26‏/07‏/2012

السيناريوهات المخيفة التي قد تواجهها سوريا بعد سقوط الأسد (1-2)


أشرف أبو جلالة
قد تواجه سوريا عدة احتمالات في مرحلة ما بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، ومنها استمرار أعمال العنف الطائفية في البلاد، إضافة الى حصول تنظيم القاعدة على موطئ قدم له وسيطرته على بعض الأمور، فيما الاحتمال الثالث المرعب يتعلق بمصير الأسلحة الكيميائية لدى دمشق وإلى من ستؤول في حال سقط النظام.

في وقت لا يمكن فيه لأحد أن يتوقع نهاية سعيدة وشيكة لعمليات قمع الثورة التي تشهدها سوريا منذ بدء الانتفاضة الشعبية هناك قبل أكثر من 16 شهراً، أعدت مجلة التايم الأميركية خمسة سيناريوهات وصفتها بـ "كوابيس سوريا الخمسة" لأمور من الممكن أن تتدهور وتزداد سوءًا في حال قادت الظروف نحو انهيار نظام الرئيس الأسد.
وأسهبت المجلة في حديثها عن تلك السيناريوهات الخمسة، وأوردتها في عدة نقاط سنقوم بطرحها على جزئين، وسيضم الجزء الأول ثلاثة من تلك السيناريوهات وهي كالتالي :
1- استمرار أو احتدام حمام الدم الطائفي :وهنا لفتت المجلة إلى عدم نجاح المحاولات المتكررة من جانب العرب لإقناع الأسد بالخروج الآمن من السلطة، في الوقت الذي يدير فيه النظام أقلية، من قبل الطائفة العلوية، مدعومةً من جانب المسيحيين والدروز وباقي الأقليات ونخبة من الأغلبية السنية.
وأكدت التايم أن السر وراء صمود قوات النظام وعزمها على مواصلة القتال، رغم انشقاق كثيرين، هو تخوفها من المصير الذي قد تلقاه في حال انتصرت الثورة في النهاية. وحتى إن أبدى الأسد رغبة في الرحيل، رغم عدم ظهور إشارات دالة على ذلك، فإن الذين يقاتلون من أجل نظامه سيحتفظون على الأرجح بتسليحهم وتنظيمهم ورغبتهم في الدفاع عن مصالحهم الخاصة مهما كان الثمن. وأوضحت التايم أن الحل الواضح، وفقاً لمسؤولين أميركيين، هو أن تتواصل المعارضة مع العلويين والمسيحيين وباقي الأقليات، وتبعث لهم برسائل طمأنة بخصوص وضعيتهم في مرحلة ما بعد الأسد. لكن المشكلة تتمثل في عدم وجود مركز قيادة سياسي واحد ذي مصداقية يمكنه التحدث نيابةً عن حركة المعارضة وحقيقة أن استمرار ذلك منذ بدء الانتفاضة يعتبر إشارة مزعجة على احتمالات الاستقرار بعد رحيل الأسد.
ثم نوهت المجلة للمحاولات، التي لم تتكلل بالنجاح أيضاً، للقوى العربية والغربية، بعد أن قضوا أكثر من عام في سبيل تحويل المجلس الوطني السوري، الذي يتواجد في الخارج، إلى قيادة وطنية بديلة ذات شرعية. حيث ظل المجلس منقسماً وغير فعّال ويفتقد الشرعية بين جماعات المعارضة المحلية التي تحظى بشعبية على أرض الواقع.
كما لفتت المجلة إلى أن غياب قيادة سياسية متماسكة للتحكم في الميليشيات الثورية أثار احتمالية نشوب حالة من الفوضى في مرحلة ما بعد الرئيس الأسد، فضلاً عن أن البطالة بين السوريين المقاتلين تشكل نسبة قدرها 58 % لا تبشر بالخير بالنسبة لإمكانية تسريح التشكيلات المسلحة التي قامت بشن الهجمات بقيادة الثورة المسلحة في البلاد.
ومضت المجلة تقول إنه قد تكون هناك حاجة لوجود قوات أجنبية على الأرض لا لتنفيذ مهام تعنى بإسقاط الأسد، وإنما لوقف موجات العنف المتوقع نشوبها بعد رحيله. وتبقى المشكلة، حسب ما أكدت التايم، وهي أن الحوار الذي من الممكن أن يبدأ فور رحيل الأسد عن السلطة قد يتم من خلال القنابل والرصاصات وليس على مائدة التفاوض.
2- ملء فراغ ما بعد الأسد بالجهاديين:
حيث أكدت المجلة أن تواجد عناصر تستوحي طريقة عملها من تنظيم القاعدة في الثورة السورية يعد واحداً من الأمور التي جرى إثباتها منذ فترة طويلة – وقد خلصت الاستخبارات الأميركية أن بعضاً من التفجيرات الانتحارية التي نفذت من قبل في دمشق كانت نتاج أعمال مثل هذه الجماعات. وسبق لزعيم تنظيم القاعدة الجديد، أيمن الظواهري، أن دعا في شباط/ فبراير الماضي الأنصار في لبنان والأردن والعراق بالانضمام من أجل مقاتلة نظام الأسد، ويبدو أن عدداً قد استجاب لتلك الدعوة.
ومضت التايم تقول إن ليبيا واليمن مثالان حديثان على الطريقة التي يشكل من خلالها انهيار نظام استبدادي فرصة للجهاديين كي يبقوا على حظوظهم، وهو نفس ما سيحاولون فعله في سوريا. وقد سبق للولايات المتحدة أن نشرت فرقاً تابعة للسي آي إيه على حدود تركيا الجنوبية لتدريب الجماعات الثورية على تلقي مساعدات عسكرية أجنبية. ثم شددت على ضرورة أن تستفيد واشنطن من تجربتها في أفغانستان، وأن تدرك مدى النفوذ الضئيل الذي قد تجنيه من خلال إمداد متمردين بالسلاح.
وأضافت التايم أنه حتى في أحسن السيناريوهات، من المحتمل أن يعزز سقوط الأسد المتشددين السنة في دول الجوار، خاصة مع انخراط سلفيي لبنان بالفعل في الأحداث، وهو نفس التأثير الذي يمكن استشعاره في العراق كذلك. ومما لا شك فيه أن الجماعات السنية اللبنانية ستنظر إلى انهيار نظام الأسد باعتباره خطوة هامة لإضعاف حزب الله وكذلك باعتباره فرصة لرد الهزيمة التي سبق وأن لحقت بهم من قبل.
3- فك القيود عن الأسلحة الكيميائية :
 فقد بات مخزون نظام الأسد من تلك النوعية من الأسلحة مثار نقاش على نطاق واسع من جانب القوى الغربية وإسرائيل مع بدء تعرض النظام هناك لحالة من الاضطراب. وقالت المجلة إنه ربما تم تضخيم المخاوف التي تحدثت عن إمكانية لجوء الأسد الى تلك الأسلحة في محاولات لتقليل قمعه لحركة المعارضة الداخلية الساعية الى إسقاطه.
وأعقبت المجلة بتأكيدها أن مشكلة الأسلحة الكيميائية قد تصبح أكثر خطورة في مرحلة ما بعد الأسد، ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي، يوم الاثنين الماضي، قوله إن الأسد يتعامل مع الأسلحة الكيميائية بصورة جادة، وأنه بدأ يتخذ خطوات حقيقية لتجنب وقوعها في أيدي الثوار، وذلك عن طريق نقلها الى أماكن أكثر بعداً عن ساحات القتال. بينما قال وزير الخارجية السوري، في نفس اليوم، إن تلك الأسلحة ستحفظ في أماكن آمنة، ولن تستخدم إلا في حالة الاعتداء الأجنبي.
وتابع المسؤول الإسرائيلي حديثه مع هآرتس بقوله إنه وفي الوقت الذي لا توجد فيه إشارات دالة على أن الأسد يعتزم نقل الأسلحة الكيميائية إلى حزب الله ويسعى الى تأمينها بعيداً عن الثوار، فإن إسرائيل لا تزال قلقة للغاية لأنه من الصعب معرفة ما إن كانت تلك الخطوات ستكون كافية في ذلك اليوم الذي يصبح فيه الأسد خارج السلطة أم لا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق