02‏/09‏/2012

تأسّس الجيش العراقي الحرّ... لكنّ نجاحه مستبعد

 
مع إعلان تأسيس الجيش العراقي الحرّ تواصلًا مع الجيش السوري الحر، يحمى وطيس الجدال حول جديته وجدواه في دولة كالعراق، مع تصاعد الخلافات بين بقايا البعث وتنظيم القاعدة وبعض العشائر السنية حوله.
استبعد سياسيون ومحللون عراقيون نجاح تجربة "الجيش الحر" على غرار ماحصل في سوريا.
وكان عدد من صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت نشر في شهر رمضان الماضي بيانًا يعلن فيه عن تأسيس الجيش العراقي الحر تواصلاً مع الجيش السوري الحر.
وقد خلا البيان من موقعين عليه، غير أن تسريبات أشارت إلى وقوف المدعو الشيخ طه الدليمي خلف البيان، وهو كما تشير المعلومات المنشورة عنه إلى أنه داعية إسلامي سني.
وأشار البيان الى أن أحد أسباب تأسيسه هو أن يكون داعمًا لنظيره السوري وصدّ الاحتلال الإيراني للعراق، حسب حد وصف البيان. "نعلن عن تشكيل الجيش العراقي الحر ليكون سندًا للجيش السوري الحر، ويحل محل الجيش العراقي الحالي“.
وقد توالت الأنباء في وسائل الإعلام العراقية حول هذا الجيش الجديد، الذي بدأ في محافظة نينوى شمالاً، وسط توقعات بأن يمتد إلى الأنبار غرباً وديالى شرقاً، وفق ما حذر منه أحد أعضاء مجلس محافظة نينوى الحكومة العراقية للتعامل بجد مع بيانات كهذه.
لكن عضو ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي سعد المطلبي، قلل من الهالة الإعلامية، التي أعقبت نشر بيان تأسيس الجيش العراقي الحر، حيث وصفها بالمفرقعات الإعلامية، مستبعداً نجاحه، لعدم وجود الحاضنة الاجتماعية له.
ويرى المحلل السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي أنه وحتى الآن لا يوجد ما يثبت تأسيس مثل هذا الجيش على أرض الواقع، على الرغم من أن الكثير من الجماعات المسلحة بدأت بتوحيد جهودها في الآونة الأخيرة، إلا أن هذا الأمر مستبعد، على حد تعبيره.
فيما قال المحلل السياسي وليد عبد الله شناوة لـ"إيلاف" إن الجيش العراقي الحر صناعة إيرانية اعلامية وأكذوبة تلقفتها وسائل الاعلام العربية. مضيفًا بعدم نجاح هكذا تجربة لأسباب، أهمها النظام السياسي العراقي والدستور والانتخابية الدورية، إضافة إلى تراجع تسليح الجيش العراقي مقارنة بالسوري، وأن معظم المنتمين إلى الجيش السوري الحر انشقوا عن الجيش السوري النظامي، فيما الجيش العراقي الحر حسب بيانه لا يشير إلى أي منشق عسكري عراقي، إضافة إلى أن الجيش السوري الحر يلقى دعمًا مباشرًا وغير مباشر من الجانب الأميركي وحلفائه في المنطقة، واميركا لا تسمح بأي تنظيم مسلح يفشل جهودها التي تواصلها حتى الآن في العراق.
مرجّحاً أن تكون الغاية من داعمي هذا التأسيس مواصلة اضعاف الحكومة العراقية لتقترب من إيران وتدعم النظام السوري. وتوقع أن يتواصل هذا الضغط إعلامياً ما دامت القوة الأمنية العراقية ضعيفة ومشتتة بسبب ضغوط دول الجوار كلها التي لا تريد عراقًا قويًا بجوارها.
لكنّ أحد السياسيين من محافظة الأنبار، غرباً، قال إن "بين حزب البعث المنحل وشيوخ العشائر جملة خلافات، تتمحور حول تولي بعض الشيوخ وأبنائهم عملية إدارة "الجيش العراقي الحر"، مبيناً أن "حزب البعث يسعى إلى تولي إدارة العمليات التي يتم الترتيب لشنها في البلاد"، موضحاً أن "تركيا تحاول تذويب الخلافات بين الطرفين لتنفِّذ أجنداتها التي تريد إعادة البلاد إلى أعوام الاقتتال الطائفي"، حسب وصفه.
وأشار إلى أن "الحكومة لا تعي حجم المخاطر التي تحيط بها، لكونها تفتقد عنصر المبادرة في الرد على المؤامرات التي يتعرّض لها البلد"، مشيراً إلى أنها "لا تُحسن استغلال نقاط ضعف الجهات المعادية بسبب الخلافات الداخلية التي تعصف بالتحالفات والكتل السياسية التي تدير دفة الحكم".
من جهتها، رفضت قيادة عمليات بغداد الخوض في هذا الموضوع، مشيرة الى أن الأمر لا يعدو كونه "شائعات"، وأكدت أن مجرد الحديث عن تأسيس مثل هذا الجيش يعدّ ترويجاً لمثل هذه الأخبار، في حين قال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب حاكم الزاملي إن بعض محافظات وسط وجنوب العراق والعاصمة بغداد شهدت أخيراً عمليات وصفها بـ"المُنظمة" لشراء أسلحة لمصلحة مجاميع مسلحة مموّلة من بعض دول الجوار، تمهيداً لإنشاء ما سمّاه "الجيش العراقي الحر".
من جانبه، قال الخبير القانوني أحمد الشريفي "إن البيان التأسيسي للجيش العراقي الحر صدر وبث على مواقع الانترنت، وهناك بحدود ثلاث عمليات تم تنفيذها، وصوّرت وبثت على الانترنت".
وأشارت صحيفة هفال الكردية إلى تشكيل ما يسمى بـ"جيش العراق الحر" في المناطق المتنازع عليها من أجل دعم المحور التركي الخليجي.
وتقع المناطق المتنازع عليها على حدود محافظات إقليم كردستان والمركز في نينوى وكركوك وديالى، حيث تضم قوميات من العرب والكرد والتركمان والآشوريين. وأضافت أن "معلومات حصلت عليها تشير إلى أن حارث الضاري هو الذي يقود عملية تشكيل هذا الجيش، وأن أشخاصًا من أتباعه يقومون بحملة من أجل تسجيل أسماء متطوعين للانتماء إلى هذا الجيش في المناطق المتنازع عليها".
ورجّح متابعون عراقيون أن يكون لإهمال ملف الصحوات، التي تشكلت في المناطق السنية، وحاربت تنظيم القاعدة في عام 2007 وما تلاه، دور في تأسيس الجيش العراقي الحر، بسبب تذمر منتسبي الصحوات من تأخر تسليم رواتبهم الشهرية وعدم حسم ملفاتهم بنقلهم إلى الدوائر الأمنية في وزارتي الداخلية والدفاع.
وقد دعت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية الحكومة والقيادت الأمنية إلى حسم ملف الصحوات وتنظيم صرف رواتب عناصرها وتسريع دمجها رسميًا ضمن الأجهزة الأمنية. وشددت اللجنة على ضرورة إيفاء الحكومة بوعودها تجاه الصحوات، ووضع حد للاستهداف المتواصل، الذي تتعرّض له الصحوات من قبل الجماعات المسلحة.
وأكد عضو اللجنة حسن جهاد أمين أن ملف الصحوات أهمل من قبل الحكومة خلال الفترات الماضية، مما جعل من عناصرها عرضة لهجمات المجاميع المسلحة، لدورها الكبير في محاربة المجاميع المسلحة وتطهير كل مناطق التوتر الأمني منها، كما شدد عضو الأمن والدفاع النيابية حامد المطلك على ضرورة إيفاء الدولة بوعودها حيال الصحوات في عموم البلاد، ووقف مسلسل الاغتيال المنظم لقيادات وعناصر الصحوات، التي أسهمت في استتباب الأمن في عموم البلاد.
وكان بيان جديد صدر يوم أمس الأول من أيلول / سبتمبر الجاري يحمل توقيع الجيش العراقي الحر بعنوان "وعد حر" يدين إعدام مُدانين بالإرهاب في العراق أخيراً، متوعداً بالانتقام لهم.
يذكر أن عدداً من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي نشر بياناً في السابع عشر من شهر يوليو/تموز الماضي، قال عنه إنه "البيان التأسيسي للجيش العراقي الحر". وسخرت مواقع قريبة من تنظيم القاعدة من هذا التأسيس، عازية سببه إلى قطف ثمار وجهد التنظيم في العراق وكسب المال.
ويشهد العراق منذ أشهر تراجعًا أمنياً مع ازدياد عمليات قتل عسكريين بوساطة أسلحة كاتمة وعودة ظاهرة السيارة المفخخة التي تستهدف العاصمة بغداد، وسط خلافات سياسية متواصلة بين الكتل، التي لم تتفق حتى الآن على اختيار وزيري الداخلية والدفاع، إضافة إلى رئيس جهاز المخابرات.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق