نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية اليوم تحقيقاً عن ميلشيات النظام اتلسوري المعروفة باسم "الشبيحة" وطرق تمويلها واستخدامها آلة لقتل معارضي النظام والمدنيين في انحاء سوريا. ويقول التحقيق ان هؤلاء "البلطجية" يرعاهم ويمولهم رجال اعمال من بينهم وكلاء سيارات وان "الشبيحة" الذين كانوا في السابق مهربين تحركهم الآن نوازع الكراهية الطائفية. وهنا نص التحقيق الذي اعده صحافي عمل في سوريا ويستخدم اسماً مستعاراً هو بيتر كيليار: "قال الناطق باسم الخارجية السورية، جهاد مقدسي، للمراسلين هذا الأسبوع :"النساء والاطفال والشيوخ قتلوا بالرصاص. وهذا ليس رد فعل الجيش السوري البطل".
إذن، من الذي قتل 108 من الأشخاص في الحولة، وبينهم 49 طفلا، بدم بارد؟ يبدو ان الجواب يكمن في الميليشيات المدنية المسلحة من القرى العلوية القريبة، المعروفين للسوريين بـ "الشبيحة".
والكلمة تشير أصلا إلى العصابات الخفية من المهربين الذين تكاثروا حول مدينة اللاذقية الساحلية في السبعينات، والذين اكتسبوا حصانتهم من القانون بسبب علاقاتهم القبلية والقروية مع عائلة الاسد الحاكمة.
هؤلاء الشبيحة الاوائل ازدهر دورهم تحت عيني حافظ الاسد المتيقظة، ولسبب جيد. ففي ثمانينات القرن العشرين ومع احتلال الجيش السوري للبنان، كان الاقتصاد مشلولا بسبب نقص السلع، واصبحت البضائع المهربة عبر الحدود اللبنانية إحدى افضل الطرق ليتمكن السوريون اصحاب العلاقات الحسنة مع النظام من جني الأموال.
وإحدى نتائج هذا النشاط الاقتصادي السري هو جيش احتياطي من أشباه الموظفين الفقراء الشباب من الطائفة العلوية الذين أثبتوا فعاليتهم الكبرى لنظام خلق نوعا من جنون الاضطهاد، بخصوص أعداء حقيقيين ووهميين، وهذا ما شكل حجر الزاوية في استمراره.
وفي حي المزة الفقير غربي دمشق، يعيش الفقراء من العلويين في مساكن بناها لهم حافظ الاسد في الثمانينات. وهذه المنطقة معروفة بـ "المزة 86" وهي السنة التي وصلوا فيها من الأرياف موعودين بالطعام الرخيص والمساكن المدعومة.
وعند اندلاع الانتفاضة ضد النظام في آذار (مارس) 2011، تضخمت كوادر المعروفين بالشبيحة، وبدأوا يسددون دينهم للنظام من خلال القيام بالكثير من المهام الشاقة المتمثلة في قمع المعارضة.
وعندما احتشد 20 ألف شخص للمشاركة في تشييع جنازة في المزة في شباط (فبراير) هذا العام على سبيل المثال، كان الشبيحة، وفقا لمتظاهرين قابلتهم "ذي غارديان" في دمشق، هم الذين أطلقوا النار على المشيعين.
وفي كل الاماكن التي حاولت فيها المعارضة القيام بأي نوع من المراسم الجنائزية، أو التجمع داخل العاصمة ، كانت صفوف طويلة من الرجال والفتيان الذين يرتدون ملابس مدنية او أزياء الخاكي، مسلحين بالرشاشات، تظهر في الشوارع القريبة تنتظر مبررا للتدخل.
ولكن فقط وسط الفوضى والتوترات الطائفية في حمص الثائرة حضر الشبيحة بطريقتهم البلطجية. محمد، وهو محترف وناشط معتدل يحظى بالاحترام في المدينة التقته صحيفة "ذي غارديان" في شباط (فبراير) قال إن الشبيحة في حمص يرافقون الجيش النظامي في الغارات وعلى الحواجز، ولكن يبدو ان لهم قيادتهم الخاصة وبنيتهم القيادية المنفصلة- وهو يتلقون الأوامر من مسؤولين غير معروفين يوجدون في أماكن أخرى.
حين يضرب الجيش منطقة ثوار أو يدخلونها لتفتيشها، يصل الشبيحة معهم، أحياناً على متن حافلات، لإرهاب السكان وغالبيتهم من السنة، ونهبهم.
وقال الناشط محمد للصحيفة يوم الاثنين: "الملابس سوداء، أو عسكرية كالجيش، لكنهم يضعون شريطاً أصفر على أكتافهم"، ووفقاً لمحمد، ففي يوم 13 أيار (مايو)، انتقل الشبيحة إلى منطقته في الشماس، وكانت في السابق منطقة مسالمة من ضواحي حمص، وارتكبوا مجزرة هناك، ولا يعلم عدد الذين قتلوا.
وبينما تزداد أعدادهم، وقد هرب مئات الآلاف من سكان حمص من المدينة، فإن الأعداد المتنامية من الشبيحة انتقلت لاحتلال أحياء بأكملها وسرقة الأغراض والأثاث من البيوت الفارغة. وقال محمد: "إنهم كالنسور، لا يتركون شيئاً وراءهم".
وتحدث ناشط آخر، هو أبو رامي، من منطقة باب السباع وسط أصوات رصاص القناصة يوم الاثنين، قائلاً إن الشبيحة يتألفون بشكل كبير من العلويين من حمص والقرى المحيطة. وأحياناً يعملون لوحدهم، في عصابات أو كقناصة على سطوح البنايات المشرفة على مناطق الثوار.
نحو 90 بالمئة من آلاف الشبيحة في حمص، وفقاً لتقديره، هم من العلويين المسلمين من حمص والمناطق المحيطة، والنتيجة هي تفاقم التوتر الموجود أصلاً بين السنة والعلويين في المدينة.
إنه عمل خطر. الجيش السوري الحر قتل العديد من أولئك الشبيحة، كما يقول أبو رامي، لكن كثيرين يقفون في الطوابير بانتظار أخذ مكانهم. وبينما يتدهور الاقتصاد، فإن العديد من العلويين الفقراء يحتاجون الى المال، وآخرين اقتنعوا بقول النظام ان البلاد تواجه مؤامرة من تنظيم "القاعدة"، ودول الخليج وحلف شمال الاطلسي (ناتو)، والنتيجة الحتمية هي انتقام سني ضد مجتمعهم.
لكن من هو الذي يدفع الأجور، ومن يعطي الاوامر؟ الإجابة تكمن في التاريخ الحديث للبلاد ومحاولاتها التي لم تكتمل للتجديد الاقتصادي.
حين انسحبت سوريا من لبنان عام 2005، ورحبت بالغرب، اتجهت إلى نوع مختلّ من اقتصاد السوق. وكانت النتيجة هي منح القوة لنوع جديد من رجال الأعمال، معظمهم من السنة، تمكنوا من بناء علاقات مع النخبة التي يسيطر عليها العلويون والتي تتحكم بأذرع الدولة الأمنية السورية.
وبينما انتقل الربح من التهريب إلى مصالح وأعمال أكثر شرعية، فإن مجموعة من اللاعبين الاقتصاديين أصحاب العلاقات الجيدة أمسكوا بزمام السيطرة على الصناعات والامتيازات وتجارة السيارات – وذلك إحد الاحتجاجات المركزية للسوريين العاديين بينما انطلقت الثورة وجمعت الزخم العام الماضي.
إنهم رجال الأعمال نفسهم، وكثير منهم من السنة وليس العلويين، هم الذين يعطون المال للشبيحة بهدوء، بشكل أساسي لحماية امتيازاتهم الاقتصادية وأعمالهم، وكذلك حتى يبقوا رعاتهم السياسيين سعداء.
الشبيحة يدينون بكل شيء للنظام، تذمر بشأن المعارضة في دمشق، وسيقومون بأي شيء لحمايتها. في شباط (فبراير)، قال أحد النشطاء من دمشق للصحيفة إنه علم من خلال أصدقائه ان الشبيحة يحصلون على 1500 ليرة سورية (15 جنيها استرلينيا) يومياً، وأنهم يحصلون على عمل كثير ويبدون متعبين طوال الوقت. وقدر ناشط آخر، ربما كان يبالغ، أن أجرهم اليومي يتراوح بين 2500 و500 ليرة. لكن الدولة لا تدفع أياً من ذلك.
وسمى ابو رامي رجلي اعمال من المستوى المتوسط، احدهما علوي يعيش في منطقة القصير في محافظة حمص، والآخر سني يعيش في دمشق، قال انه يعتقد انهما يرعيان كل اعمال الشبيحة في حمص. واوضح انهما يعملان بالتعاون مع رئيس المخابرات في المدينة الذي يقوم، حسب قوله، باستئجار رجال يعملون كشبيحة او او استئجار اشخاص محليين عاطلين عن العمل للقيام بالمهمة.
ولا يمكن التحقق من اي من هذه المعلومات، والسوريون مقتنعون بان كل رجل اعمال ناجح قد باع نفسه بشكل ما للنظام.
ولكن هذا ليس من دون سبب. ذلك انه من عند ابن خالة الرئيس رامي مخلوف فمن دونه، تتشكل الطبقات العليا القيادية في الاقتصاد السوري من سلسلة اقطاعيات محمية يتحكم فيها اولئك المحيطون بعائلة الاسد وشركاؤهم الموثوقون.
ولا بد ان بعض الشركات الكبرى في الغرب، والتي تقوم باعمال في مجال (برنامج) الاسد لـ"تحديث" سوريا على مدى العقد الماضي، تشعر بالقلق. وفي آب (اغسطس) من السنة الماضية قدم احد نشطاء المعارضة في دمشق الى صحافي يعمل في "الغارديان" قائمةً باسماء الممولين الرئيسيين للشبيحة، جمعها بناء على احاديث مكتومة مع رجال اعمال في دمشق. وضمت القائمة اسماء اشخاص كسبوا اموالهم بكونهم وكلاء حصريين، او وسطاء او اصحاب امتيازات تجارية لشركات سيارات شهيرة بريطانية، ويايبانية والمانية. وبعض هذه الارباح هي التي تمول آلة القتل شبه العسكرية غير الرسمية في سوريا.
ومع ارتفاع عدد الجثث في سوريا، يبدو ان الحكم يحاول تصوير نفسه كوسيط نزيه، يعمل بجد لحماية موزاييك سوريا الطائفي الهش والفصل بين "العصابات المسلحة" للجماعات المختلفة.
وليست الفكرة جديدة تماماً. فخلال حملة اغتيالات سابقة، كانت طائفية بصورة رئيسية قادها الاخوان المسلمون بين 1979 و1982 خطرت للنظام فكرة تشكيل ميليشيا مدنية مسلحة كخط دفاع اخير.
ولكن في تلك الايام كان يمكن تشكيل ميليشيا من صفوف حزب البعث الحاكم. اما انه لم يعد من الممكن تجنيدهم فهو امر ينبيء بانحطاط الحزب الذي استغلته عائلة الاسد كعربة للفوز بالحكم والاستعاضة عنه بشبكة علاقات عائلية ومصالح اعمال وايد مأجورة.
إذن، من الذي قتل 108 من الأشخاص في الحولة، وبينهم 49 طفلا، بدم بارد؟ يبدو ان الجواب يكمن في الميليشيات المدنية المسلحة من القرى العلوية القريبة، المعروفين للسوريين بـ "الشبيحة".
والكلمة تشير أصلا إلى العصابات الخفية من المهربين الذين تكاثروا حول مدينة اللاذقية الساحلية في السبعينات، والذين اكتسبوا حصانتهم من القانون بسبب علاقاتهم القبلية والقروية مع عائلة الاسد الحاكمة.
هؤلاء الشبيحة الاوائل ازدهر دورهم تحت عيني حافظ الاسد المتيقظة، ولسبب جيد. ففي ثمانينات القرن العشرين ومع احتلال الجيش السوري للبنان، كان الاقتصاد مشلولا بسبب نقص السلع، واصبحت البضائع المهربة عبر الحدود اللبنانية إحدى افضل الطرق ليتمكن السوريون اصحاب العلاقات الحسنة مع النظام من جني الأموال.
وإحدى نتائج هذا النشاط الاقتصادي السري هو جيش احتياطي من أشباه الموظفين الفقراء الشباب من الطائفة العلوية الذين أثبتوا فعاليتهم الكبرى لنظام خلق نوعا من جنون الاضطهاد، بخصوص أعداء حقيقيين ووهميين، وهذا ما شكل حجر الزاوية في استمراره.
وفي حي المزة الفقير غربي دمشق، يعيش الفقراء من العلويين في مساكن بناها لهم حافظ الاسد في الثمانينات. وهذه المنطقة معروفة بـ "المزة 86" وهي السنة التي وصلوا فيها من الأرياف موعودين بالطعام الرخيص والمساكن المدعومة.
وعند اندلاع الانتفاضة ضد النظام في آذار (مارس) 2011، تضخمت كوادر المعروفين بالشبيحة، وبدأوا يسددون دينهم للنظام من خلال القيام بالكثير من المهام الشاقة المتمثلة في قمع المعارضة.
وعندما احتشد 20 ألف شخص للمشاركة في تشييع جنازة في المزة في شباط (فبراير) هذا العام على سبيل المثال، كان الشبيحة، وفقا لمتظاهرين قابلتهم "ذي غارديان" في دمشق، هم الذين أطلقوا النار على المشيعين.
وفي كل الاماكن التي حاولت فيها المعارضة القيام بأي نوع من المراسم الجنائزية، أو التجمع داخل العاصمة ، كانت صفوف طويلة من الرجال والفتيان الذين يرتدون ملابس مدنية او أزياء الخاكي، مسلحين بالرشاشات، تظهر في الشوارع القريبة تنتظر مبررا للتدخل.
ولكن فقط وسط الفوضى والتوترات الطائفية في حمص الثائرة حضر الشبيحة بطريقتهم البلطجية. محمد، وهو محترف وناشط معتدل يحظى بالاحترام في المدينة التقته صحيفة "ذي غارديان" في شباط (فبراير) قال إن الشبيحة في حمص يرافقون الجيش النظامي في الغارات وعلى الحواجز، ولكن يبدو ان لهم قيادتهم الخاصة وبنيتهم القيادية المنفصلة- وهو يتلقون الأوامر من مسؤولين غير معروفين يوجدون في أماكن أخرى.
حين يضرب الجيش منطقة ثوار أو يدخلونها لتفتيشها، يصل الشبيحة معهم، أحياناً على متن حافلات، لإرهاب السكان وغالبيتهم من السنة، ونهبهم.
وقال الناشط محمد للصحيفة يوم الاثنين: "الملابس سوداء، أو عسكرية كالجيش، لكنهم يضعون شريطاً أصفر على أكتافهم"، ووفقاً لمحمد، ففي يوم 13 أيار (مايو)، انتقل الشبيحة إلى منطقته في الشماس، وكانت في السابق منطقة مسالمة من ضواحي حمص، وارتكبوا مجزرة هناك، ولا يعلم عدد الذين قتلوا.
وبينما تزداد أعدادهم، وقد هرب مئات الآلاف من سكان حمص من المدينة، فإن الأعداد المتنامية من الشبيحة انتقلت لاحتلال أحياء بأكملها وسرقة الأغراض والأثاث من البيوت الفارغة. وقال محمد: "إنهم كالنسور، لا يتركون شيئاً وراءهم".
وتحدث ناشط آخر، هو أبو رامي، من منطقة باب السباع وسط أصوات رصاص القناصة يوم الاثنين، قائلاً إن الشبيحة يتألفون بشكل كبير من العلويين من حمص والقرى المحيطة. وأحياناً يعملون لوحدهم، في عصابات أو كقناصة على سطوح البنايات المشرفة على مناطق الثوار.
نحو 90 بالمئة من آلاف الشبيحة في حمص، وفقاً لتقديره، هم من العلويين المسلمين من حمص والمناطق المحيطة، والنتيجة هي تفاقم التوتر الموجود أصلاً بين السنة والعلويين في المدينة.
إنه عمل خطر. الجيش السوري الحر قتل العديد من أولئك الشبيحة، كما يقول أبو رامي، لكن كثيرين يقفون في الطوابير بانتظار أخذ مكانهم. وبينما يتدهور الاقتصاد، فإن العديد من العلويين الفقراء يحتاجون الى المال، وآخرين اقتنعوا بقول النظام ان البلاد تواجه مؤامرة من تنظيم "القاعدة"، ودول الخليج وحلف شمال الاطلسي (ناتو)، والنتيجة الحتمية هي انتقام سني ضد مجتمعهم.
لكن من هو الذي يدفع الأجور، ومن يعطي الاوامر؟ الإجابة تكمن في التاريخ الحديث للبلاد ومحاولاتها التي لم تكتمل للتجديد الاقتصادي.
حين انسحبت سوريا من لبنان عام 2005، ورحبت بالغرب، اتجهت إلى نوع مختلّ من اقتصاد السوق. وكانت النتيجة هي منح القوة لنوع جديد من رجال الأعمال، معظمهم من السنة، تمكنوا من بناء علاقات مع النخبة التي يسيطر عليها العلويون والتي تتحكم بأذرع الدولة الأمنية السورية.
وبينما انتقل الربح من التهريب إلى مصالح وأعمال أكثر شرعية، فإن مجموعة من اللاعبين الاقتصاديين أصحاب العلاقات الجيدة أمسكوا بزمام السيطرة على الصناعات والامتيازات وتجارة السيارات – وذلك إحد الاحتجاجات المركزية للسوريين العاديين بينما انطلقت الثورة وجمعت الزخم العام الماضي.
إنهم رجال الأعمال نفسهم، وكثير منهم من السنة وليس العلويين، هم الذين يعطون المال للشبيحة بهدوء، بشكل أساسي لحماية امتيازاتهم الاقتصادية وأعمالهم، وكذلك حتى يبقوا رعاتهم السياسيين سعداء.
الشبيحة يدينون بكل شيء للنظام، تذمر بشأن المعارضة في دمشق، وسيقومون بأي شيء لحمايتها. في شباط (فبراير)، قال أحد النشطاء من دمشق للصحيفة إنه علم من خلال أصدقائه ان الشبيحة يحصلون على 1500 ليرة سورية (15 جنيها استرلينيا) يومياً، وأنهم يحصلون على عمل كثير ويبدون متعبين طوال الوقت. وقدر ناشط آخر، ربما كان يبالغ، أن أجرهم اليومي يتراوح بين 2500 و500 ليرة. لكن الدولة لا تدفع أياً من ذلك.
وسمى ابو رامي رجلي اعمال من المستوى المتوسط، احدهما علوي يعيش في منطقة القصير في محافظة حمص، والآخر سني يعيش في دمشق، قال انه يعتقد انهما يرعيان كل اعمال الشبيحة في حمص. واوضح انهما يعملان بالتعاون مع رئيس المخابرات في المدينة الذي يقوم، حسب قوله، باستئجار رجال يعملون كشبيحة او او استئجار اشخاص محليين عاطلين عن العمل للقيام بالمهمة.
ولا يمكن التحقق من اي من هذه المعلومات، والسوريون مقتنعون بان كل رجل اعمال ناجح قد باع نفسه بشكل ما للنظام.
ولكن هذا ليس من دون سبب. ذلك انه من عند ابن خالة الرئيس رامي مخلوف فمن دونه، تتشكل الطبقات العليا القيادية في الاقتصاد السوري من سلسلة اقطاعيات محمية يتحكم فيها اولئك المحيطون بعائلة الاسد وشركاؤهم الموثوقون.
ولا بد ان بعض الشركات الكبرى في الغرب، والتي تقوم باعمال في مجال (برنامج) الاسد لـ"تحديث" سوريا على مدى العقد الماضي، تشعر بالقلق. وفي آب (اغسطس) من السنة الماضية قدم احد نشطاء المعارضة في دمشق الى صحافي يعمل في "الغارديان" قائمةً باسماء الممولين الرئيسيين للشبيحة، جمعها بناء على احاديث مكتومة مع رجال اعمال في دمشق. وضمت القائمة اسماء اشخاص كسبوا اموالهم بكونهم وكلاء حصريين، او وسطاء او اصحاب امتيازات تجارية لشركات سيارات شهيرة بريطانية، ويايبانية والمانية. وبعض هذه الارباح هي التي تمول آلة القتل شبه العسكرية غير الرسمية في سوريا.
ومع ارتفاع عدد الجثث في سوريا، يبدو ان الحكم يحاول تصوير نفسه كوسيط نزيه، يعمل بجد لحماية موزاييك سوريا الطائفي الهش والفصل بين "العصابات المسلحة" للجماعات المختلفة.
وليست الفكرة جديدة تماماً. فخلال حملة اغتيالات سابقة، كانت طائفية بصورة رئيسية قادها الاخوان المسلمون بين 1979 و1982 خطرت للنظام فكرة تشكيل ميليشيا مدنية مسلحة كخط دفاع اخير.
ولكن في تلك الايام كان يمكن تشكيل ميليشيا من صفوف حزب البعث الحاكم. اما انه لم يعد من الممكن تجنيدهم فهو امر ينبيء بانحطاط الحزب الذي استغلته عائلة الاسد كعربة للفوز بالحكم والاستعاضة عنه بشبكة علاقات عائلية ومصالح اعمال وايد مأجورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق