(رويترز) - بدأ المنشقون على الجيش السوري شن هجمات على القوات الحكومية مما يعرض الاحتجاجات الشعبية في سوريا والتي يغلب عليها الطابع السلمي لخطر الانزلاق إلى حرب أهلية طائفية لها عواقب اقليمية أوسع نطاقا.
وحاولت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الاسد يوم الثلاثاء السيطرة على بلدة استولت عليها قوات عسكرية انضمت للمعارضة في حين أفادت تقارير من بلدات أخرى بتوحيد مقاتلين لصفوفهم.
التفاصيل غير واضحة على الاطلاق ويقول دبلوماسيون ومصادر أخرى ان الوحدات المنشقة تبدو "خليطا" قد يجد صعوبة في شن قتال مستمر ضد قوات متفوقة عليه.
ويستولي محتجون من حين لاخر على أسلحة لمهاجمة قوات الامن لكن شهودا يقولون ان الاحتجاجات كانت في العموم سلمية. ويضفي ظهور مجموعات من المنشقين على الجيش ذات طبيعة فضفاضة بعدا جديدا على الانتفاضة.
ويقول جوليان بارنز ديسي المحلل المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في كونترول ريسكس لاستشارات المخاطر ومقرها لندن "من الواضح أن استراتيجية المعارضة السلمية تتقهقر في مواجهة رد فعل الاسد الوحشي والدعوة للقتال تكتسب تأييدا بوصفها السبيل الوحيد لازاحة النظام."
وأضاف "السؤال الاساسي هو ما اذا كان هذا سينتشر ويؤدي الى انقسام حاسم في صفوف الجيش؟"
وتعتقد الغالبية أن هذا الاحتمال غير مرجح. ومنذ زمن طويل ينقسم الجيش السوري على أسس طائفية ويسود اعتقاد بأن الوحدات الموالية بشدة للاسد ويغلب عليها العلويون ستظل موالية له. وقد يسفر هذا عن الا يتمتع اي من الجانبين بالقوة الكافية للفوز ويفتح الباب امام اشهر او سنوات من الحرب.
ويقول خبراء إن الخطر يكمن في أن كلا الجانبين يشعران بأنهما لا يستطيعان التراجع فالمعارضة تخشى من الملاحقة والقتل اذا استطاع الاسد تأكيد سيطرته مجددا بينما يخشى العلويون وغيرهم من الجماعات المتحالفة معه من الانتقام اذا رحل.
وفي حين قد يكون لدى البعض في المعارضة السورية التي لا تحظى بدعم كبير نوعا من الطموحات بتكرار نجاح نظرائهم في ليبيا ودخول العاصمة في نهاية المطاف والسيطرة على الحكم فان قلة من المحللين هي التي تعتقد أن هذه نتيجة معقولة يمكن أن تتحقق قريبا.
ويقول انتوني سكينر مدير شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمابلكروفت لاستشارات المخاطر السياسية "من المرجح أن يستغل النظام هذا لتبرير وتكثيف حملته الدموية.
"هذا يزيد خطر انزلاق سوريا الى حرب أهلية."
ويخشى البعض من تحول الصراع الى صراع اقليمي. ففي البحرين أيدت دول الخليج التي يغلب عليها السنة المملكة التي سحقت احتجاجات قادها متظاهرون شيعة كانوا يطالبون بمساواتهم بالسنة في الحقوق وفي الوظائف والخدمات العامة.
وأثار هذا قلقا على جانبي خط التقسيم الطائفي في الشرق الاوسط وقد يتفاقم اذا زادت ايران الشيعية الدعم لحليفها القديم الاسد واقتربت القوى السنية مثل السعودية من دعم المعارضة.
وقال ستيفن هايدمان نائب رئيس معهد السلام الامريكي بواشنطن والمتخصص في الشؤون الاقليمية "سيكون لهذا الكثير من التداعيات الاقليمية خاصة اذا أدى الى اتجاه سوريا نحو التحول الى دولة فاشلة."
واضاف "هناك خطر من أن يفاقم هذا التوترات الاقليمية التي ازدادت سوءا بالفعل بسبب البحرين."
وقد يزيد الاقتتال الطائفي في سوريا التوتر بين تكتلات أصغر في دول مجاورة مثل العلويين والاكراد في تركيا والشيعة والسنة في لبنان.
ويقول محللون ان من السابق لاوانه في الوقت الحالي تحديد ما اذا كان عدد كاف من الجنود السوريين سينشق ليكون قوة تمثل تهديدا عسكريا كبيرا لحكومة دمشق.
ويقول الان فريزر المحلل المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في (ايه.كيه.اي) لاستشارات المخاطر ومقرها لندن "معدل الانشقاقات يتزايد... غير أنه يأتي وسط تراجع أعداد الاحتجاجات على مستوى البلاد والتي بدأت تفقد قوة الدفع في ظل الحملة المستمرة. تهديد النظام سيحتاج الى عدد اكبر كثيرا من المنشقين."
ولم يتضح بعد الى اى مدى تريد حركة المعارضة الاوسع نطاقا والمتفاوتة نوعا ما تبني نهجا اكثر عنفا.
وتأسس الشهر الحالي المجلس الوطني السوري وهو جبهة موحدة للمعارضة هدفها دعم الانتفاضة وهو يرفض مثلما ترفض لجان التنسيق المحلية وهي شبكة من القاعدة العريضة من النشطاء مثلت قوة دفع للمظاهرات التي اجتاحت سوريا على مدى الاشهر الستة الماضية اللجوء للعنف.
ويقول بيتر هارلينج من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "ليس اتجاها على مستوى الدولة... أعد الناس أنفسهم في أجزاء من البلاد... لكنهم مازالوا يظهرون ضبط النفس. وفي أجزاء أخرى لا يستطيعون تحمل تكلفة الاسلحة."
ويقول بعض المحللين إن على المدى الطويل ستكون أقصى آمال المعارضة محاولة التشبث بالامل في أن يؤثر تشديد العقوبات على حكم الاسد. ومن المرجح أن يحرم هذا حكومته من مبيعات النفط التي تمثل نحو 30 في المئة من عائدات الحكومة في حين أن معظم الاقتصاد الاوسع نطاقا يعاني من الركود او التوقف التام.
وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط بمركز الامن والدراسات الدولية في واشنطن العاصمة "خيار ليبيا ليس قائما خاصة لان الاوروبيين والقوى الاقليمية الاخرى لا يريدون لعب الدور الذي لعبوه في ليبيا."
وأضاف "ربما يكون هناك خيار تقديم نوع من الدعم لعمليات سرية للمعارضة لكن يصعب تحديد كيف قد تكون الاستراتيجية."
وتحاول جماعات خارجية تتعاون مع المحتجين السوريين اقناعهم منذ فترة طويلة بأن حمل السلاح هو الطريق الخطأ الذي يجب الا يسلكوه في كفاحهم وتشجعهم على انتهاج أساليب غير عنيفة مثل المقاطعات والاضرابات.
ويقول سرديا بوبوفيتش وهو ناشط صربي شارك في الاطاحة بسلوبودان ميلوسيفيتش عام 2001 ويتعاون الان مع جماعات معارضة على مستوى العالم ومنها جماعات سورية "اي عنف تمارسه قوى المعارضة سيضر بالحركة... سيقلل ايضا من احتمال تحقيق الوحدة بين الشعب السوري وتكوين بديل واقعي."
من بيتر ابس