقد شهدنا كيف استدعى البرلمان في آذار (مارس) الماضي، احمدي نجاد للمرة الاولى في تاريخ الجمهورية الاسلامية الايرانية. فرغم رغبة المرشد على خامنئي بان ينهي احمدي نجاد بهدوء وسلام فترته الرئاسية الثانية، فان استئناف الصراع بين الرئيس واحد وزرائه المفصليين يمكن ان يؤدي الى امر اخر، وهذا ما تبينه الايام المقبلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق