03‏/09‏/2012

هل سترد ايران إذا هاجمت اميركا سوريا؟

جنود ايرانيون في عرض عسكري في طهران
 
 لم يعد دعم ايران للنظام السوري مجرد تكهنات بل امرا واقعا يقر به حتى المسؤولون الايرانيون انفسهم بل ويتفاخرون به. فمنذ بداية الازمة السورية لم تخف الجمهورية الاسلامية وقوفها الى جانب دمشق وانحيازها الى النظام باعتباره يشكل طرفا مهما في ما يسمى بـ"محور المقاومة" التي ترى نفسها ركنا اساسا فيه.

بات الحديث الان ومنذ فترة يتركز على حجم ونوع الدعم الذي تقدمه طهران لحليفها السوري والى اي مدى ستذهب من اجل انقاذه في حال واجه الانهيار.

ان التحالف الاستراتيجي بين النظامين الايراني والسوري اعمق من ان ينفصم بفعل عوامل داخلية او ضغوط خارجية. ثلاثة عقود من التعاون والتنسيق بينهما، ليس اقلها دعم الاخير ايران في حربها مع العراق، والتقاء مصالح الطرفين، خلق ترابطا عضويا، سياسيا واقتصاديا وفي مجالات اخرى، يصعب تفكيكه.

يرى الكثيرون ان لا خيار آخر امام ايران سوى الوقوف مع حليفها. ويذهب البعض الى ابعد من هذا بالقول ان مصير كل منهما بات مرتبطا بالاخر اكثر من ذي قبل. بل ويرى الايرانيون، معارضةً ومواطنين على حد سواء، ان سقوط النظام السوري سيقلب ميزان القوى في المنطقة وسيضعف نظام الجمهورية الاسلامية ويخلق ظروفا جديدة من شأنها ان تطلق شرارة الحراك الديمقراطي مجددا في ايران.

يتابع الايرانيون باهتمام بالغ ما يجري في العالم العربي وخاصة في سوريا منذ انطلاق الحراك الشعبي هناك العام الماضي، ويعتبرون ذلك مصدر الهام لهم مثلما كانت ثورتهم ضد الشاه والحركة الخضراء من اجل الديمقراطية قبل ثلاثة اعوام محط اعجاب العالم والهاما للشعوب العربية. قالت الناشطة الحقوقية الحائزة على نوبل للسلام الايرانية شيرين عبادي في بداية الانتفاضة السورية العام الماضي انها تعلق امالها على الحراك الشعبي في سوريا مؤكدة ان سقوط حليفة طهران العربية الاولى سيوجه رسالة قوية الى النظام الاسلامي في ايران.

ان احتمال انهيار النظام السوري يثير قلق النظام الايراني بشكل كبير. وكلما اشتد الصراع هناك، اشتدت حدة تصريحات المسؤولين الايرانيين وتصلبت مواقفهم حيال ما يجري هناك وما يرونه مؤامرة خارجية واميركية صهيونية تهدف الى ضرب سوريا و"محور المقاومة"، وبالطبع ما يعني في النهاية ضربها هي.

وتجاهل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي في كلمته الافتتاحية لقمة حركة عدم الانحياز الخميس الماضي ما يجري في سوريا بالكامل تقريبا، ما عدا تلميحه الى ان ليس من حق أي دولة التدخل في شؤون دولة أخرى بحجة الديمقراطية. وهذا يظهر ان القيادة الايرانية ليس فقط لا تعتبر الثورة السورية احدى ثورات الربيع العربي وانما تنظر اليها كجزء من مؤامرة خارجية وعمليات عنف تقودها عصابات مسلحة يجب الوقوف مع النظام ضدها.

ومن هنا تأتي تصريحات المسؤولين الايرانيين لتؤكد هذا التوجه وموقفهم المبدئي من الازمة السورية. وتختلف هذه التصريحات من مسؤول الى اخر. واكثرها تشددا هو ما يخرج عن العسكريين وقادة الحرس الثوري. لكنها كلها تصب في خانة واحدة هي دعم حليفهم السوري بكل الامكانيات وكل الوسائل، الى حد التدخل العسكري.

وهذا ما اعلنه مسؤول بارز في الحرس الثوري السبت الماضي، حينما قال ان ايران سترد اذا ارتكبت الولايات المتحدة أي عمل "احمق" وهاجمت سوريا. ونقل عن محمد علي آسودي مسؤول معاونية الاعلام والثقافة بالحرس الثوري الايراني قوله: "اذا هاجمت اميركا سوريا فسوف ترد ايران مع حلفاء سوريا وهو ما سيمثل خيبة لأميركا".

واضاف آسودي: "اميركا لديها هدف توجيه ضربة لسوريا بالتعاون مع قطر وتركيا والسعودية وهي تقوم بالاعداد لسقوط الحكومة السورية".

وكانت تصريحات اسودي نقلت اولا على موقع نادي الصحافيين الشبان وهي وكالة انباء ذات صلة بالحكومة لكنها ازيلت في ما يبدو لاحقا عن الموقع. ونقلت مواقع اخبارية ايرانية التصريحات ومن بينها صحيفة "جام جام" الايرانية وموقع "بي بي سي" بالفارسية.

ولم يحدد اسودي طبيعة الاجراءات التي قد تتخذها ايران ردا على مهاجمة الولايات المتحدة لسوريا لكنه قال ان حلفاء سوريا سيلتزمون باتفاقية الدفاع المشترك وينفذونها اذا شنت الولايات المتحدة هجوما.

وهذه ليست المرة الاولى التي تنشر فيه تصريحات من هذا النوع في المواقع الايرانية لتحذف لاحقا.

فقد نشرت وكالة أنباء "إيسنا" الإيرانية شبه الرسمية في اواخر شهر آيار(مايو) الماضي، على موقعها، تصريحات للواء إسماعيل قائاني نائب القائد العام لفيلق القدس الجنرال قاسم سليماني قال فيها: "لولا وجود الجمهورية الإيرانية في سوريا لأصبحت دائرة المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري اوسع.. عندما لم نكن حاضرين في سوريا كانت المجازر التي تنفذ بواسطة المعارضين أكبر، ولكن إثر الوجود الفعلي وغير الفعلي للجمهورية الإيرانية تم الحؤول دون ارتكاب المجازر الكبرى".

لكن سرعان ما حذفت الوكالة تصريحاته، دون ان تعلن عن الأسباب.

يرى مراقبون انه مثلما لايوجد امام ايران خيار سوى مواصلة دعمها النظام في سوريا، في المقابل ليس امامها خيارات كثيرة ولا بامكانها عمل الكثير للحيلولة دون سقوطه لو حصل ذلك فعلا، وذلك لاعتبارات لوجستية وسياسية دولية واستراتيجية عديدة هي موضوع آخر يحتاج الى تحليل منفصل.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق