03‏/09‏/2012

الحكومة الأميركية تؤكد استبعادها التدخل العسكري المياشر في سوريا

سكان يتفقدون الدمار الذي احدثته غارة جوية على بلدة عزاز شمال حلب
 
 
جدد مسؤولون أميركيون قبل تسعة أسابيع من انتخابات الرئاسة الأميركية معارضة حكومة الرئيس باراك أوباما التدخل العسكري المباشر في سوريا لجهة إقامة مناطق آمنة للنازحين السوريين أو إمداد المتمردين السوريين بالأسلحة بالرغم من التصعيد الحاد في الشأن السوري ومقتل المدنيين السوريين والمناشدات من أجل الإغاثة التي تطالب بها المعارضة السورية المسلحة. وقال هؤلاء المسؤولون إن قيام الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي بتدخل عسكري في سوريا يبدو أمرا مستعبدا.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول أميركي كبير إنه "على الرغم من توسيع الولايات المتحدة لدورها داخل سوريا إلا أن من غير المرجح أن تقوم واشنطن بشن هجوم عسكري خلال الأشهر القليلة المقبلة أو ربما بعد ذلك". وأضاف: "قد ننجر إلى حرب في سوريا بلا شك، ولكن نحن لم نصل بعد الى هذا القرار".

وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين أميركيين وغربيين يتوقعون أن الرئيس السوري بشار الأسد سيسقط في نهاية المطاف، لكنهم أكدوا أن طول أمد الصراع السوري الذي امتد الى أكثر من 18 شهر يشير الى أن سوريا ستقبع في حرب استنزاف طويلة.

وبالرغم من هذا التقييم القاتم، فإن حكومة أوباما تقاوم الدعوات المتصاعدة في أوروبا من المتمردين وميليشيات الجيش السوري الحر لتوفير الأسلحة وإقامة ممرات إنسانية بحماية دولية أو منطقة عازلة للنازحين السوريين داخل بلادهم.

وقال مسؤول أميركي إن "الموقف النهائي هو أن اقامة مناطق محمية كهذه يستلزم فرض منطقة حظر جوي على سوريا"، مؤكدا أن أي منظمة إنسانية لن تدخل سوريا بدون ضمان حماية من الهجمات الجوية، وهذا يتطلب القضاء على الدفاعات الجوية السورية. وهذا أمر يعتبر منزلقا خطيرا للغاية" في الشأن السوري. واشار المسؤول الأميركي في الوقت ذاته إلى أن جميع الاحتمالات، بما في ذلك التدخل العسكري، لا تزال مطروحة. وقال: "ليس هناك شيء بعد...إننا لن نخوض نقاشا ساخنا. لا يوجد شيء لم نقلب النظر فيه. ونحن نريد أن نفعل أكثر من ذلك. ولكننا نضع ذلك ضد ما من شأنه أن يكون فعالا وفي مصلحتنا".

وبين الحين والآخر يعلن المسلحون السوريون عن سيطرتهم على أجزاء من الأراضي السورية وخاصة في أرياف المدن الرئيسية وبعض الأحياء ويزعمون حصولهم على أسلحة ومهارات عسكرية متزايدة لكنهم يؤكدون أنها لا تضاهي بعد الأسلحة الثقيلة التي تمتلكها القوات الحكومية لذلك فهم يطلبون مساعدة خارجية.

ويعتقد مسؤولون أميركيون أن المتمردين المسلحين قد حققوا تقدما مضطردا، وذلك باستخدام الأسلحة التي استولوا عليها من القوات الحكومية السورية أو التي تلقوها من الخارج ودفعت ثمنها دول خليجية. لكن المسؤولين الاميركيين يشعرون بالقلق من ان تقع الأسلحة التي يستخدمها المسلحون السوريون ضد الطائرات والدبابات السورية، في أيدي المتطرفين داخل المعارضة السورية التي لم تتوحد بعد وأن تحول تلك الأسلحة دون حدوث انتقال سلمى ديمقراطي في حال سقوط حكم الرئيس الاسد.

وقال مسؤول أميركي ممن يشاركون في التخطيط لمرحلة ما بعد الأسد: "نحن قلقون من أن هناك درجة عالية من الاختراق الإسلامي المتطرف في سوريا، ونحن لا نريد وقوع أسلحة في الأيدي الخطأ في وقت لاحق"،

وبالرغم من استمرار تصاعد العنف المسلح في سوريا وارتفاع عدد القتلى ما ينذر بوصول البلاد إلى حافة الحرب الأهلية، فإن حكومة الرئيس أوباما لا تزال غير راغبة علنا في إعلان دعمها العسكري المباشر للمعارضة السورية المسلحة بالرغم من تكرار إدانتها لحكم الرئيس الأسد. غير أن الرئيس أوباما اكتفى بالقول في شهر آب (أغسطس) الماضي إن استخدام الحكومة السورية لمخزونات الأسلحة الكيماوية سيشكل "خطا أحمر" من شأنه أن يغير حساباته. وهو ما فسر في واشنطن على أن الولايات المتحدة لن تعمد إلى التدخل المباشر في سوريا إلا إذا استخدم السوريون أسلحة كيماوية. وقد انتقد المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية ميت رومني موقف الرئيس أوباما إزاء سوريا، لكنه لم يدع إلى التدخل العسكري. كما أن مستشارا كبيرا لرومني رفض الأسبوع الماضي دعوات لفرض "منطقة حظر جوي".

وبالرغم من أن حلفاء الولايات المتحدة مثل فرنسا وبريطانيا وتركيا ودول أخرى في حلف شمال الاطلسي (ناتو) عبروا عن تأييدهم لشكل ما من أشكال العمل العسكري ضد تركيا إلا أن الحكومة الأميركية حافظت على موقفها المتردد حتى الآن، لكنها في الوقت نفسه تركت حليفها الفرنسي إلى توضيح ذلك حيث قال وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس إن الرد الغربي سيكون "هائلاً وصاعقاً" إذا ما استخدمت الحكومة السورية الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. واشار في مقابلة مع قناة "بى أف أم تى فى" الفرنسية يوم الاثنين إلى أن الأسلحة الكيماوية تمثل خطرا كبيرا للغاية وأن الحكومة السورية اعترفت أن لديها اسلحة كيماوية وبيولوجية". وقال فابيوس إن باريس تناقش هذا الأمر مع الشركاء بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، موضحا أن موسكو وبكين لديهما نفس الموقف. وشدد على أن "هناك أسلحة كيماوية.. يتم مراقبة ومتباعة تحركاتها. وحول إمكانية عدم اللجوء إلى مجلس الأمن للموافقة على التدخل العسكري في سوريا حال تم استخدام الأسلحة الكيماوية فى سوريا.. أوضح فابيوس أنه "لا يمكن الانتظار لحظة واحدة حيال استخدام هذا النوع من الأسلحة".

وتركز الولايات المتحدة حاليا جهودها في مساعدة حليفها الوثيق، تركيا لتي تأوي جزءا كبيرا من النازحين السوريين الذي تقول الأمم المتحدة أن عددهم وصل إلى نحو 230 الف نازح .

وفيما يواصل المسؤولون الأتراك الدعوة إلى تدخل عسكري خارجي في سوريا لفرض منطقة حظر جوي ومنطقة محمية للنازحين السوريين داخل الأراضي السورية، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال زيارتها إلى تركيا الشهر الماضي لمناقشة دعوة أنقرة للمنطقة المحمية، أن التدابير العسكرية غير قابلة للتطبيق أو قصيرة النظر، طبقا لما قاله مسؤولون أميركيون، ووعدت كلينتون بتقديم مساعدات انسانية أميركية إضافية المساعدات الإنسانية الأميركية.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق