21‏/01‏/2012

سوريا: تخوين وخلافات حول قيادة الجيش السوري الحر



بعد تجلي الملامح العسكرية للثورة السورية شيئاً فشيئاً، بدأت النزاعات تتفشى داخل "الجيش الحر" في صراع على قيادته بعد انشقاق رتب أعلى من مؤسسه رياض الأسعد، بيد أن خلافات المعارَضة وصلت أيضاً إلى حد اتهام المعارِضة لمى الأتاسي، برهان غليون بـ"مثير الفتن" و"الساعي إلى الزعامة".

أثار مقتل ضابط برتبة عميد في الأمن العسكري السوري وضابط برتبة ملازم، اضافة الى ماحصل في الزبداني، في ريف دمشق، من انسحاب للجيش الحكومي وانتصار الجيش الحر، أسئلة عن عسكرة الثورة في سوريا، وهل أخذت منحى جديدًا مع اقتراب مرور عام على بدئها؟.
ويرى البعض أن "عسكرة الثورة بدأ منذ شهور، وأنه أمر واقع، رغم القول إنها مظاهر فردية"، فيما يؤكد آخرون "أن عسكرة الثورة مصطلح لا يناسب ما يحصل في سوريا، فالسلاح بين أيدي البعض هو رد فعل طبيعي على قمع النظام الحاكم، اضافة الى انه مستقبل حتمي".
وسط هذا المشهد، يبدو الجيش السوري الحر أشبه ما يكون في امتحان صعب، فمن جهة عاود اللقاء مع أعضاء المجلس الوطني السوري الذين يؤكدون على سلمية الثورة، ومن جهة أخرى حصل انشقاق ضباط أعلى رتبة من العقيد رياض الأسعد، الامر الذي يثير تساؤلات حول أحقية القيادة في الجيش الحر.
الخلاف هذا ظهر على السطح، ما استدعى وساطات عديدة، يبدو انها نجحت في تأجيل اعلان المجلس العسكري الاعلى، الذي سيقوده العميد المنشق مصطفى الشيخ الاعلى رتبة.
في هذا السياق، أوضح الناشط عبد الرحمن الخطيب "ان الخلافات بين ضباط الجيش الحر بدأت، والسبب الرئيس هو طلب بعض الضباط المنشقين الأعلى رتبة أن يكونوا قادة لهذا الجيش، بينما يرفض العقيد رياض الاسعد، ووجهة نظره أن له الأقدمية بعد حسين هرموش، وأنه من ضحّى بنفسه وبيته وعائلته، وكان اول المنشقين".
السبب الآخر شعورهم بالغبن في توزيع المساعدات على المنشقين، وهذا الأمر ربما "لا يدركه بعضهم بأن ما يصل إلى رياض الأسعد أصبح أقل من القليل، بعد إغلاق حساب الجيش الحر في تركيا".
ورأى الخطيب "أن الاسعد محق في وجهة نظره، وهم محقون أيضًا، لأن من حقهم أن يكون لهم ما يكفيهم بعد انشقاقهم، إضافة إلى أن هناك رتبًا منشقة وصلت إلى عميد".
إلا انه اعتبر أن المشكلة الأكبر هي عملية التخوين في ما بينهم، معلقاً ان "هذا ما كان ينقص الشعب والثورة"، ودعا "من لديه ذرة من الوطنية أن يتدخل من أجل توحيد الصفوف، وكفانا تفرقة بين معارضة الداخل والخارج، وبين أعضاء المجلس، وبين السوريين من الطوائف المختلفة".
من جانبها اعتبرت الناشطة السياسية لمى الأتاسي في صفحتها على فايسبوك ان الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني بعد اتفاقه ولقائه الأخير مع الجيش الحر عاود للقاء العميد المنشق مصطفى الشيخ.
وخاطبت الاتاسي غليون قائلة "سمعنا أنك تشجّع على حدوث انشقاقات في الجيش السوري، وأكدت المعلومات الموثقة لقائك بالضابط المنشق مصطفى الشيخ لاغيًا أهمية وقيادة الجيش السوري الحر، وهنا انت تشجّع المذكور على الفرقة وتشتيت الصفوف وللمرة الأولى سأسألك: لمصلحة من تعمل؟".
وأشارت الى "انهم أرادوا تنحيتك عن منصبك ومن معك، لكنك تمسكت تمسك الأسد بكرسيه، وهنا اسألك أين حسك الوطني وكرامتك، وانت اصبحت مرفوضًا، كل هذا يجعلني استنتج انك تمشي في مخطط تخريبي".
وأكدت ان تصرف غليون لا ينبع من عدم خبرة، مستدلةً بأنك "من يثير الفتن كفضيحة هيئة التنسيق، وتمضي بيدك (غليون) وهذا فيه تجاهل للجيش الحر، والأهم رفض التدخل ومن يشق الصفوف باتهام المعارضين والدسيسة بين الطيبين فهو انت، من يدخل في صفوف الثورة مشترطًا الزعامة، وهو ليس اهل لها، فهو ليس وطنيًا، لان من يريد ان يثور فلوجه الله والوطن".

في غضون ذلك، ظهر بيان للمقدم المظلي المنشق خالد يوسف الحمود، حيث تكلم "باسم قائد الجيش الحر العقيد رياض الأسعد"، فقال "بعد لقائنا بأعضاء المجلس الوطني أيقنا تماماً بأن هؤلاء الناس لا يمثلون بطروحاتهم وبرنامجهم الثورة وما يتطلع اليه الثوار على أرض الواقع، إن المجلس بأعضائه ومكتبه التنفيذي ليسوا أكثر من عبء على الثورة وبعيدين كل البعد عن معانات شعبنا المقهور، وبالتالي نطالب الشعب بإسقاط الشرعية عنهم".
واعتبر أنه "اليوم لم تعد تفيد المجاملات والمماطلات أمام القتل المستمر من قبل النظام المجرم، ونحن كعسكريين في الجيش الحر، وباسم الشعب السوري، نطالب على الفور كل قوى الحق والعدالة الدولية بالتدخل عسكريًا، وتوجيه ضربات عسكرية موجعة لتدمير وتفكيك آلة القتل الأسدية على قاعدة المصالح المشتركة للتخلص من هذا النظام المجرم، على غرار ما حدث في البوسنة، وبالتالي تحقيق حلم السوريين في بناء دولتهم المدنية على أساس العدل والحرية والديمقراطية".
في هذا الإطار وقع "مواطنون سوريون، علويو المولد" بيانًا أكدوا فيه على وحدة الشعب السوري بكل أطيافه الدينية والقومية، والعمل على بناء دولة حرة ديموقراطية تحفظ حقوق مواطنيها بالتساوي، وهذا يتم بداية بإسقاط النظام الاستبدادي الحالي.
وطالب البيان الجيش السوري بالتوقف عن تنفيذ أوامر القتل ضد المتظاهرين السلميين.
كما دان "أعمال القمع الوحشية، التي يقوم بها أزلام النظام (الشبيحة) أيّاً كانوا، ولأي جماعة دينية أو قومية انتموا".
وذلك إضافة الى استنكار "أية ممارسات وتصريحات طائفية تصدر من معارضين"، مطالباًً قوى الثورة بإدانة مثل هذه الممارسات والتصريحات، "كما دعا جميع أبناء سوريا بانتماءاتهم كافة إلى التوقيع على هذا البيان.
وتبنى الدفاع عن الحقوق المدنية للمواطنين السوريين من كل أطياف المجتمع السوري في وجه من يتعدى عليها أيّا كان".
ودعا أحد الموقعين على البيان، الناشط وسيم حسن في تصريح لـ"ايلاف" المواطنين السوريين "العلويين وأبناء الأقليات المتخوفين مما سيلي انهيار النظام، إلى المشاركة في إسقاط النظام القمعي والمساهمة في بناء الجمهورية السورية الجديدة، دولة القانون والمواطنة" مؤكدًا ان البيان يؤكد عمق تلاحم الشعب السوري.
الجيش السوري الحر
الجيش السوري الحر هو مليشيا أعلن عن تأسيسه ضباط مُنشقون عن الجيش العربي السوري في تاريخ 29 تموز/يوليو 2011 لدعم المُتظاهرين السوريين وحمايتهم، تحت قيادة العقيد المُنشق رياض موسى الأسعد.
نص البيان التأسيسي:
"انطلاقاً من حسّنا الوطني وانتمائنا إلى هذا الشعب، وما تتطلبه المرحلة من قرارات حاسمة لوقف مجازر هذا النظام، التي لم تعد تُحتمل، وانطلاقاً من مسؤولية الجيش لحماية هذا الشعب الأعزل الحر، نعلن عن تشكيل «الجيش السوري الحر» للعمل يداً بيد مع الشعب لنيل الحرية والكرامة وحماية الثورة ومقدرات البلاد، والوقوف في وجه الآلة العسكرية اللامسؤولة التي تحمي النظام. وندعو الشرفاء من الجيش وما أكثرهم إلى الانشقاق الفوري عن صفوفه، والانضمام إلى الجيش السوري الحر. واعتباراً من هذه اللحظة، سيتمّ التعامل مع قوات الأمن، التي تقوم بقتل المدنيين ومحاصرة المدن، على أنّها أهداف مشروعة، سنقوم باستهدافها في كل أنحاء الأراضي السورية من دون استثناء".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق